مراسلات النابلسي ؛ وسائل التحقيق ورسائل التوفيق في العهد العثماني
(0)    
المرتبة: 25,637
تاريخ النشر: 31/12/2010
الناشر: دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:ولد الشيخ عبد الغني بن إسماعيل في دمشق [14 ذي الحجة سنة 1050هـ /17 آذار سنة 1641م] ويعود الفضل في شهرة عائلته في دمشق إليه في حياته وبعد مماته، وإلى جدّ أبيه إسماعيل بن عبد الغني أو "إسماعيل الكبير" الذي توفي سنة 993هـ / 1581م.
كانت عائلة النابلسي قبل إسماعيل ...الكبير من التجار، فقد اشترى له جده كتباً بمبلغ 800 دينار، ونبغ إسماعيل وصار يجيد اللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية، وأصبح قاضياً للشافعية بدمشق، ولما بنى والي الشام العثماني درويش باشا جامعه الذي ما يزال قائماً في دمشق، عُيَّن إسماعيل مدرساً فيه، وذكر في "شرط الواقف" أن يكون التدريس في الجامع مستمراً في ذرية إسماعيل، أما والد الشيخ عبد الغني صاحب هذه المراسلات، وكذلك اسمه إسماعيل (1017- 1062هـ / 1609- 1652م) والذي استمر على مهنة والده في التدريس فقد انقلب إلى المذهب الحنفي (مذهب الدولة العثمانية الرسمي)، وسافر إلى استنبول وخدم شيخ الإسلام يحيى بن زكريا وتلقى تعليمه على طريقة العثمانيين، وحصل على وظيفة "مدرس الصحن" وذلك عام 1060هـ، كان عمر عبد الغني 12 سنة عندما توفي والده، وبيعت مكتبة والده في المزاد العلني بدمشق فلم ينتفع بها، وسار على خطى والده، وسافر إلى "دار الخلافة" استنبول، وعمره خمس وعشرون سنة ومكث فيها خمس وعشرين يوماً، وعاد إلى دمشق بوظيفة قاضي محلة "الميدان"، ثم تخلى عن القضاء، وعمل في التدريس بالجامع الأموي قرب منزله في حي العنبرانيين والذي كان اشتراه جدّه الأعلى إسماعيل الكبير.
ولم يتوقف الشيخ عبد الغني عن التدريس وذلك بعد دخوله خلوة في بيته مع بلوغه الأربعين، إلا أنه كرّس بقية حياته لدراسة وشرح كتب ابن عربي، وقد ترك مؤلفات كثيرة، والتي يزيد عددها على 300 عنوان، وإن نصفها هي جواب على مراسلة ما.
وتجدر الإشارة إلى أن المراسلات التي تعرّض لها هذا الكتاب، هي فقط تلك التي جمعها الشيخ عبد الغني النابلسي في مجلد واحد توجد منه عدّة نسخ مخطوطة في العالم، ذكر برد كلمات في تاريخه للأدب العربي أغلب هذه النسخ، وهي بعنوان "وسائل التحقيق ورسائل التوفيق".
وينطوي هذا الكتاب على مراسلات، دامت حوالي النصف قرن، بدأها في أواخر سنة 1085هـ / 1675م وأنهاها سنة 1140هـ / 1728م، ويذكر المحقق بأنه عثر على رسالتين خارج هذا المجموع كتبها الشيخ عبد الغني سنة وفاته (1143هـ / 1731م).
أما الأشخاص الذين راسلوه فكلهم عاشوا وماتوا داخل حدود الإمبراطورية العثمانية، وهم ينتمون إلى فئات مختلفة من شعوب الإمبراطورية، بينهم المسلم المتوسط، وفيهم القضاة والصوفية وشيخ الإسلام والوزير الأعظم.
على الرغم من أن النابلسي كان يتلقى بعض الرسائل باللغة التركية فإنه كتب مراسلاته بالعربية، وهذا نموذج لمراسلة بين الشيخ عبد الغني النابلسي وأحد أصدقائه وهو تركي، وقد استمرت المراسلة بينهما لمدة ثماني عشرة سنة، وهو الحاج محمد الحميدي، تتوافق الرسالة التي أرسلها النابلسي إلى الحاج الحميدي (والذي يصنفه فيها النابلسي بالصديق الصديق) مع بداية خلوة النابلسي، فهو يخبر صديقه بالتالي: "منّ الله علينا بالإنزواء والإنفراد في البيت عن المخالطات"، لافتاً نظر صديقه إلى أن هذه الخلوة غرضها الإسهام التفرغ للدراسة والمطالعة والتدريس والتصنيف.
وقد كان التدريس مقصوراً على عدد صغير من التلاميذ، فقد كانت دروسه حلقة ضيّقة لا يريد توسيعها لأنه كان غالباً ما يدرّس أفكار ابن عربي والتي كان يعارضها حتى ذلك الوقت بعض الفقهاء.
يبني النابلسي مراسلاته مع الحميدي وسواه على قاعدة المحبة الدينية والنصيحة الإيمانية، وفي هذه الرسالة الأولى (1090هـ / 1610م) يذكر النابلسي صديقه بضرورة "الإعتقاد في الصالحين" في البلاد الرومية (تركيا اليوم)، ويخصه على سلوك طريق الولاية القائمة على شرطين: 1-العمل الخالي من البدع (أي الإخلاص للسنة)، 2-الإحاطة بمذاهب المجتهدين كلها، وهذا أمر نادر الحصول في عصره كما يقول النابلسي.
أما بقية الرسائل فكان مضمونها النصائح والتوعية، فهو يطلب منه دخول الطريق الصوفي وترك الصوفي الفقهاء، وذلك باعتماد الزهد والذكر والمحبة، وهذا غيض من فيض مما جاء في مجموعة مراسلات النابلسي، ومن بينها رسالة موجهة إلى الصدر الأعظم مصطفى الكومبرلي وهو يقول فيها حرفياً: "انحصر نصر هذه الأمة في مرحلة الرعية"، ويذكره بأن الضعفاء والفقراء إذا شاركوا في الدعاء له فإن النصر سيكون حليفه دائماً.
هذا وتصدر هذه المجموعة ممتعِّةٌ، حيث تم تحقيق نصّ الرسائل المطبوعة في هذا الكتاب لأول مرة عن طريق مقابلة نسخ أتى المحقق على ذكرها في المقدمة، تاركاً الحواشي والفهارس إلى آخر الكتاب والتي تتضمن ترجمة المؤلفين الوارد ذكرهم في المراسلة، ومعلومات أخرى مختلفة حول المواضيع التي يعالجها المؤلف، بالإضافة إلى فهارس الآيات والأحاديث والمصطلحات الفنية وأسماء الأماكن، مرفقاً ذلك بفهرس للمراسلات، وبخارطة تلخص المدن والمناطق التي أرسل النابلسي رسائله إليها.نبذة الناشر:بدأت شهرة النابلسي تزداد بعد رحلاته التي قام بها إلى بلاد الشام ومصر والحجاز والتي دامت حتى سنة (1110هــ/ 1698م)، كان يقضيها بين الترحال والإقامة في دمشق.
وقد تعرف خلال هذه الرحلات على كبار العلماء والمفكرين وتبادل معهم الآراء والرسائل، وشرح كثيراً من المؤلفات وأفتى في العديد من الموضوعات الصوفية (كالسماع والتواجد ومطالعة الكتب الصوفية والفقهية وشرب الدخان والقهوة ومسائل الطلاق والزواج).
وغدا النابلسي مرجعاً دينياً متميزاً في الدولة العثمانية، ويصفه أحد ناسخي كتبه بالشيخ الإمام المجتهد.
إن إندماج عائلة النابلسي في الدولة العثمانية واضح منذ أن ترك جدد الأعلى إسماعيل النابلسي الكبير التجارة واهتم بالعلم بتوجيه من جده.
وعلى نفس الخطى سار جده المباشر وأبوه، أما النابلسي فقد أصبح عثمانياً، ويدعو للجيوش العثمانية بالنصر وينتقد ظلم الوالي إذا تجاوز حدود العدل الإسلامية، ويظهر هذا الإندماج وحدة فكرية وسياسية قائمة على مجال إقتصادي كبير للتبادل الحر أطلق عليه المؤرخ الفرنسي المعروف فردناقد بردويل منطقة إقتصاد - عالم (Economie-monde).
وكما رأينا فإن القوافل التي كانت تتألف من مئات الجمال، لم تكن تحمل البضائع فقط، وإنما سهلت إتصال المسلمين ونقلت المخطوطات والمراسلات بإنتظام دقيق.
وحين بلغ النابلسي سن الأربعين دخل خلوة في بيته استمرت سبع سنين، كان يقتطعها وقت لزيارة بعض الصوفية والأصدقاء، ولكنه لم يتوقف عن التدريس في منزله، ومع بداية الخلوة ترك دراسة علوم الظاهر (الفقه والأدب والحديث...) وكرس بقية حياته لدراسة وشرح كتب ابن عربي، وبعد إنتهاء الخلوة قام بعدة سفرات طويلة إلى لبنان وفلسطين ثم رحلته الكبرى التي أنهاها بأداء فريضة الحج بعد أن زار مصر وأقام عند عائلة (البكري) المشهورة أكثر من أربعة شهور في القاهرة.
إن نصف مؤلفات النابلسي التي يزيد عددها على 300 عنوان هي جواب على مراسلة ما، ولن نتعرض هنا إلا للمراسلات التي جمعها الشيخ عبد الغني النابلسي في مجلد واحد توجد منه عدة نسخ مخطوطة في العالم، ذكر بروكلمان في تاريخه للأدب العربي أغلب هذه النسخ؛ وهو بعنوان وسائل التحقيق ووسائل التوفيق.
وينطوي هذا الكتاب على مراسلات، دامت حوالي النصف قرن، بدأها في أواخر سنة 1085هـ/ 1675م وأنهاها سنة 1140هـ/ 1728م، (وقد عثرنا على رسالتين خارج هذا المجموع كتبهما سنة وفاته 1143/ 1731)، أما الأشخاص الذين راسلوه فكلهم عاشوا وماتوا داخل حدود الإمبراطورية العثمانية، وهم ينتمون إلى فئات مختلفة من شعوب الإمبراطورية، بينهم المسلم المتوسط، وفيهم القضاة والصوفية وشيخ الإسلام والوزير الأعظم.
وعلى الرغم من أن النابلسي كان يتلقى بعض الرسائل باللغة التركية فإنه كتب مراسلاته بالعربية، وعلينا ألا نستغرب العدد الضئيل لهذه المراسلات التي بلغت سبعة وسبعين مكتوباً، وذلك لأن معظم هذه الرسائل كانت تُحمل، مرة في السنة، في قافلة الحج، لذلك فإن تبادلها كان يستغرق أحياناً سبعة شهور أو أكثر. إقرأ المزيد