تاريخ النشر: 18/03/2010
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"في البال" رائعة الروائية الأردنية "غصون رحال" تتناول فيها العدوان الصهيوني على غزة من منظور أدبي؛ ففي أسلوب سردي مشوق، تضع الأدبية كل خبراتها المعرفية والجمالية والإبداعية للكشف عن مسيرة طويلة من محطات الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال إستعراض تفاصيل الحياة اليومية لمصائر الأفراد والجماعات في أتون التحولات السياسية ...والإقتصادية والإجتماعية التي يعيش الشعب العربي تحت وطأتها، في محاولة للبحث عن الهوية لفلسطيني الشتات.
يعيش أبطال روايتها في لندن، وجاء اختيار الروائية لهذه المدينة كونها تمثل منطلقاً تاريخياً جوهرياً لمأساة الشعب الفلسطيني ونبعثره في الشتات من وعد بلفور إلى السياسات الحالية تجاه القضايا العربية، كما أنها - لندن - تمثل بعداً سياسياً مستقبلياً كملاذ لطالبي اللجوء من الشعوب المنكوبة على إختلاف جنسياتها، وهذا البعد هو ما جعل إلتقاء أبطال الرواية ممكناً، تترجم الروائية هذا من خلال تركيزها على لقاء تجربتين من المنفى، أحدهما إختياري، والاخر قسري، لذلك إلتقى بطلا الرواية في لندن كونها مكاناً محايداً.
لقد عملت الروائية بحس الأديب الناقد والمسؤول عن قضايا مجتمعه وفي إطار رسمها لشخصيات روايتها أن تغطي فكرة (حاملي الوثائق) فترصد عبر محطات مختلفة معاناة العلاقة بين البطل والبطلة التي شوهتها تناقضات الحياة وتساؤلات الوجود، وخصوصاً ظروف مرضها وتجربتها المرة معه، إضافة إلى أخبار الحرب وإنفعالها بها فصار لتلك الحرب إمتداداً بسيكولوجياً مباشراً على بطلة الرواية "رهام مختار" التي لم تحتمل بشاعة ما جرى في غزة، فلجأت إلى السرطان، إلى جحيم ذلك المرض الفتاك الذي عاث في جسدها، خلاصاً لها من معاناتها وواقعها الذي ترزخ تحت وطأته مثلها مثل أي فلسطيني حرم من وطنه وأبعد قسراً.
وفي خضم هذه الدراما الإنسانية، يكتشف القارئ أن "رحال" تمتلك قدره هائلة في التعبير إلى جانب مخيلة خصبة انعكست في لغتها الشعرية، التي أضفت جماليات رائعة على مجريات الأحداث والحوارات ضمن بناء درامي لافت قل مثيله.
نجد ذلك عندما ينفذ البطل وصية حبيبته ويكتب لها نشيد الأناشيد ليحفظ ذاكراها "سألتني: هل ستنفذ وصيتي؟ احتضنتها بقوة، مخفياً دمعة عنيدة أبت إلا أن تستعرض بريقها وقلت: سأنفذها... تمتمت: بقيت لي رغبة صغيرة، ضغطت على يدي وتابعت: ضميني إليك! احتويها بين ذراعي، قبلتها قبلة طويلة فوق شفتيها، أسبلت على إثرها عينيها، وما عدت أدري إن كانت ستفتحها ثانية"؛ وهكذا ماتت "رهام" دون أن تتمكن من كتابة حكايتها، ماتت سعيدة بين ذراعي من تحب.
إنها أكثر من رواية، إنها ملحمة، جسدت هموم شعب بأكمله، فكانت صرخة ضد الظلم واللاعدالة انبثقت من تحت ركام الحروب، لتُبرز أديبتنا عدالة قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية. إقرأ المزيد