تاريخ النشر: 01/01/2017
الناشر: دار ومكتبة بيبليون
نبذة نيل وفرات:تقويم البلدان للمصنف أبو الفدا ، صاحب حماه إسماعيل بن علي بن محمود المعروف بأبي الفدا . ولد ابو الفداء سنة 762 ه / 1273 م بمدينة دمشق التي كان قد التجأ إليها آنذاك أبو أمير حماة . وقد سارت مهمة تثقيفه في الأدب جنباً إلى جنب مع تدريبه ...العسكري ، وصحب أباه وهو في سن الثانية عشرة في الحملة التي انتزعت من ايدي الصليبيين قلعة المرقب . كما أخذ جانباً وهو في سن السادسة عشرة في إخراج الصليبيين من طرابلس ، وفي عام 690 ه / 1291 م أخذ طرفاً في حملة على أرمينيا بقيادة السلطان لاجين ، وتنسب أسطورة أوروبية هذا الأخير إلى جماعة الفرسان التيوتون ، وتزعم بأنه قد وصل إلى فلسطين مع الصليبيين ولكن لم يلبث أن أخذ جانب المسلمين ونال المكانة لديهم شيئاً فشيئاً حتى صار سلطاناً ، ومن الأفضل ذكر أن هذه الأسطورة مجهولة تماماً في المصادر العربية . هذا وقد ربط ابو الفدا كفاحه مع المماليك نهائياً في عام 698 ه / 1299 م وذلك في عهد خليفة لاجين السلطان الناصر الذي ظل أبو الفدا مخلصاً له طول حياته . وفي عام 701 ه / 1301 م أخذ أبو الفدا طرفاً في الحملة الثانية للماليك على آسيا الصغرى ، وقريباً من ذلك العهد قام بزيارة لبلاط السلطان بالقاهرة لأول مرة بما هو أهل له من تقدير واحترام ، وأعيدت إليه حقوقه الشرعية بعد عامين من هذا فثبّت أميراً على حماه . ومنذ تلك اللحظة استقر في أملاكه ولكنه كان يرى بالقاهرة في المناسبات والأعياد ، كما أدى فريضة الحج بضعة مرات صحب فيها أحياناً السلطان الذي كان يأنس بصحبته ، وحوالي عام 715 ه / 1315 م اشترك ابو الفدا في حملة أخرى على آىسيا الصغرى غير أن هذه الحياة الدانية الحركة لم تحل دون اشتغاله بالأدب . فإلى هذه الفترة يرجع تدوين القسم الأكبر من تاريخه الذي ظل يضيف إليه عاماً بعد عام حتى سنة 729 ه / 1329 م . وفي الوقت نفسه ، وذلك عندما كان بحماة في عام 717 ه / 1317 م اشتغل أيضاً في تأليف كتابه في الجغرافيا . وكانت حماة في عهد الفدا مركزاً للأدب ، والأدباء ملتقى الشعراء الذين تناقشوا في مدح الأمير كالشاعر المشهور إبن نباته . ولم يكن ابو الفدا نفسه غريباً على الشعر ، كما أنه ضرب بسهم وافر في كثير من العلوم كالفلك والطب والنبات ؛ إلا أن شهرته العلمية تعتمد أضاف إلى هذا عدداً ليس بالقليل من المعلومات الجديدة عن البلدان غير الإسلامية ؛ أساساً صنفيه في التاريخ والجغرافيا . وابو الفدا وإن كان معاصراً لماركو بولو ( 1256 - 1323 م ) إلا أنه لم يكن رحالة ، فهو لم يكن يعرف غير الشام والبلاد المجاورة كفلسطين وبلاد العرب ومصر والجزء الشرقي من آسيا الصغرى وأرض الجزيرة العليا . أما بخلاف ذلك فهو جغرافي نقالة كان يستقي مادته من الآثار المدونة وأحياناً من قصص التجار والرحّالة التي سمعها بالشام ، وهو لم يكن بحاثة ولكن هذا لم يمنعه من وضع أثر لا يقل في شأنه من معجم ياقوت الحموي . ولا شك أن مصنفه هذا " تقويم البلدان " هو مصنف نقلي جمع مادته من عدد كبير من المؤلفات القديمة ، لكنه أضاف إلى هذا عدداً ليس بالقليل من المعلومات الجديدة على البلدان غير الإسلامية وهو في تبويبه لمادته يكشف عن مقدرة ملحوظة في التأليف . وليس بمقدور أحد أن ينكر أن المكانة التي بلغها عند الأجيال التالية من العرب والفرس والترك ، وبين دوائر المستشرقين ابتداء من القرن السادس عشر ؛ إنما تقوم في الواقع على أساس تعيين . ويحمل مصنفه هذا في الجغرافيا عنواناً متواضعاً " تقويم البلدان " كما ذكرنا آنفاً ، وقد أتم مسودته في أيلول من عام 721 ه / 1321 م ، ولكن من الممكن القول بأنه ظل يزيد عليه حتى لحظة وفاته . وبمكتبة ليدن مخطوطة له راجعها أبو الفدا نفسه . وينقسم الكتاب إلى قسمين غير متساويين ، الأول منها على هيئة مقدمة في الكوزموغرافيا العامة تضم المعلومات المعهودة من تقسيم الأرض وعن خط الإستواء والأقاليم السبعة / والمعمور من الأرض ومساحتها وعن المصطلحات المستعملة في الجغرافيا ، ويروي فيها وصف قصير للبحار والبحيرات والأنهار والجبال ، كما يوضح النظام الذي يسير عليه الكتاب . أما القسم الثاني والأكبر فهو ينقسم بدوره إلى ثمانية وعشرين قسماً ، أو جداول على الأصح مكرسة للكلام على المناطق الجغرافية المختلفة التي تسمى أيضاً بالأقاليم ، والتي يرد وصفها على الترتيب الآتي : بلاد العرب ، مصر ، المغرب ، السودان ، الأندلس ، جزر البحر المتوسط ، والمحيط الأطلنطي ، الشمال ( بلاد الفرنجة والترك ) ، الشام ، الجزيرة ، العراق ، خوزستان ، فارس ، كرمان ، سجستان ، السند ( البنجاب ) الهند ، الصين ، جزر البحر الشرقي ، الروم ( آسيا الصغرى ... وهذا التعداد يبين لأول وهلة أن تبويب أبي الفدا يعكس بدقة تأثير المدرسة الكلاسيكية للبلخي . إقرأ المزيد