تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: دار طلاس للدراسات والنشر
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:ترى ما الذي يربط بين الفلسفة والفيزياء الكونية، وهل تركت الفيزياء هذه للفيلسوف فرصة لقول ما في مسألة الكون؟ ربما كان تعليق أستاذ كرسي نيوتن للفيزياء في جامعة كامبرج "ستيفن هوكنغ" إجابة مباشرة عن مثل هذا السؤال إذ قال: لن يترك علماء الفيزياء الكونية للفلاسفة في المستقبل القريب، بالنسبة ...لتفسير حوادث الكون، سوى الأحلام.
لا شك أن الفلاسفة سيشكرون العالم الفيزيائي "هوكنغ" على تركه لهم ما يشغلهم وهو الحلم، وإن "هوكنغ" نفسه ليس خلواً من العالم الجميل، عالم الأحلام، فهو بالضرورة يحلم بنظرية لتفسير الكون لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من بين يديها.
غير أن الفيلسوف الطامح دائماً إلى المعرفة الكلية لن يعير كلام عالم الفيزياء إهتماماً، ولن ينفذ وصيته، إن كان يوصيه بالإكتفاء بأن يحلم بتفسير حوادث الكون، فالفيلسوف أكثر عناداً مما يتصور العالم الذي لا يرى في الفلسفة إلا كلاماً لا قيمة له، وإذا كان ستيفن واينبرغ الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء قد تحدث عن "اللافاعية" غير المعقولة للفلسفة في حقل العلم؛ فإن الذين كتبوا عن العلاقة الوطيدة بين الفلسفة والفيزياء كثر، وأغلبهم من أئمة الفيزياء والفلسفة؛ كما كس بلانك في كتابة "فلسفة الفيزياء" وفرنزهايزنبرغ في كتابه "فيزياء وفلسفة"، وكلاهما من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء، وماريو بونغ في كتابه "فلسفة الفيزياء" وجيمس جينز في كتابه "فيزياء وفلسفة"...
كما يعدّ كتاباً آينشتاين والقضايا الفلسفية لفيزياء القرن العشرين "لمجموعة من العلماء السوفييت نموذجاً، في الأيديولوجية السوفييتية، يؤكد هذه العلاقة... وقد ذهب فريتجوف كابرا إلى مدىً بعيد عندما ألف كتاباً بعنوان "الطادية والفيزياء الحديثة"، تحدث فيه عن التماثلات بين الفيزياء الحديثة والصوفية الشرقية وفلسفتها، وقد لاقى كتابه هذا رواجاً عظيماً والصوفية الشرقية وفلسفتها، وقد لاقى كتابه هذا رواجاً عظيماً ونشر في عشرات الطبعات في بلدان العالم، وأعاد كابرا نشره في طبعة منقحة.
وإن المسيرة الإنسانية لوعي الكون، والتي بدأت منذ صياغة أول أسطورة حوله وإنتهاء بآخر نظرية علمية، لم تصل بعد إلى ذلك اليقين الذي من شأنه أن يطوي دفتي كتاب الكون ويبعث الإطمئنان بصحة معارف الإنسان عنه، وليس غريباً إذ ذاك أننا ونحن نعيش عصر التقدم العلمي العاصف، أن نجد حضوراً، وإن كان غير متكافئ بين كل أنماط الوعي الأسطوري والديني والفلسفي والعلمي التي ما انفكت تبحث في أعظم الأسرار وأكثرها مدعاة للقلق ألا وهو سر هذا الكون العجيب... ما أصل هذا الكون؟ هل له بداية ونهاية؟ هل هناك أكوان أخرى خارج هذا الكون؟ هل هو محض مصادفة، أم أنه خاضع لضرورة أو حتمية مطلقة؟ هل يمكننا الركون إلى صحة النظريات رغم إختلافها؟ وإذا ما أردنا المبالغة سألنا سؤال التالي علنا نستفز علماء الكون: هل الفيزياء الكونية علم بالمعنى الدقيق للكلمة، أم أنها أقرب إلى الحدوس الفلسفية؟.
وعلى هذا... وفي جميع الأحوال فإن الأسئلة القديمة حول الكون ما زالت أسئلة تتوارثها الأجيال دون أن تصل إلى جواب ينهي، حلتها مع هذه الأسئلة وغيرها... يمثل هذه الكلمات والأفكار التي تحمل في معانيها دلالات فلسفية يقدم مصطفى طلاس كتابه هذا بأجزائه الثلاث الذي يحمل عنوان "مناهج الفيزياء الكونية" وهو يتابع في مقدمته هذه مسيرة رحلة قصيرة في الوعي الفلسفي والعلمي لمسألة الكون كي تؤسس إجابته عن ذاك السؤال الأخير، الوارد آنفاً، تأسيساً تاريخياً، كاشفاً عن الدلالة التابعة خلف إجابات الفلسفة والعلم معاً.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن هذه المجموعة التي حملت عنوان "مناهج الفيزياء الكونية" جاءت ضمن أجزاء ثلاثةً وأبواب سبعة تتابعت على التوالي على إمتداد هذه الأجزاء، تضمن الجزء الأول بابين، تناول الأول منها الحديث عن الفلك والمجموعة الشمسية، وتحدث الثاني عن الأرض وعمرها، وأما الجزء الثاني فقد تضمن الباب الثالث الذي دار حول علم الكونيات، بينما تضمن الجزء الثالث والأخير كل من الباب الرابع والخامس والسادس والسابع جاءت مواضيعها على التوالي: النسبية وميكانيك الكم، الطبيعة والحياة، الفيزياء النووية، سيرة ذاتية. إقرأ المزيد