تاريخ النشر: 01/01/2011
الناشر: المكتبة الشرقية
نبذة نيل وفرات:"ألف ليلة وليلة" مجموعة من الحكايات التي لم يتفق، بعد، أن اجتمع مثلها في كتاب واحد، فهي تتناول أخبار الإنس والجن، والأرواح والملائكة والعفاريت، الإنسان والحيوان، الرجال والنساء، الموتى والأحياء، الحكام وأبناء الرعية، اللصوص والأشراف، التجار والصنّاع والبحّارين والفلاحين، السرقة والقتلة والسحرة والمحتالين والنصابين والحشاشين، الأسخياء والبخلاء، العقّال والجهلة، ...الصادقين المستقيمين والمنافقين المواربين، رجال الدنيا والدين، لكتاب والشعراء والفلاسفة والعلماء والفقهاء والأطباء، إخوان الصفا والإخوان الأعداء، المحبين المتهتهين، والعشاق الخادعين والمخدوعين.
وتتناول أخبار البنات والأمهات والزوجات والأخوات، والنساء الماكرات الفاسقات والمحتالات، والنصابات، والنساء العالمات، الحاكمات، الساحرات، العواقر، وسارقات السراقين، النساء اللواتي يحببن الحيوانات، والحيوات التي تحب النساء، وتتناول أخبار السباع والطباع والأسود، والفيلة والدببة، الطيور والحيّات والأسما: الخيل والبغال والحمير، الكلاب والهررة، القمل والنمل والبراغيت.
وتتناول أخبار البحار والأنهار، الممالك والإمارات، الجبال والأودية، الجنائن والأجام والأدغال والغابات... الأجواء وقعور البحار، القرى والمدائن، الحوانيت والحمامات والخانات... وتتناول أخبار الكنوز المرصودة والجواهر الفريدة، والطلاسم والقماقم، السحر والأفيون، عجائب الأمور وعجائب المخلوقات، الصناديق المقفلة على حوريات، والقناني المختوم فهيا على مروة...
هذا العالم المسحور حيث تختلط الأجناس والأعراق والخلائق، يصير الإنسان حيواناً ثم يعود إنساناً، يطير الجواد، ويزحف الطائر، ويتحجر الناس، وتتجمد المياه، وتترمد المخلوقات، وتتبختر العفاريت، وتتقلص المردة، وتتكلم الحيوانات لغة الناس والناس لغة الحيوانات، هذا العالم المسحور حيث تتنقل بين مدائن العقيق والنحاس والمرمر والرخام، في مدائن الأعمدة والقناطر والرواقات، بين قصر الذهب والقصر الأبلق، بين وادي النار ووادي الكلاب... وقمم الجمال حين عجائب المخلوقات: رجال طول الواحد منهم خمسون ذراعاً وأنيابه خارجة من فمنه كأنياب الفيل، ورجال أصواتهم أصوات العصافير...
هذا العالم المجنون حين يتبوأ عروشاً عالية، مرعش ملك الجن وسليمان ملك الناس والعفاريت والملائكة والحيوان، لأب ملك السحرة، دولة خاتون وبديعة الجمال، حاسب وملكة الحيّات، ملك الموت والملك الأزرق، جليعاد وابنه ردخان، خسرو وزوجته شيرين، أبو مرّة وإبليس، إلى جانب شاه زمان وشهريار...
هذا العالم المجنون حيث خاتم لبيك، والقماقم السليمانية، والسيف الماحق، وبساط الريح، والمركب الغواص، والماشي على قدميه أياماً بلياليها فوق أديم البحر، والحصان الطائر... والمرايات التي يرى فيها العالم، وقماقم العاج التي ينظر فيها الوجود... هذا العالم الصاخب في هذا الكتاب العجيب الذي فيه من القوى الخارقة، ووصف المعارك والحروب، وتصوير المآثي والأبطال ما لا يستطيع أن يشمخ عليه هوميروس... والذي فيه من الالوان والأنغام، والوجوه العجيبة، والأصوات الغريبة، والتصرفات الشاذة المريبة، وتصوير لمختلف التحسسات والملذات والعواطف ما لو جمع وقيس بما بلغ إليه عشرات الرسامين، والموسيقيين، والقصاصين لما جاؤوا بمقداره ومثله... هذا العالم الصاخب.
في هذا الكتاب العجيب، حيث لا تضيع الفكاهة، ولا تفقد النكتة، ولا يغيب الوصف الدقيق لعادات الناس وتقاليدهم، لطباعهم ومناقبهم، لصفاتهم وأزيارتهم وأحوال معيشتهم، وحيث الله دائم الحضور في عيون أخباره واللائذين به، والملائكة لا تخيّب آمال الصالحين، ولا يتقاعس الشياطين والعفاريت في خدمة أزلالهم، ولا ينبو الجن عن أشياعه.
هذا العالم المسحور، الصاخب المجنون، العجيب الغريب، كله، يروح ويجيء، يهدأ ويتحرك، يسكت ويصرخ في "ألف ليلة وليلة" على أروع ما يكون الذهاب والإياب، الهدوء والحركة، السكوت والصراخ، وهو حيّ في أصخب ما تكون الحياة، نابض بالخلق، مثقل بالحكمة، ممتع باللون والنغم، يستحيل أن يكون من خلق دماغ بشري واحد، وخيال بشري واحد؛ لأنه يستحيل على الدماغ البشري الواحد، أو الخيال البشري الواحد، أن يتفتّقا عن قدر ما يظهر في "ألف ليلة وليلة" من أشياء وأشياء.
وقد يكون في هذا ما يرتفع "بألف ليلة وليلة" إلى مصاف الملحمات العالمية، والروائع الإنسانية الخالدة، أما أسلوب "ألف ليلة وليلة"، فهو أسلوب الحكاية من بدايته إلى نهايته، في أسلوب مبسط سهل وسلس، رائعاً كعين الديك، ليس فيه من تكلف، شعبيَّ من الشعب وإلى الشعب، رشيق هنا، وبليد هناك، عبوسٌ هنا، وباسمٌ هناك، وقور هنا، وسوقيٌّ هناك، صحيح هنا ومتغلغل هناك؛ يتبسط بالوصف في مكان، يكرّ بالسرد في آخر، يترصّن مع الحكمة في مكان، ويخفف مع الصلف في آخر، يتجهل عند الوقائع في مكان، ويحمل على المتعة في آخر، يقول ويفيد في مكان، وينشد ويوحي في آخر، أسلوب مرسل ومسجع، ينثر وينظم، يشتدّ ويلين، يعرب ويطلق وفق ما تجد الحاجة مكاناً لهذا النحو من الكتابة أو لذاك.
وبإختصار... أسلوب الحكايات، وكيف يجب أن تُحكى، وهو أسلوب "ألف ليلة وليلة" ولو أن حكايات "ألف ليلة وليلة" كتبت على طريقة ابن المقفع، أو الجاحظ، أو ابن عبد ربه، لكان يجب أن تعاد كتابتها عن جديد بطريقة "ألف ليلة وليلة" وبالأسلوب الذي تجد نفسها فيه هذه الحكايات.
وعليه، ويكفي للتدليل على سعة إنتشار "ألف ليلة وليلة" أن تهافت على نشرها مطابع عربية وغربية مختلفة، وهي لا تزال في طلاب دور النشر الحديثة، ثم كانت أسبق المؤلفات العربية نقلاً إلى اللغة الأجنبية، فعرفت ما يزيد على المائة سنة، ترجمات عديدة أهمها الفرنسية والإنكليزية، فكانت مطلاً من المطلات للغرب على الشرق.
وقد ساعدت الطبعة التي هذّبها ووقف عليها، الأب انطون صالحان اليسوعي، بما بذل فيها من جهد، وخصّها من إتقان، على توسيع مدى هذا الإنتشار.
وفي هدف أداء رسالة النشر والتعميم، تخرج هذه الطبيعة التي تميزت بالإتقان والتبويب، والحرف الأنيق حيث يجب فيها القارئ كتاباً من أفضل ما في المكتبة العربية، يوزعه أخباره إلى قصص تحمل كل واحدة منها عنوانها المستقل، ويلفت النظر تلك المقدمة التي تتحدث عن واضع الكتاب، وسيرة الكتاب، والقالب الذي أعطي له، وما هو هذا الكتاب "ألف ليلة وليلة". إقرأ المزيد