من المحرق إلى سجن بيت الدولة
(0)    
المرتبة: 94,468
تاريخ النشر: 07/01/2014
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يتميز أدب السجون بالصدق والبساطة والعمق والشفافية، وهذه المذكرات إنما تمثل مشاهد حية نابضة بالحياة والصدق والعفوية، كيف لهذه المذكرات أن تختزن كل هذه المشاهد والصور كل هذه المدة من الزمن، وكيف لقلب أن يحتضنها ولقلم أن ينسحها بهذه البساطة والشفافية والعمق لتصل إلى القارئ بكل عبق هذه الأمكنة ...وأنفاس البشر، كيف إستطاع هذا القلب النابض بالحب والعشق لهذا الوطن أن يتحمل تلك الأعباء، إنها النار التي تصقل المعادن النفيسة، النار التي تهب الحياة أجمل وأثمن الأشياء.
ورغم الذي حدث لا يزال صاحب هذه المذكرات عبد الله مطيويع يختزن في دواخله كل ينابيع البحرين العذبة الصافية التي لا يعكرها الزمن مهما كان قاسياً صعباً، صافية صفاء النفس البشرية الرافضة للظلم والطغيان والتعسف الطامحة للحياة العزيزة الكريمة.
هذه المذكرات هي جزء من ذاكرة الوطن وسيرة لمناضل كان صادقاً مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الآخرين، لم تكتب هذه الأوراق كترف مني؛ بل كُتبت بالحزن والألم والمعاناة، كُتب بقلب موجوع، عانى الظلام والقهر، ولكن كان يشتعل بالشموخ والكبرياء، فمع كل قراءة تتفتح أمام القارئ أقفال الزنازن في تلك السجون التي مر بها الكاتب في غفلة من الزمن، ليسطر بنبضان قلبه تلك المعاناة الصادفة لتكون شاهداً على تلك الأيام القاسية المضنية من أيام الوطن الذي سكن كيانه ووجدانه، تحمّل من أجل الظلم القهر والنكران ومعاناة التنقل من سجن إلى آخر، تلك الأيام التي مرت وأخذت معها أحصى أيام العمر ولكن تركت قلبه مضيئاً بالأمل والحب.
جرى إعتقال وسجن عبد الله راشد مطيويع (أبو راشد) لأول مرة تاريخ 9 إبريل (نيسان) 1965 وعمره 17 عاماً وهو بذلك أحد ًغر السجناء في إنتفاضة 1965 حيث زج بالعشرات من أبناء البحرين كلها من المحرق، المنامة، سترة، الديه، جد حفص، السنابس، الدراز وغيرها من مختلف الأعمار والإتجاهات؛ على إمتداد عشرين عاماً من إعتقاله وسجنه التقطع أثر إنتفاضة مارس في 9 إبريل/ نيسان 1965 حتى 16 ديسمبر (ك1) 1984 عندما تم إطلاق سراحه بعد إعتقال دام أكثر من ثمان سنوات.
يسرد مطيويع في هذا الكتاب سفر حياة السجون التي تنقل فيها (القلعة، وجدا، وسافرة وجوّ) والتي تمثل جزءاً من حياته وتجربته، أول درس تلقاه من أبوه لحظة تسليمه للشرطة (خليك ريال)، والدرس الثاني من رفيقه في الزنزانة رقم (5) في جزيرة هذا المناضل على دويفر أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحراني، والمبتسم دائماً "أن تموت صامداً وواثقاً بقضية شعبك" التي من أجلها أنت اليوم هنا وأن تصمد تحت التعذيب"، في عرضه لحياته في مختلف السجون في مذكراته هذه، لا يتقيد مطيويع بتسلسل تاريخي، بل تتداخل عنده الحقب، وتداعي الخواطر حول المكان قبل سجن جداً.
في هذا السفر يعرض على القارئ تجربته الغنية بكل الأبعاد والأماكن والشخوص والأجيال التي عاصرها، يعرض مطيويع شخصيات من رافقهم في السجون والمعتقلات لتنظيمات اليسار والحركة العالمية حتى مناضلي الحركة الإسلامية، جميع هؤلاء أقام مطيويع معهم علاقات حميمة وتعلم منهم وتعلموا منه رغم الخلافات وقساوة حياة السجن.
أما المجموعة البشرية الثانية التي كتب عنها فهي مجموعة الجلادني والذين يشملون ضباط وجنود الامن والمخابرات والمعذبين والمحققين، من مختلف الجنسيات، إنجليز، بحرنييون، يمنييون، بدو، وبلوش ومرتزقة والقليل منهم ذوو نزعة إنسانية، ولم ينس مطيويع أن ينوه بهم، في تجربته مع هؤلاء الذين تجردوا من إنسانيتهم ويعرض على القارئ شخصياتهم غير السوية وتجليات القسوة والحقد؛ كما أنه لم يفعل عن ذكر هؤلاء ذوي الجوانب الإنسانية أيضاً.
يسرد الكتاب مشاهد من البطولة والمعاناة، الألم والأمل للمناضلين من خلف القضبان، لتشكل جزءاً من ملحمة نضال شعب البحرين، وأخيراً يمكن القول بأن هذا الكتاب يندرج في إطار ومذكرات تؤرخ للنضال الوطني الحديث لشعب البحرين، في إحياء لذاكرة الوطن حتى لا يلفّها النسيان. إقرأ المزيد