تاريخ النشر: 28/11/2007
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"كان ذلك في طائرة متجهة من تونس إلى باريس, في الشتاء, بعد الظهر. لم تكن الطائرة مكتظة, ما مكنني من تفحص رؤوس الراكبين ملياً من خلف. وهو ما خبرته قبل سنوات, في درس الفلسفة, إذ أفادنا الأستاذ أننا قادرون إن ركزنا النظر في أحدهم من خلف, على إدارة رأسه, ...كما لو أننا وجهنا له تحية وما علينا سوى انتظار الرد بالمثل. كان على مقربة مني, في الصف المقابل, في زاوية جانبية, تمكنني من التركيز عليه, لم تنجح محاولتي. كان منكباً على ما يشغله, من دون أن أتبينه تابعت المحاولة من جديد, بعد إقلاع الطائرة, من دون نجاح, خصوصا أنه استعاد انكبابه السابق. كررت المحاولة من جديد مع سيدة هذه المرة, من دون أي نجاح يذكر. وكذلك مع سيدة أخرى... لعلها مساوئ الارتفاع الجوي... التهيت في أمور أخرى, وإذا بي أنتبه إلى توقف السيد عن أشغاله, والتفاته إلى خلف. كان يحدق بي حينما تنبهت له من جديد. كاد أن يوجه لي تحية إذ افترت شفتاه عن ابتسامة تكاد أن تكون طيفها الأكيد. حرت في أمري, فأنا لا أعرفه أو لا أتذكره ربما. نهض من مقعده وتوجه صوبي مبادراً بالقول :"عفوا, أأنت ذاهب إلى باريس؟" أجبته : "نعم, هل من خدمة؟" عاد إلى مقعده من جديد, وأتى بمجموعة من بطاقات المعايدة, التي كان مشغولا بكتابتها, على ما يبدو, وتابع حديثه :" ألك أن تضع هذه الرسائل في صندوق البريد في المطار؟". "طبعا". أخذت الرسائل, ووضعتها في حقيبة اليد, بفعل تلقائي لا يرقى إليه أي تردد. لماذا فعلت ذلك؟ لا أعرف. أما كان في إمكانه فعل ذلك؟ لا أعرف. من كان؟ عصام سرطاوي. من هو؟ من كان بالأحرى؟ أمات ؟ اغتيل بعد شهور على هذه الحادثة. لماذا ؟ بسبب الاتصالات التي أجراها مع إسرائليين بتطليق من ياسر عرفات . هل كان الذي اغتالوه يرسلون بطاقات معايدة؟ لا أعرف. هل كان ياسر عرفات يرسل بطاقات معايدة؟ لا أعرف".
تستعاد قصة قابيل وهابيل كرمز يجسد غدر الإنسان بأخيه. شخصيات تبرز وأحداث تتقاطع من خلال اللغة الحوارية التي شكلت البنية السردية الروائية. حوار بين شخصين تكون بمثابة مكاشفة تتيح للكاتب القومي في عمق الإنسان وكشف هواجسه وأفكاره وزلاته. والمضي بعيداً في استدراجاته التي تأتي بمثابة تأملات تتيح للقارئ والوقوف على فلسفة الحياة. إقرأ المزيد