حرب لبنان 1975 - 1990 ؛ تفكك الدولة وتصدع المجتمع
(0)    
المرتبة: 33,450
تاريخ النشر: 08/07/2008
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة الناشر:فاز كتاب حرب لبنان "1975-1990" لمؤلفه لدكتور عبد الرؤوف سنو، بجائزة الشيخ زايد للعام 2011 في فرع البناء وتنمية الدولة.نبذة المؤلف:بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت في عام 1982، ومغادرة ياسر عرفات لبنان في العام التالي، تبين أن العامل الفلسطيني، كمسبب مباشر للحرب، قد تراجع إلى الوراء، وأن الصراع العربي ...الإسرائيلي، وخلافات الدول العربية في ما بينها، ودخول إيران، الجمهورية الإسلامية، إلى الساحة اللبنانية كطرف إيديولوجي وسياسي بعد عام 1982، والصراع الدولي في الشرق الأوسط ، كانت كلها مسائل شائكة استمرت انعكاساتها على الوضع الداخلي اللبناني، مذكية التناقضات بين اللبنانيين، ومؤججة الخلافات في ما بينهم. وحتى أثناء عمل اللبنانيين على إيجاد الحل لمعضلة بلدهم في مدينة الطائف عام 1989، كان ياسر عرفات، رئيس "منظمة التحرير الفلسطينية" قد عاد إلى الساحة اللبنانية من بابها الخلفي، ليناهض مع العراق المنتصر في حربه ضد إيران (=حرب الخليج الأولى 1980-1988)، ومعها الجنرال ميشال عون، السياسة السورية في لبنان وتصفية الحسابات مع الرئيس حافظ الأسد. وتزامنت هذه الأحداث مع انشطار الدولة اللبنانية إلى حكومتين، ودخول البلاد في مرحلة دموية بين عامي 1989 و1990.
بناءً على ما تقدم، فإن إطلاق صفة "حرب لبنان" على مرحلة النزاع بين عامي 1975 و1990، وليس "الحرب الأهلية اللبنانية"، أو "الحرب اللبنانية"، أو "حروب الآخرين على أرض لبنان"، هو في رأينا، الأكثر صحة علمياً وموضوعياً، لأن هذه الحرب لم تكن في كثير من مراحلها صراعاً داخلياً صرفاً بين اللبنانيين. لقد استطاع العامل الخارجي (الفلسطيني، الإسرائيلي، السورين العربي، الإيراني، الدولي) أن يستغل تناقضات المجتمع اللبناني وضعف تماسكه، وانعدام سيطرة الدولة عليه والإمساك به، وهشاشة بناه المؤسساتية والسياسية، للتلاعب بالتوازنات الداخلية في سبيل تحقيق مصالحه. وفي هذا السياق، كان يتم اصطناع وسائل الاضطراب الداخلي أو تغذيته (خلافات سياسية، حملات إعلامية، إغداق الأسلحة والأموال على فرقاء النزاع، رعاية إطلاق النار وأعمال العنف والخطف والقتل الخ...) لتأجيج عوامل النزاع بين اللبنانيين.
علاوة على خلفياتها وسمبباتها وأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، فقد حملت هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الوطن أكثر من معنى: طرحت شرعية الكيان اللبناني، ومدى ولاء اللبنانيين لهذا الوطن المسمى "لبنان". كانت صراعاً سياسياً واجتماعياً وعسكرياً بين المناطق، وبين الطوائف وداخل الطوائف. كانت فترة زمنية سيطرت فيها أنماط جديدة من الثقافة والتفكير المناطقي والطائفي والعلاقات والقواعد الاجتماعية بشكل مختلف عما كان عليه الوضع قبل عام 1975. تسببت في تعطيل سلطة الدولة وسيادتها وشل مؤسساتها وابتلاع مجتمعها المدني من قبل الميليشيات وقوى الأمر الواقع. شكلت إطاراً زمنياً ومكانياً لمرحلة تاريخية-اجتماعية امتلأت بالتغيير وبالسلبيات أكثر من الإيجابيات.
لقد اعتبر أحد الباحثين بحق، أن الحرب التي عاشها اللبنانيون واكتووا بنيرانها، تعتبر سنوات مسروقة أو ضائعة من حياة كل فرد منهم، سواء أكان طفلاً، أم شاباً، أم كهلاً، أم عجوزاً. ورأى أن حالة انتظار إعادة البناء والإعمار وبناء السلام وعودة الحياة إلى طبيعتها، كانت في حد ذاتها خسارة للسنين المقبلة من عمر كل لبناني.
بناءً على ما سبق، لم تكن الغاية من إصدار هذا الكتاب، الذي استغرق العمل عليه أكثر عشر سنوات، هي استحضار ما حملته هذه الحرب، من أحقاد دفينة وذكريات أليمة وآثار مريرة وهواجس لم تخمد في نفوسنا بعد، ولا إلقاء التهم جزفاً، أو نبش الماضي وفتح ملفاته والدعوة إلى المساءلة وتحديد المسؤولية، أو إلقاء الضوء على بطولات حقيقية أو زائفة هنا وهناك، وإضفاء صفات الوطنية أو الخيانة على هذا وذاك، وتحميل نظام لبنان مسؤولية ما فعلته أيدينا وأيدي الآخرين، وإنما القيام بقراءة عقلية واعية لمعرفة جذور الحرب وأسبابها، وكيفية نشوئها، وتفاعلاتها، وتداعياتها، وتطوراتها، ومساراتها، وخواتيهما، واستعادة هذه التجربة الاجتماعية-السياسية-السلوكية-المعرفية في ذاكرتنا، واستيعاب دروسها وعبرها، وعدم طمسها، كي لا يؤدي نسيان ويلاتها واضرارها إلى تكرارها وإعادة إنتاجها من جديد. فعلينا، إذا، أن ننعش ذاكرتنا وذاكرة أجيالنا الصاعدة، بأن تقاعل أبناء الوطن الواحد يجر إلى الخراب والمآسي على البلاد، فيما يؤدي الحوار المنطقي بينهم إلى التغلب على كل الصعاب.
لقد اندلعت الحرب في لبنان عام 1975 تحت شعارات التغيير والإصلاح، ثم تحولت إلى حرب من أجل الحرب (القتل والخطف والاغتيال والسرقة والنهب وترويع المواطنين الخ...). إقرأ المزيد