تاريخ النشر: 01/12/2006
الناشر: دار الوراق للنشر
نبذة نيل وفرات:كانت الفصول الخمسة لهذا الكتاب الذي يبحث عن الحوادث التأريخية القديمة التي ورد ذكرها في العهد القديم، في الأصل محاضرات ألقيت في المعهد المصري، وفي الجمعية الملكية الجغرافية في القاهرة خلال سنتي 1913 و1917. وفي الفترة الواقعة بين سنتي 1909 و1911 ألقيت عدة محاضرات أخرى في الجمعية الملكية الجغرافية ...في لندن حول موضوع (جنة عدن) و(طوفان نوح) كما نشرت عنهما مقالاً في مجلة بلاكوود الصادرة في شهر أكتوبر (تشرين الثاني) سنة 1914. أما الفصول الثلاثة الأخيرة فهي نص المحاضرات كما ألقيت حرفياً. وأما الفصلان الأولان فقد أدرج فيهما المحاضرتان الأوليان مع بعض تعديلات وإضافات جديدة. لقد قضى المؤلف "وليم ويلكوكس" أربعة وثلاثين عاماً في دراسة كل ما ورد في العهد القديم مما له صلة بالري والأقطار التي شملها نظام الري، وهذه الدراسة مشفوعة بتحر عملي دقيق تلك الأقطار التي يشملها نظام الري. وهذه الدراسة مشفوعة بتحر عملي دقيق تلك الأقطار. وما هذه المحاضرات إلا ثمرة لذلك الدرس وتلك التحريات. والذي ساعده على هذا اختصاصي بهندسة الري ومعرفته الجيدة باللغة العامية التي تختلف اختلافاً بيناً عن اللغة العربية الفصحى.
لقد تفضل الأستاذ المحترم سايس فقرأ فصول هذا الكتاب وصحح الأخطاء التي ارتكبها تلميذ مبتدئ مثلي في علم الآثار القديمة. كما أنه شرف الكتاب بوضع مقدمة له. وأني لفخور جداً بأن أدرج فيما يلي نص هذه المقدمة. قال الأستاذ سايس:
طلب إلي السير ويليم ويلكوكس الذي كان زميلاً لي حين كنا نعمل معاً في حقل الآثار القديمة، أن أضع لكتابه الجديد مقدمة موجزة، فالذي لاحظته لدى قراءتي هذا الكتاب أن المؤلف عالج الموضوع بطريقة مبتكرة من أساسها. وفي الوقت نفسه فإن له وجهة نظر مهمة جداً، وجهة نظر مهندس عملي خبير بشؤون الري، يعرف معرفة جيدة أراضي مصر والعراق. فهو لم يزودنا فقط بمواد جديدة لحل المشكلات التي تتعلق بالعهد القديم ولكنه أتانا بوسائل مبتكرة لحلها أيضاً. وهذه الوسائل أهم من تلك الحلول. ثم أنه لم يعبأ بالتفاسير التقليدية ولا بنظريات النقد أو فروضها بل هاجمها بجرأة وبغض النظر عما يؤدي إليه هذا المسلك من مخالفة لما توصل إليها العلماء في هذا الحقل. وقد اعتمد المؤلف على قوة المنطق وسلاح العلم التجريبي. ومع إني لا اتفق وإياه في جميع النتائج التي توصل إليها في بحثه، إلا إني مع هذا اعترف بأنه لا يوجد بين تلك النتائج ما يمكن إهماله أو ما لا يثير اهتماماً من وجهتي النظر الفكري والجدل المنطقي معاً.
وبالعودة لمتن الكتاب تذكر أن الفصل الأول من هذا الكتاب إنما خطته براعة رجل لم يكتف بالبراهين المنطقية فحسب، وإنما عزز آراءه بالأدلة العملية وأثبت وجهات نظره بالمشاريع العظيمة التي أقامها في أرض العراق، فأعاد إليها جنة عدن مرة أخرى، وأحيا 300.000 إيكر من الأراضي الموات المندرسة، فصار من الممكن من الآن فصاعداً لجيوشنا أن تعتمد إلى حد بعيد، على غلات البلاد في تموين نفسها. والمعنى الذي استظهره من كلمة "ايد" العبرية وهو "الفيضان" أو "الإغمار" والتي وردت خطأ في الترجمة الإنكليزية للعهد القديم بمعنى –الضباب- هذا المعنى أيدته أدلة واضحة من علم "فقه اللغة".
أما الفصل الذي يبحث عن طوفان فإنه يلقي ضوءاً جديداً على التاريخ. ولعل أكثر القراء سيجدون في الفصل الذي يبحث عن الأوبئة التي حدثت في مصر ما يثير اهتمامهم الكثير، وكل من عاش في مصر يجد قناعة تامة فيما ذكره السير ويليم ويلكوكس.
بيد أن مقترحات السير ويليم ويلكوكس ووجهات نظره الحديثة لم تقتصر على المواضيع الهندسية فحسب فقد كان من حين إلى آخر يبدي ملاحظات من شأنها أن تزعزع المعتقدات القديمة الراسخة في النفوس ويقترح مسلكاً جديداً للتفكير والبحث العلمي. فقد ذهب إلى أن "قادش برنيع" لا بد أن يكون المعبد الصحراوي الذي يقطع المسافر إليه مسيرة ثلاثة أيام والذي كان موسى النبي قد فكر في بادئ الأمر أن يأخذ بني إسرائيل إليه. في حين أن من الصعب على المرء أن يتصور السر في عدم ذهاب أحد من المؤرخين قبله إلى هذا الرأي. وقد ذهب أيضاً إلى أن الألواح التي كتب عليها النص الأصلي لشريعة موسى كانت من الطين لا من الصخر، وذلك لأن الصخور الحجرية كانت ثقيلة نوعاً ما بحيث يتعذر نقلها من مكان إلى آخر كما أن من الصعب تكسيرها. وقد أيد هذا الرأي بالقياس على الألواح التي كتبت عليها شرائع حمورابي الأصلية فإنها كانت من الطين. هذا إلى أن الطين كان المادة الشائعة التي تستعمل للكتابة في القسم المتمدن من غربي آسيا في عصر موسى وقد كتبت على هذه الألواح الوصايا العشر أيضاً وذلك في الخط البابلي وباللغة البابلية.
أما الفصل المتعلق بطريق خروج بني إسرائيل من مصر فإنه يعيد، بدون شك، إلى الذاكرة الخلاف القديم حول هذا الموضوع، وهناك مجال واسع للكلام حول نظرية بروكش التي أحياها السير ويليم ويلكوكس وأيدها بأدلة جديدة منه. إقرأ المزيد