قانون العقوبات :القسم الخاص جرائم الاعتداء على الانسان والمال
(0)    
المرتبة: 143,284
تاريخ النشر: 02/11/2009
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:أخذت معظم التشريعات الجنائية الحديثة في تصنيفها للجائم بمعيار المصلحة أو الحق المراد حمايته، وينحصر الخلاف فيما بينها في تعداد هذه المصالح وحصرها فقط. ومن هذه التشريعات نذكر التشريع الفرنسي والإيطالي والسويسري والمصري والعراقي واللبناني والسوري والأردني والعماني والسوداني.
وهذا المنهج مقبول لأنه يقوم على أساس جمع الجرائم المتشابهة والتي ...تنطوي على إهدار لحق معين أو لمصحلة قانونية معينة ووضعها في باب واحد، ومثل هذا التقسيم يسمح باستخلاص قواعد عامة تعتبر كقاسم مشترك لكل فصيلة منها مما يساعد على سهولة فهمها وضبط حدودها.
وقد نص المشرع الفرنسي على جرائم القسم الخاص لقانون العقوبات في الكتابين الثالث والرابع من هذا القانون، فكانت المخالفات من نصيب الكتاب الرابع، أما الجنايات والجنح فقد ضمها الكتاب الثالث وقسمها إلى بابين: الباب الأول في الجرائم ضد المصلحة العامة والباب الثاني في الجرائم ضد مصالح الأفراد.
وقد نهج المشرع المصري نهج المشرع الفرنسي، حيث تتضمن الكتب الثلاثة الأخيرة من قانون العقوبات المصري الصادر سنة 1937 القسم الخاص منه. ففي الكتاب الثاني تناول الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العامة (المواد من 77-229 مكرر عقوبات)، والكتاب الثالث الجنايات والجنح التي تحصل لأحاد الناس (المواد من 230-375 عقوبات)، وخصص الكتاب الرابع للمخالفات (المواد من 376-380 عقوبات).
فإذا استثنينا المخالفات، نلاحظ أن المشرع المصري قد اهتدى في تقسيمه للجرائم المختلفة في الكتابين الثاني والثالث بمعيار المصلحة أو الحق الذي وقع عليه الإعتداء المباشر بارتكاب الجريمة، ففي الكتاب الثاني يتعلق الأمر بالمصلحة العمومية وفي الكتاب الثالث تكون المصلحة المعتدي عليها حقوقاً أساسية وجوهرية للفرد سواء ما تعلق بشخصه أو بماله.
هذا، وقد انتقد جانب من الفقه تقسيم المشرع المصري الجنايات والجنح إلى جرائم مضرة بالمصلحة العامة وأخرى ترتكب ضد الأفراد على أساس أن جميع الجرائم تشكل في النهاية اعتداء على المصلحة العامة لأن تجريم أي فعل من الأفعال يستهدف دائماً تحقيق مصلحة عامة لا مصلحة تخص فرداً بعينه أو أفراداً بذواتهم، يضاف إلى ذلك أن هذا التقسيم لا يستند إلى أساس علمي سليم بل يرجع إلى عصر كان اهتمام الدولة فيه قاصراً على الجرائم التي تمس أمنها دون الجرائم الماسة بالأفراد.
وحقيقة الأمر أن اهتمام الدولة في العصر الحديث يشمل النوعين السابقين من الجرائم سواء ما كان منها ماساً بالأفراد أو ماساً بالمصلحة العامة، فالجرائم أياً كان وضعها تمثل اعتداء على تلك المصلحة ومكافحتها وملاحقة مرتكبها يدخل في صميم اختصا الدولة. وفضلاً عن ذلك فإن النظر إلى فئات الجرائم سواء ما تعلق منها بالمصلحة العامة أو بالأفراد يكشف عن نتيجة مؤادها أن فئات الجرائم المتعلقة بالمصلحة العامة يجمع أغلبها كونها تمثل اعتداءاً مباشراً على مصالح لا تتعلق بفرد أو بأفراد بذواتهم وإنما تتعلق بالمجتمع ككل، بينما أغلب فئات الجرائم الماسة بالأفراد ينال ضررها (أو خطرها) مباشرة فرداً معيناً بذاته.
والحقيقة أن المشرع المصري ما كان بوسعه أن يفعل غير ذلك بالنسبة لمثل هذه الجرائم لأن "التبويب الصحيح لا ينبغي أن يفرق بين جرائم تتماثل أو تتشابه في عناصرها الأساسية".
ولقد تجنب قانون العقوبات اللبناني -إلى حد ما- النقد المتعلق بتقسيم الجرائم إلى جرائم ضد المصلحة العامة وجرائم ضد الأفراد حيث قسم الكتاب الثاني منه والخاص بالجرائم إلى اثني عشر باباً خص كل منها -باستثناء الباب الثاني عشر الذي ينص على القباحات أي المخالفات في المواد من 750-770 بفئة من الجرائم التي يجمع بينها وحدة المصلحة المباشرة المعتدي عليها. ففي الباب الأول نص على الجرائم الواقعة على أمن الدولة (المواد من 270 إلى 321)، وفي الباب الثاني نص على الجرائم الواقعة على السلامة العامة (المواد من 322 إلى 349)، وفي الباب الثالث نص على الجرائم الواقعة على الإدارة العامة (المواد 350 إلى 397)، وفي الباب الرابع نص على الجرائم المخلة بالإدارة القضائية (المواد من 398 إلى 436)، وفي الباب الخانس نص على الجرائم المخلة بالثقة العامة (المواد من 437 إلى 472)، وفي الباب السادس نص على الجرئم التي تمس الدين والعيلة (المواد من 473 إلى 502)، وفي الباب السابع نص على الجرائم المخلة بالآداب والأخلاق العامة (المواد من 5.3 إلى 546)، وفي الباب الثامن نص على الجنايات والجنح التي تقع على الأشخاص (المواد من 547 إلى 586)، وفي الباب التاسع نص على الجنايات التي تشمل خطراً شاملاً (المواد من 587 إلى 609)، وفي الباب العاشر نص على الجرائم التي يرتكبها أشخاص خطرون بسبب عادات حياتهم (المواد من 610 إلى 634)، وفي الباب الحادي عشر نص على الجرائم التي تقع على الأموال (المواد من 635 إلى 749).
والدراسة التي بين يدينا لن تتعرض -بطبيعة الحال- لكل الجرائم المنصوص عليها في مدونة قانون العقوبات أو تلك التي نصت عليها قوانين جنائية خاصة، وإنما اكتفت بالتركيز على بعض هذه الجرائم فقط اختارت منها تلك التي يكثر ارتكابها في الواقع العملي، أو تلك التي يثير تطبيقها مشاكل قانونية تحتاج إلى تقديم الحلول بشأنها.
وقسكت هذه الجرائم حسب نوع المصلحة أو الحق المعتدى عليه إلى قسمين كما يلي: القسم الأول: جرائم الاعتداء على الإنسان. القسم الثاني: جرائم الاعتداء على المال. إقرأ المزيد