تاريخ النشر: 20/08/2014
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لكي نلج عالم لورنس ينبغي ألا ننسى أبداً أمرين اثنين: الأول، طبيعة مزاجه، الفردي، والثاني، علاقة هذا المزاج بالمراحل الزمنية، فقد كان لورنس فريداً من نوعه بشكل مميز وشخصيته تمثل عصرنا؛ أنه يبرز بين النجوم المتألقة نجماً صغيراً، متّقداً؛ توهجه أشدّ تألقاً بحيث نفهم عصرنا، ولو لم يعكس عصره ...بصورة شاملة لكان نسي تماماً الآن.
والحال أن أهميته تزداد بإطّراد مع مرور الزمن، هذا لا يعني أنه يزداد ضخامة، ويقترب أكثر من الأرض، كلا، أنه يبقى حيث كان في البداية، يبقى فوق مستوى الأفق بقليل، كنجم المساء، ولكن حالما يحلّ الليل - والليل يزداد حلكة بإطراد - يتلألأ تألقه، وفهمه بصورة أفضل مع تقدم ساعات الليل.
حتى الآن كنا ننظر إلى لورنس من زاوية فرادته، نعاين أوجه شخصيته المختلفة التي يكشف عنها، ما الذي فيه جعله يبرز على نحو إستثنائي بحيث نفهمه فهماً أفضل بدراسته على خلفية عصره، بوضعه إن صح التعبير في تربته ومناخه الخاصين.
في رواية "الأفعى ذات الريش" يقول لورنس عن شخصية تشيبريانو: "لقد كان يمعن النظر في قلب العالم؛ لأن وجوه الناس، وقلوب الناس رمالٌ متحركة عاجزة، والإنسان لا يستطيع أن يعثر على القوة إلا في قلب الكون"... وأنا لم أكتشف ميللر إلا بعد أن أمعنت النظر في قلب لورنس، ذلك أن العالم أشبه بغابة... وولجت قلب العالم فرأيت هذه الشجرة النادرة التي اسميها لورنس؛ رأيت الأوراق الخضراء اللامعة، والأغصان غريبة الشكل، والجذع المقزم... وكلما أمعنت النظر بدا لي أكثر أن هذه الشجرة مقلوبة رأساً على عقب؛ وعلى الرغم الغابة مملوءة بالأشجار إلا أنني لم أعثر على مثيل لها...
هكذا يصور ميللر لورنس بالنسبة له... فقد كان هاماً ضمن حدود تطور ميللر الأدبي، بالإضافة إلى أن لورنس نفذ إلى حياته الخاصة، وفي أوائل العشرينات في نيويورك، كان لرونس موضوع أحاديث عدة دارت بين ميللر وصديقه الحميم اميل شنيلوك، ومع نشر هذا الكتاب "عالم لورنس" يمكن القول أن مسيرة ميللر الأدبية قد اكتملت، إذ لو أن الأمور قد تمّت كما خطط لها، لكان هذا الكتاب قد أصبح كتابه الأول بدل أن يغدو آخر عمل كبير يُنْشر له، وهو يقول عن أعمال لورنس بأن مجموعها يشكل صورة شخصية ضخمة... لقد نظر في مرآة العالم فشاهد إنعكاس صورة روحه العارية... ولورنس هو ديفيد هربرت لورانس (1885- 1930م) أحد أهم الأدباء البريطانيين في القرن العشرين.
تعدد مجالات إبداعه من الروايات الطويلة إلى القصص القصيرة والمسرحيات والقصائد الشعرية والكتابات النقدية، من أشهر أعماله "عشيق الليدي تشاترلي"، كتب في أدب الرحلات وترجم أعمالاً عديدة من اللغة الفرنسية إلى الإنجليزية وله لوحات عديدة مرسومة، وكان التأثير السلبي للحضارة الحديثة على الجوانب الإنسانية للحياة وتجريد هذه الحياة من البعد الإنساني هو محور أغلب أعمال هذا الأديب البريطاني؛ ويرى بعض الناقد أن الرجل أسرف في سوداويته وكذلك في الإعتماد على المشاهد الجنسية الفجة في توصيل أفكاره.
استمر لورانس بالكتابة حتى أواخر أيام حياته بالرغم مما كان يعانيه من مرض وآلام فقد كان شاعراً وكاتباً مسرحياً وناقداً من الطراز الأول وروائياً في المكانة الأولى، ترك ثلاث مجلدات من الشعر وخمس مسرحيات وأربعة كتب في أدب الرحلات، وما يملأ مجلداً كبيراً في النقد الأدبي ومجلدين من المقالات العامة عبر فيهما عن كثير من آرائه في الحياة هما: "التحليل النفسي واللاوي" و"التخيل واللاوعي".
أما ميدان القصة فله عشر روايات طويلة كان أولها "أبناء وعشاق" وآخرها "عشيق الليدي تشارلي" عام 1928م أما أهم رواياته القصيرة فهما: "عروس الضابط" و"الضابط الروسي" وقصص أخرى، وأما ميللر الذي كان مولعاً بالكاتب لورنس، والذي اهتم بتقديم أعماله من خلال كتابه هذا، فهو هنري ميللر (1881- 1980) هو روائي ورسام أميركي، عُرِف عنه عدم رضاه عن الإتجاه الأدبي العام في الأدب الأميركي، وبدأ بإبتكار نوع جديد من الرواية والتي هي عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الإجتماعي والنظرة الفلسفية والتصوف.
وإلى هذا، فإن ميللر يجمع بين نقيضين؛ فهو يمتلك القدرة على التعبير الواقعي ثم لا تعدم وجود أفكار خيالية في أدبه أكثر أعماله تميزاً هي مدار السرطان هنري ميللر، مدار الجدي هنري ميللر، والربيع الأسود، كتب ميللر أيضاً عن أسفاره، ومقالات في النقد والتحليل الأدبي. إقرأ المزيد