تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: دار قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:تعرضت لغة الخطاب السياسي -مصطلحاً ومفهوماً ومفردات- لدى المسلمين، شعوباً ونخباً، لتحولات جذرية خلال القرنين الأخيرين مست مركز المجال السياسي وأطرافه. هذه التحولات في اللغة عكست إلى حد بعيد أثر الهيمنة الغربية الثقافية والمادية المتنامية في المجتمعات الإسلامية وفي تكوين وعي المسلمين ومتخيلهم مما أدى إلى نشوء لغو ملتبسة يستخدمونها ...في توصيف أحوالهم وشؤونهم وواقعهم.
فمن جهة هناك لغة خطاب سياسي موروث يمارس فاعليته وعي المسلمين من خلال تماسهم الروحي المتواصل مع النص القرآني والحديث الشريف وسيرة الرسول وصحابته وخلفائه وتجربة "دولة المدينة" التي مثلت في ذاكرة المسلمين على مر التاريخ بوصفها "الدولة الفاضلة" والأنموذج الذي ينبغي احتذاؤه والاسترشاد به. من قلب هذه التجربة التاريخية يستدعي المسلمون ويستحضرون لغة خطاب سياسي ما تزال تمارس تأثيرها فيهم: "فالخلافة" تعبير عن استخلاف الله للإنسان في الأرض وعن النظام السياسي "الشرعي" للمسلمين وهي تتأسس في الواقع على فعل ابتدائي يتمثل في "البيعة" اليت هي عبارة عن عقد بين المسلمين وقائدهم، وتتواصل من خلال ممارسة تعزز فعل البيعة ألا وهي "الشورى". وكلا الفعلين، البيعة والشورى، ضروريان لاكتساب النظام السياسي "الشرعية" و"العدالة" في نظر "الأمة" وإلا كان النظام الذي يخلو منهما تعبيراً عن "الغصب" و"الطغيان" وكان رأسه يستحق وصف "الفرعون" و"الطاغية" و"الطاغوت"، وبالتالي فمن حق الأمة إسقاط "واجب الطاعة" والخروج عليه.
ومن جهة أخرى، هناك لغة خطاب سياسي حديث يستخدم معجماً دخيلاً تسوده مفردات الدستور والقانون والوطن والاستعمار والإمبريالية والاستقلال والرئيس والزعيم والليبرالية والديمقراطية.. الخ، وما يرتبط بها من دلالات ومعان.
وما بين هذين الخطابين، يمتد واقع مفعم بوطأة تاريخ أحداثي سادته سلالات وأسر وجيوش أعجمية ومغولية وعربية تربع على رأسها سلاطنة وخانات ومماليك أثقلوا الذاكرة اللغوية بقدر المعاناة التي تحملها المسلمون.
هذا الكتاب دراسة فيلولوجية مقارنة وتاريخية للمصطلحات الإسلامية التي تتعلق بالمجال السياسي، يمضي فيه مؤلفه -عبر إحالات دائبة إلى اللغة والتاريخ- إلى ما وراء اللغة السياسية المعاصرة لفهم الخطاب السياسي عند المسلمين، إذ بدون ذلك لا يمكن فهم "سياسات الإسلام" والحركات والتغيرات التي انطلقت من أطر إسلامية، وبالتالي لا يمكن فهم اللحظة الراهنة للفكر والواقع عند المسلمين. إقرأ المزيد