لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0

الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة

(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 56,265

الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة
17.00$
20.00$
%15
الكمية:
الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة
تاريخ النشر: 14/09/2012
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:في عام 2007 لم يعد بشار الأسد ذلك الوريث الشاب الذي يفتقر إلى الخبرة، والذي انتخب على عجلة إثر وفاة والده حافظ الأسد، الذي حكم البلاد ولأكثر من ثلاثة عقود، فبعد أن واجه بشار القوة العالمية الأولى، أصبح بجمع صفات الزعيم؛ ومن ثم انتصر النظام السوري في أول إستعراض ...للقوة ضد التحالف الغربي.
وعليه، فإن دمشق تفتخر بالبقاء على موقفها وتكرر شعاراً ذا طابع تقدمي قد يصل إلى درجة التهديد: من يعزل سورية يعزل نفسه عن المنطقة، بعدها بسنة واحدة، في تموز 1 يوليو 2008، يصل بشار الأسد إلى باريس ويحضر إحتفالات العيد الوطني الفرنسي على جادة الشانزإليزيه، ومن المنصة الرسمية، إلى جانب رؤساء دول آخرين، الأمر الذي شكل إنتصاراً كبيراً لهذا الرجل البالغ من العمر آنذاك اثنين وأربعين عاماً والذي كان نظامه مرشحاً للإنهيار عام 2005.
علاوة على ذلك يحظى الرئيس السوري بشعبية كبيرة في العالم العربي، بفضل إنتقاده اللاذع لكل من إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما العرب، وبذلك يجذب أسلوب بشار الشعوب العربية بسهولة، كذلك توقظ "مقاومة" بلاده أحلام هذه الشعوب بالإستقلال.
من جانب آخر، نجح بشار الأسد في ترسيخ سلطته داخل حزب البعث الثوري، وداخل عائلته، إضافة إلى الجهاز الأمني - العسكري، ويبدو مسيطراً على محيطه الذي جعل منه "ملكاً"، وذلك من خلال ممارسته الكاملة للسلطات الواسعة التي يتيحها النظام الرئاسي المتمحور حول شخص الحاكم، والذي وضعه حافظ الأسد وبلوره، ومن ثم نجح بشار الأسد في فرض نفسه في شتى المواجهات، وهاهو يحاول فرض بلاده كلاعب أساسي على ساحة الشرق الأوسط.
لقد اتخذت الجمهورية العربية السورية مساراً غير متوقع وتوجهات معقدة، فهذه الدولة التي وبعد نشأتها خرجت بصعوبة من صدمة النكبة مع طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين إثر إعلان دولة إسرائيل، قد عاشت بعد ذلك صراعات داخلية بين سياسة شكلها تماماً، في الوقت الذي كانت تخضع فيه لصراعات إقليمية ولمحاولات الدول الغربية لأحكام قبضتها على البلاد، بعدها انتهى الأمر بسورية إلى التخلي على سيادتها بربط مصيرها بمصير مصر جمال عبد الناصر، قبل أن يعيد العسكريون هذه السيادة إلى دمشق، في العهد الأول للشعبيين، أي بدءاً من عام 1963 شرعت سورية في تحديد ملامح سياستها الخارجية بنفسها، لكن اللواء حافظ الأسد هو الذي جعل من الدولة قوة إقليمية حقيقية، مسيطراً في الوقت نفسه على الساحة الداخلية في عام 1976.
بعد بضع سنوات حطم كل من الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة الوجود السوري في لبنان، بينت أن سورية حافظ الأسد نجحت بعد هزيمة عام 1982، عندما تمركز الجيش السوري في بيروت، وفي عام 1980 اتضح أن سورية نجحت في فرض سيطرتها الكاملة على لبنان لكنها اضطرت للمغادرة بدءاً من عام 2005، وسعت مذّاك إلى إيجاد تعويض عن هذه الخسارة، حتى وعتها القوى الغربية عام 2007 إلى مساعدتها على إرساء الإستقرار في بلد الأرز.
لا شك إذاً في أن سورية حافظ الأسد وبشار الأسد قادرة على المقاومة قدرتها على التأقلم مع ظروف شديدة الصعوبة، وكأن هذه الدولة، التي كانت تحلم بأن تمتد على مساحة بلاد الشام، وقسمتها بريطانيا وفرنسا بعد الإنتصار على الإمبراطورية العثمانية، وأصبحت مضطرة إلى السيطرة على دول الجوار حتى لا تتحول هي الأخرى إلى مسرح للصراعات العربية والدولية على غرار الجار اللبناني من حافظ الأسد إلى بشار الأسد تبقى الإشكالية نفسها، إشكالية موقع سورية على الساحة الإقليمية وعلاقة دمشق بإسرائيل.
غير أن الرهانات، وكذلك السياق يختلفان تماماً بين عهدي الأب والإبن، فبينما كان حافظ الأسد يناضل من أجل فرض سيطرته على منطقة الشرق الأوسط العربي وإعادة الجولان المحتل منذ عام 1967 مع محو آثار الهزيمة، يكافح بشار الأسد من جانبه لإبقاء نظامه في حدود الجمهورية العربية السورية، وهو نظام تهدده كل من القوى الأميركية والتوازنات الداخلية الحساسة، وسورية التي وصفها البعض بالدولة المارقة، وبعد أن أُضْعِفَت على حدودها العراقية وفي لبنان، عادت لتتمكن من إستقلال تناقضات خصومها في هذين البلدين، وحافظت بذلك على نفوذها كاملاً فيهما.
وقد حاول بشار الأسد، مستنداً إلى شرعية قومية، سورية وعربية، تشكيل "جبهة للرفض" على خط دمشق-طهران، في مواجهة الولايات المتحدة، لقد أعاد الأسد ترتيب اللعبة على المستوى الإقليمي التي تغيرت معالمها مع سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ولا سيما بدخول تركيا وسيطاً وضامناً في عدد من الملفات.
ومع دراسة شتى البدائل للهيمنة الأميركية وإنتقال مراكز القوى العالمية شرقياً، عقد الأسد تحالفان في كل من آسيا والخليج، ووجد بالفعل دعماً كبيراً لدى إمارة قطر التي لا يضاهي صغرها سوى غناها، هذه التحالفات الجديدة هي التي مكنت النظام البعثي من تعويض خسارته في لبنان، وتدهور علاقته مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر.
إن السياسة العربية للنظام، فقد أعيد تقويمها نسبة إلى رهانين داخليين في الخطاب الرسمي، حيث تبقى عودة الجولان هي القضية الرسمية، ولكن على أرض الواقع، تظل الأولوية للمصالح الإقتصادية، الأمر يتعلق بصفة عامة بكسر الطرق السياسي والإقتصادي الذي تعيش فيه دمشق، وإيجاد الحلفاء الذين يمكنهم دعم تحرك البلاد نحو الحداثة، بينما هي تواجه تحديات كبيرة.
إن السياسة الخارجية السورية ليست ردة فعل للتطورات الدولية فحسب، بل تحركها ضرورة إستقرار النظام، كما تحركها أيضاً تغيرات مجتمع سوري نصف سكانه تحت سن العشرين، غير أن الليبرالية التي أرادها بشار الأسد وبدأها بالفعل إضافة إلى الإنفتاح على الحداثة التكنولوجية لم يجلبا التقدم المنشود، فالهوة تبقى واسعة بين التحديث الذي شهدته بعض القطاعات الإقتصادية وتفشي الفقر في المجتمع، الفوارق الإجتماعية في تزايد، ولا سيما بين الطبقة المتوسطة التي تزداد هشاشة والطبقة الفنية التي تزداد ثراء.
هذه الدولة التي تطمح إلى المزيد من القوة، لا تملك في الواقع ما يكفي من العناصر لتحقيق ذلك، رغم ما تحاول إبرازه في الخطاب الرسمي، فلا هي قادرة على إفشال الدور الأميركي في العراق، ولا بإستطاعتها إملاء على كل من حزب الله وحماس سياستهما، ولعلها تعوض ذلك من خلال المغالاة في الحديث والتهديدات المختلفة، إذ تدعو القيادة السورية إلى المقاومة، بينما هي تكتفي بالتحدي والمجازفة، وهو ما جعل معارضيها يقولون أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، "إن سورية تقاوم حتى آخر لبناني".
يقود بشار الأسد إذاً مقاومة خطابية، لكنه لا يتردد في البحث عن حلول وسط للحفاظ على نظامه، حتى أنه يتعاون أحياناً مع الغرب في بعض الملفات الإقليمية والأمنية إذا ساعد ذلك على حماية مصالحه، لقد استعمل النظام سياسته الخارجية القومية العربية حجة لتبرير أوجه الخلل الإقتصادية والإجتماعية، ولا سيما حرمان السكان حرياتهم وحقوقهم الإقتصادية، إذ تعيش شريحة كبيرة من السوريين دون خط الفقر، فضلاً عن أن هذه السياسة قد ساعدته على إحتواء "خطر الإسلاميين"، وإذا أراد النظام تغيير إستراتيجيته، فسيتطلب ذلك إيجاد ضمانات فورية للسكان وتأسيس عهد إجتماعي جديد لتفادي إندلاع إضطرابات جديدة قد تتخذ شكلاً طائفياً.
لقد أعاد بشار الأسد النظر في العديد من الملفات ولكن بشكل متسلط، فهل سيساعد ذلك على إستمرار نظامه؟ هل يمكن أن يستمر "الإستثناء السوري"؟... يبدو أن هذا السؤال يبدو ملحاً في أقصى أبعاده مع إندلاع الإضطرابات في سورية وبلوغها أقصى مداها.
حاولت الباحثة من خلال ما طرحته في بحثها هذا إستقصاء الوضع السوري منذ أن أصبح للسوري جمهورية، مع تسليط الضوء على جميع الجوانب المؤثرة على جميع المستويات، الإجتماعية والإقتصادية والأمنية والدولية والسياسة قبل كل شيء، ربما استطاعت الباحثة وإلى حدٍّ كبير إستشفاف الواقع السوري والوقوف على ما جعل ذلك الوضع التي تعيشه سوريا إستثناء... إستثناء إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً... ولكن وبعد الأحداث التي تشهده سوريا... هل تبقى سوريا إستثناء عن كل ما حولها في تجربتها هذه... وفي الحراك العسكري والسياسي الذي تعدّد المشاركون به... وتعددت أسماء اللاعبين الدوليين والإقليميين على ساحته وحتى المراهنين على نتائجه... هل يكون لسوريا ربيعاً إستثنائياً أم أنها ستمضي في ركب الربيع العربي الذي ما زالت معالمه مفقودة؟...
يمكن للقارئ الوصول إلى إجابات من خلال في رحلته البحثية مع الباحثة في دراستها هذه التي كانت موضوعية في طروحاتها، دقيقة في صنعتها البحثية دون إنتقاء ولا إستثناء، حيث لم تغادر كبيرة ولا صغيرة، إلا تعقبتها تاريخياً وإقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً بطريقة علمية موثوقة.

إقرأ المزيد
الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة
الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة
(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 56,265

تاريخ النشر: 14/09/2012
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
النوع: ورقي غلاف عادي
نبذة نيل وفرات:في عام 2007 لم يعد بشار الأسد ذلك الوريث الشاب الذي يفتقر إلى الخبرة، والذي انتخب على عجلة إثر وفاة والده حافظ الأسد، الذي حكم البلاد ولأكثر من ثلاثة عقود، فبعد أن واجه بشار القوة العالمية الأولى، أصبح بجمع صفات الزعيم؛ ومن ثم انتصر النظام السوري في أول إستعراض ...للقوة ضد التحالف الغربي.
وعليه، فإن دمشق تفتخر بالبقاء على موقفها وتكرر شعاراً ذا طابع تقدمي قد يصل إلى درجة التهديد: من يعزل سورية يعزل نفسه عن المنطقة، بعدها بسنة واحدة، في تموز 1 يوليو 2008، يصل بشار الأسد إلى باريس ويحضر إحتفالات العيد الوطني الفرنسي على جادة الشانزإليزيه، ومن المنصة الرسمية، إلى جانب رؤساء دول آخرين، الأمر الذي شكل إنتصاراً كبيراً لهذا الرجل البالغ من العمر آنذاك اثنين وأربعين عاماً والذي كان نظامه مرشحاً للإنهيار عام 2005.
علاوة على ذلك يحظى الرئيس السوري بشعبية كبيرة في العالم العربي، بفضل إنتقاده اللاذع لكل من إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما العرب، وبذلك يجذب أسلوب بشار الشعوب العربية بسهولة، كذلك توقظ "مقاومة" بلاده أحلام هذه الشعوب بالإستقلال.
من جانب آخر، نجح بشار الأسد في ترسيخ سلطته داخل حزب البعث الثوري، وداخل عائلته، إضافة إلى الجهاز الأمني - العسكري، ويبدو مسيطراً على محيطه الذي جعل منه "ملكاً"، وذلك من خلال ممارسته الكاملة للسلطات الواسعة التي يتيحها النظام الرئاسي المتمحور حول شخص الحاكم، والذي وضعه حافظ الأسد وبلوره، ومن ثم نجح بشار الأسد في فرض نفسه في شتى المواجهات، وهاهو يحاول فرض بلاده كلاعب أساسي على ساحة الشرق الأوسط.
لقد اتخذت الجمهورية العربية السورية مساراً غير متوقع وتوجهات معقدة، فهذه الدولة التي وبعد نشأتها خرجت بصعوبة من صدمة النكبة مع طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين إثر إعلان دولة إسرائيل، قد عاشت بعد ذلك صراعات داخلية بين سياسة شكلها تماماً، في الوقت الذي كانت تخضع فيه لصراعات إقليمية ولمحاولات الدول الغربية لأحكام قبضتها على البلاد، بعدها انتهى الأمر بسورية إلى التخلي على سيادتها بربط مصيرها بمصير مصر جمال عبد الناصر، قبل أن يعيد العسكريون هذه السيادة إلى دمشق، في العهد الأول للشعبيين، أي بدءاً من عام 1963 شرعت سورية في تحديد ملامح سياستها الخارجية بنفسها، لكن اللواء حافظ الأسد هو الذي جعل من الدولة قوة إقليمية حقيقية، مسيطراً في الوقت نفسه على الساحة الداخلية في عام 1976.
بعد بضع سنوات حطم كل من الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة الوجود السوري في لبنان، بينت أن سورية حافظ الأسد نجحت بعد هزيمة عام 1982، عندما تمركز الجيش السوري في بيروت، وفي عام 1980 اتضح أن سورية نجحت في فرض سيطرتها الكاملة على لبنان لكنها اضطرت للمغادرة بدءاً من عام 2005، وسعت مذّاك إلى إيجاد تعويض عن هذه الخسارة، حتى وعتها القوى الغربية عام 2007 إلى مساعدتها على إرساء الإستقرار في بلد الأرز.
لا شك إذاً في أن سورية حافظ الأسد وبشار الأسد قادرة على المقاومة قدرتها على التأقلم مع ظروف شديدة الصعوبة، وكأن هذه الدولة، التي كانت تحلم بأن تمتد على مساحة بلاد الشام، وقسمتها بريطانيا وفرنسا بعد الإنتصار على الإمبراطورية العثمانية، وأصبحت مضطرة إلى السيطرة على دول الجوار حتى لا تتحول هي الأخرى إلى مسرح للصراعات العربية والدولية على غرار الجار اللبناني من حافظ الأسد إلى بشار الأسد تبقى الإشكالية نفسها، إشكالية موقع سورية على الساحة الإقليمية وعلاقة دمشق بإسرائيل.
غير أن الرهانات، وكذلك السياق يختلفان تماماً بين عهدي الأب والإبن، فبينما كان حافظ الأسد يناضل من أجل فرض سيطرته على منطقة الشرق الأوسط العربي وإعادة الجولان المحتل منذ عام 1967 مع محو آثار الهزيمة، يكافح بشار الأسد من جانبه لإبقاء نظامه في حدود الجمهورية العربية السورية، وهو نظام تهدده كل من القوى الأميركية والتوازنات الداخلية الحساسة، وسورية التي وصفها البعض بالدولة المارقة، وبعد أن أُضْعِفَت على حدودها العراقية وفي لبنان، عادت لتتمكن من إستقلال تناقضات خصومها في هذين البلدين، وحافظت بذلك على نفوذها كاملاً فيهما.
وقد حاول بشار الأسد، مستنداً إلى شرعية قومية، سورية وعربية، تشكيل "جبهة للرفض" على خط دمشق-طهران، في مواجهة الولايات المتحدة، لقد أعاد الأسد ترتيب اللعبة على المستوى الإقليمي التي تغيرت معالمها مع سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ولا سيما بدخول تركيا وسيطاً وضامناً في عدد من الملفات.
ومع دراسة شتى البدائل للهيمنة الأميركية وإنتقال مراكز القوى العالمية شرقياً، عقد الأسد تحالفان في كل من آسيا والخليج، ووجد بالفعل دعماً كبيراً لدى إمارة قطر التي لا يضاهي صغرها سوى غناها، هذه التحالفات الجديدة هي التي مكنت النظام البعثي من تعويض خسارته في لبنان، وتدهور علاقته مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر.
إن السياسة العربية للنظام، فقد أعيد تقويمها نسبة إلى رهانين داخليين في الخطاب الرسمي، حيث تبقى عودة الجولان هي القضية الرسمية، ولكن على أرض الواقع، تظل الأولوية للمصالح الإقتصادية، الأمر يتعلق بصفة عامة بكسر الطرق السياسي والإقتصادي الذي تعيش فيه دمشق، وإيجاد الحلفاء الذين يمكنهم دعم تحرك البلاد نحو الحداثة، بينما هي تواجه تحديات كبيرة.
إن السياسة الخارجية السورية ليست ردة فعل للتطورات الدولية فحسب، بل تحركها ضرورة إستقرار النظام، كما تحركها أيضاً تغيرات مجتمع سوري نصف سكانه تحت سن العشرين، غير أن الليبرالية التي أرادها بشار الأسد وبدأها بالفعل إضافة إلى الإنفتاح على الحداثة التكنولوجية لم يجلبا التقدم المنشود، فالهوة تبقى واسعة بين التحديث الذي شهدته بعض القطاعات الإقتصادية وتفشي الفقر في المجتمع، الفوارق الإجتماعية في تزايد، ولا سيما بين الطبقة المتوسطة التي تزداد هشاشة والطبقة الفنية التي تزداد ثراء.
هذه الدولة التي تطمح إلى المزيد من القوة، لا تملك في الواقع ما يكفي من العناصر لتحقيق ذلك، رغم ما تحاول إبرازه في الخطاب الرسمي، فلا هي قادرة على إفشال الدور الأميركي في العراق، ولا بإستطاعتها إملاء على كل من حزب الله وحماس سياستهما، ولعلها تعوض ذلك من خلال المغالاة في الحديث والتهديدات المختلفة، إذ تدعو القيادة السورية إلى المقاومة، بينما هي تكتفي بالتحدي والمجازفة، وهو ما جعل معارضيها يقولون أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، "إن سورية تقاوم حتى آخر لبناني".
يقود بشار الأسد إذاً مقاومة خطابية، لكنه لا يتردد في البحث عن حلول وسط للحفاظ على نظامه، حتى أنه يتعاون أحياناً مع الغرب في بعض الملفات الإقليمية والأمنية إذا ساعد ذلك على حماية مصالحه، لقد استعمل النظام سياسته الخارجية القومية العربية حجة لتبرير أوجه الخلل الإقتصادية والإجتماعية، ولا سيما حرمان السكان حرياتهم وحقوقهم الإقتصادية، إذ تعيش شريحة كبيرة من السوريين دون خط الفقر، فضلاً عن أن هذه السياسة قد ساعدته على إحتواء "خطر الإسلاميين"، وإذا أراد النظام تغيير إستراتيجيته، فسيتطلب ذلك إيجاد ضمانات فورية للسكان وتأسيس عهد إجتماعي جديد لتفادي إندلاع إضطرابات جديدة قد تتخذ شكلاً طائفياً.
لقد أعاد بشار الأسد النظر في العديد من الملفات ولكن بشكل متسلط، فهل سيساعد ذلك على إستمرار نظامه؟ هل يمكن أن يستمر "الإستثناء السوري"؟... يبدو أن هذا السؤال يبدو ملحاً في أقصى أبعاده مع إندلاع الإضطرابات في سورية وبلوغها أقصى مداها.
حاولت الباحثة من خلال ما طرحته في بحثها هذا إستقصاء الوضع السوري منذ أن أصبح للسوري جمهورية، مع تسليط الضوء على جميع الجوانب المؤثرة على جميع المستويات، الإجتماعية والإقتصادية والأمنية والدولية والسياسة قبل كل شيء، ربما استطاعت الباحثة وإلى حدٍّ كبير إستشفاف الواقع السوري والوقوف على ما جعل ذلك الوضع التي تعيشه سوريا إستثناء... إستثناء إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً... ولكن وبعد الأحداث التي تشهده سوريا... هل تبقى سوريا إستثناء عن كل ما حولها في تجربتها هذه... وفي الحراك العسكري والسياسي الذي تعدّد المشاركون به... وتعددت أسماء اللاعبين الدوليين والإقليميين على ساحته وحتى المراهنين على نتائجه... هل يكون لسوريا ربيعاً إستثنائياً أم أنها ستمضي في ركب الربيع العربي الذي ما زالت معالمه مفقودة؟...
يمكن للقارئ الوصول إلى إجابات من خلال في رحلته البحثية مع الباحثة في دراستها هذه التي كانت موضوعية في طروحاتها، دقيقة في صنعتها البحثية دون إنتقاء ولا إستثناء، حيث لم تغادر كبيرة ولا صغيرة، إلا تعقبتها تاريخياً وإقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً بطريقة علمية موثوقة.

إقرأ المزيد
17.00$
20.00$
%15
الكمية:
الاستثناء السوري بين الحداثة والمقاومة

  • الزبائن الذين اشتروا هذا البند اشتروا أيضاً
  • الزبائن الذين شاهدوا هذا البند شاهدوا أيضاً

معلومات إضافية عن الكتاب

ترجمة: لما العزب
لغة: عربي
طبعة: 1
حجم: 21×14
عدد الصفحات: 562
مجلدات: 1
ردمك: 9789953215440

أبرز التعليقات
أكتب تعليقاتك وشارك أراءك مع الأخرين