في مفهوم تاريخ إختلافي للتفكير البيولوجي عند جورج كانغلهم
(0)    
المرتبة: 391,982
تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: أفريقيا الشرق
نبذة الناشر:يتناول هذا الكتاب بالعرض والتحليل، المعالم الأساسية لنظام إيستمولوجيا زاحد من كبار فلاسفة هذا العصر، وأحداهم إيستمولوجيي علوم الأحياء: إنه جورج كانغلهم Georges Canguilhem (1904-1995).
إن كانغلهم يحتل، في قضاء التفكير الفلسفي المعاصر، مكاناً إستراتيجياً جعل الممارسة الفلسفية، على إمتداد الخمسين عاماً الماضية، تتطور وتتجدد وتعيد النظر في ذاتها إنطلاقاً منه ...وبالعودة إليه في سيرورة نقاش علمي متواصل عرف فيه الفكر إغتناء هائلاوتجديداً حاسماً.
ولما كان هذا الفكرعموماً وقد جاء قد وجد منطلقات تجديده الأساسية في الثورات العلمية العظيمة التي أنجزتها مختلف علوم الطبيعة والإنسان، وفي ما واكبها من تحولات في التعامل الفلسفي معها والتنظير الإبستمولوجي لها، فإن العمل العلمي العظيم الذي أنجزه كانغلهم إنما كان في قلب هذا التجديد بحثاً وتدريساً ونشراً.
لقد تميز العمل الفلسفي الهائل الذي أنجزه كانغلهم بإنصرافه أساساً إلى البحث في تاريخ البيولوجيا وتاريخ الطب. ولقد شكل هذا الإهتمام تحولاً نوعياً في المجالات التي كان يمارس فيها التأريخ للعلم (كالفيزياء والكيمياء والرياضيات).... إلا أن كانغلهم قد حول هذا الإنشغال التاريخي نحو مجالات أخرى ظلت فيها المعارف لزمن طويل وثيقة الصلة بالتخييلات ومرتعاً خصباُ لصراع التأويلات الإيديولوجية على عمق لاهوتي متجذر: إنها مجالات المعرفة البيولوجية.
من هذا المنظور، التاريخي والإبستمولوجي، كتب كانغلهم دراسات حاسمة في تاريخ علوم الحياة، ولعل أهم ما يمثل طابع الحسم فيها أنها أبرزت وحللت وفكرت بعمق نظري نادر المعالم الأساسية التي تخض ذلك التاريخ وتميزه بالعلاقة مع تواريخ علوم أخرى. تاريخ خاص يطرح، من حيث تميزه ذاك، مشكلات خاصة على ممارسته تبرز من بينها في المقام الأول مشكلة مفهومه وزمانيته. الأمر الذي جعل تأريخه للبيولوجيا يحتل مكانة مرموقة فلسفياً، في فضاء إنتقال علوم الحياة لإحتلال مكان مركزي في وضع الإنسان المعاصر.
ومن بين تلك المشكلات أيضاً المشكلة الكبرى المتعلقة بخصوصية الحياة وإمكانية المعرفة بها، أي أنه لم يكن من الممكن تكوين علم بالحياة والكائن الحي إلا عندما أخذ في الإعتبار إمكانية المرض والموت والتشوه والشذوذ والخطإ؛ وهي أشياء تحدد خصوصية علم الأحياء.
ثم إن علوم الحياة في تاريخها تطرح، وبكيفية خاصة، المسألة الفلسفية المتعلقة بالمعرفة، بمعنى أن معرفة الحياة تطرح مشكلة علاقتها بالحياة نفسها.
يبد أن هناك عند جورج كانغلهم، في قلب هذه الإشكالية الفلسفية، مسألة الخطأ. فإذا كان تاريخ العلوم هو تاريخ التعارض بين الحقيقة والخطإ، فإن تاريخ علوم الحياة يعتبر أن الحياة هي، في أساسها، القدرة على الخطأ.
فالحقيقة نفسها، عند كانغلهم، ليست سوى احداث الأخطاء، وأن التعارض بين الحقيقة والخطإ إنما يشكل الطريقة الأكثر تميزاً التي إخترعتها حياة حملت في أصلها إحتمال الخطإ، وعليه، فإن الخطأ عند كانغلهم، فيلسوف الخطإ وصاحب التاريخ الإختلافي لعلوم الأحياء، هو المصادفة الدائمة التي يلتقي حولها تاريخ البشر ومصير الحياة.
ألا تنبغي إعادة النظر في كل شيء، إنطلاقاً من هنا، ما دام أن المعرفة، كل المعرفة، تتأصل في أخطاء الحياة؟ إقرأ المزيد