منطق النخل ؛ استدعاءات قرائية في الشعر العراقي الحديث
(0)    
المرتبة: 128,759
تاريخ النشر: 01/01/2008
الناشر: إتحاد الكتاب العرب
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:للشعر في العراق خصوصيات ، وله عند أهله من العراقيين إنشغالات ومؤثرات تمحضه ما يميزه ؛ هي بعض ما يتجلى من مؤثرات البيئة والظرف التاريخي ، ونوع المكايدة الإنسانية ؛ حتى أصبحت لهذا الشعر سجاياه وسجله التعبيري المكتنف لشجونه وإنهاكاته التي لا تتضح في غيره كما هي عليه فيه .... إن حسّاً من المأساة عميق التماهي فلي الذات العراقية وانفعالاتها المستجدة - على امتداد مسيرة حضورها الإنساني - هو ما تغلغل في أعماق التجربة الشعرية العراقية وتناسل تفوهات موغلة بالأسى والشحن فيها . ومن خصوصيات التجربة الشعرية في العراق أنها لا تقلد سواها من التجارب الشعرية الأخرى ، من دون أن يعني ذلك انغلاقها على منجزها ، تندد هي به وحده ، إنها على العكس من ذلك فهي - ولفناها - منقحة على سواها من التجارب ، ولكن لا تقلد وتستجلب ، بل لتشارك وتهب وتمنح . وتبنّي التجديد ومعايشته إحساساً وفعلاً دائباً سمته لشعرية العراق باذخة السطوع ، حتى ليصحّ معها المجاهرة بالقول إن معظم فعل التجديد في التجارب الشعرية العربية كان مصدره تلك التجربة المزدهاة دائماً بما تنجزه من الجديد وعلى مرّ العصور . وهكذا لن يبالغ من يدّعي أن كثيراً من الجديد بدأ من هنا . هذا وإن تداخل الأجيال سمة جلية في المشهد الشعري العراقي . فالباحث المتتبع لا يمكن - وبشفافية ميسرة أن يشير إلى حدود تجييلية مقننة فيه ، ولا سيما ما تأسس منها جيلاً بعد جيل الريادة - الجيل الخمسيني - الذي أنجز التجربة الشعرية الجديدة وأرسى لها مثالها المتميز . وإن كل مرحلة من مراحل التجربة الشعرية في العراق يتناسل فيها أكثر من جيل ، حتى لتواجه بوصلة التلقي عنتاً في ضبط المسمى والإنتماء لكثير من التجارب ، وتقنينها أجيالاً ، لكثرتها وتزاحمها ، واشتجارها المتسع . إن أسماء شعرية عراقية لا حصر لها ، تبدو على ذلك الترسم الأجيالي ركونها قد شرّعت وعيها الجمالي على مرحلة ، وإنجازها الشعري على ثانية ، وامتدادها المعلن عن خصوصياته وشخصيته في مرحلة ثالثة لاحقة . وعليه ، فقد تلمس الباحث لكتابه هذا عنوانه : " منطق النخيل " في مقايسة ينشدها بين الشعراء والنخيل في العراق . إذ إن كثيراً من سمات التماثل الذي يمكن لعين التأمل أن ترصدها بينها . كلاهما له جذوره الممتدة عميقاً في أرض العراق حاضراً ، والأزمنة ذهبت إلى الماضي ، تاركة للمتلقي طراوة المنجز . وكلاهما يرتوي من دجلة والفرات ، ويعطر ملامحه السمراء برذاذ قيمي عمره عمر تلك الأرض تاريخاً وإنساناً وسحايا . وكما النخل في العراق قامات سامقة ، تهفهفها نسائم الصباح ، هي تلوّح للمياه والأماسي وللنهارات المشمسة ، فكذلك الشعراء العراقيون الذين تتعدد تجاربهم وتتمايز بمذاقات لها تنوع النخل وتمايز مذاقات تمره . وهنا يشير الباحث بقوله ، أنه وكما استعاض عن التبويب المعتاد لمثل مؤلفات كهذه على أساس الفصول ، وتلمس له عنوانان داخلية مستمدة من حالة التماهي التي عاينها بين النخل والشعراء ، فأسمى أول قراءات الكتاب بـ ( نخلة التأسيس ) التي أوقفها على وعي التجديد وتجلياته في شعر الزهاوي والرصافي ومواقفهما . أما " نخلة الجواهري" وحده ، فقد جاءت بمثابة القراءة الثانية التي تحمل منذ عنوانها حكمها المعياري ، فليس هناك من قامة شعرية يمكن لها أن تدّعي مطاولتها لما تهيأ لشاعرية الجوالهري أن تكون عليه . وفي ( نخلة الحداثة ) عاين الباحث موضوعة التمثل والإستجابة التي حاورت قصيدة الحداثة العراقية من خلال فن الرسم ، وسعت إلى تبني بعض قيمه في خصوصيات من الرؤى والإنشغالات . واستوقفته في ( نخلة السياب وحده ) عدد من التكشفات التعبيرية التي تعلن خصوصيتها في شعره ، كمدى تأثره بالمتنبي ، وموقفه من المدينة ، وما كانت له من مراسلات تبادلها مع أدونيس ، معبراً من خلالها عن طبيعة الصداقة التي جمعتهما . وكانت النخلة الأخيرة هي : ( نخلة الأجيال اللاحقة ) ، وفيها رصد الباحث جوانب مما تحقق للشعراء : علي جعفر العلاف ، وصاحب خليل إبراهيم ، وكاظم الحجاج ، وعدنان الصائغ ؛ جاعلاً من تجارب هؤلاء الشعراء - وهي نتابع بإنجازاتها - إضاءة يرتضيها لها ، تحقق للشعرية العراقية في المراحل اللاحقة لجيل ريادة الشعر الحر . وهنا يؤكد الباحث أن اختياره لهذه الأسماء الشعرية لم يأتِ اعتباطاً أو لرؤية ضيقة الإهتمامات ، فهم ، ويشاركه في ذلك اليقين كل من يتأمل تجاربهم الشعرية - من بين العلاقات البارزة في المشهد الشعري العراقي ، ومن تجاربه الناضجة ، عبر مسيرة عطائه النبيل الممتدة زهاء قرن من الزمان . إقرأ المزيد