تاريخ النشر: 10/09/2012
الناشر: دار الآداب
نبذة نيل وفرات:"وطن الحارس الألماني المتجهم بلغته، كلاماً لم تكن لتفهمه، خلل الأنترفون من وراء واجهة مكتبة الزجاجية عند بوابة معسكر اللجوء، بضواحي "لايبزج"، الخارجة لتوها من "يوتيبا" الشيوعية المنهارة، قلت بالإنكليزية: جئت لتقديم طلب لجوء سياسي.
ردّ الحارس الجرماني بالإنكليزية: في أي بلد أنت؟ ليبيا، وناولته، عبر شقّ أسفل الواجهة الزجاجية، ...جواز سفرك الأخضر بلون غلاف كتاب "رسول الصحراء" الأخضر، راقبته وهو بقلب صفحات الجواز مقارناً في نظرات متنقلة، بين صورتك الفوتوغرافية وصورتك الماثلة قبالته عبر الزجاج، ثم مطّلعاً بإهتمام على ورقة بقائمة الدول المشمول رعاياها بحق اللجوء السياسي، ولاغرو أن يجد بينها بلادك، إذ أن افتح أيها الحارس الجرماني الأشقر الضخم المتجهم، بوابة غربك "الإنساني" باسم هاتيك البلاد... لنضع على جنب وجهك العنصري الكريه، وحكاية مركزية عرقيتك الحضارية البيضاء، وتاريخك الكولونيالي الممتد من نابليوتك القصير إلى بوشك الصغير.
افتح بوابات هايماتك وكامباتك لإيواء الآتين من فجاج جنوب الفاقة والإكراهات، إليك، رغم تبرمك، بهجرات من كل حدب وصوب، من كل أمة ونحلة وعرق ولون، متدافعة طمعاً في أمن اللقمة أو أمن النفس أو الإثنين معاً... أوَلست الغرب الديمقراطي الليبرالي المتسامح العطوف الرؤوف السخي؟ أم تُراك نادماً على انسانويتك التي ورّطك فيها فلاسفة أنوراك؟... من "أصفهاني" إلى "لوبومباشي" يدخلونك بطرق مشروعة وغير مشروعة، ينفذون إليك من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنيته في لحظة زهوٍّ؛ بإنتصارك الساحق على "محور الشر الفاشي / النازي" متفاخراً بدمج مواثيق حقوق الإنسان وعهوده في دساتيرك وقوانينك ومناهج تعليمك وثقافتك، دون أن تكون حسبت حسابك للتكلفة الإقتصادية والأمنية والإجتماعية الباهظة التي تكلفك كل يوم.
نظرت إلى الشاشة الفوسفورية تضيء بأرقام المنتظرين بالدور، في تعاقب بطيء بفيض، فتتعاقب في ذاكرتك فصول البداوة المنقرضة، يمرّ الخريف بالبغل والمحراث والحراث والبذار، ليمرّ الشتاء بالغيث النافع فالربيع الطالع سنابل خضراء فصيف الحصادين، ومناجلهم القاطعة في حقول القمح والشعير... عالياً "يا زرع إنجل... حاك المنجل" بين التذكار والترحال تتقلب المشاهد لدى الراوي... ذاك المواطن الليبي الذي رزح تحت سيطرة وقهر حكم ولي... فسرح الأحداث صحراء فاضت بالنفط، وفاض حاكمها بالبؤس على محكوميه...
يحاول الروائي وعلى لسان بطله البدوي: اللاجئ والسياسي في بلاد الغرب تعرية حقيقة زمن الأخ القائد... وهو إلى هذا يحكي حكاية النقلة من ألق الوجود البدوي البدئي إلى جحيم الإستبداد المكبِّل للوعي المنفتح على العالم، ثم إلى غرب جديد لم يكتب من قبل في الرواية العربية.
ومن خلال سيرورة الأحداث وتقلب المشاهد يطرح الروائي أضمومة أسئلةٍ... أسئلة الهوية وأسئلة الوجود تحت إهاب أسئلة الواقع العربي الفظّ في ليبيا الإستبداد. إقرأ المزيد