تاريخ النشر: 01/02/2007
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:لم يدر غالبية المتظاهرين، بعد مسيرة شبه هادئة، فقط الأيادي تلوح باللافتات، والأصوات تطالب باستقالة رئيس الحكومة، أو تتوعده بمصير "سوهارتو أندونيسيا"، ما الذي حدث، لتنقلب تلك المسيرة السلمية إلى ثيران هائجة، وفوضى عارمة، انفرطت الحشود فجأة، أحرقوا إطارات السيارات ودحرجوها في الشوارع الخالية، رموا حاويات القمامة ثم سحبوها ...إلى مدخل الأحياء والحارات، تحطمت لوحات الإعلانات وشوهت الأجساد الجميلة، وسفحت العطور التي فيها.
قبل أن يجد عارف نفسه مرفوعاً فوق الأعناق، ملوحاً بكلتا يديه بسقوط العملاء ورؤوس الفساد، كان قد لمح بعض الأشخاص يتساقطون على الأرض، ورأى رجال الأمن يطلقون رصاصاً حياً، ويرمون القنابل الحارقة وسط الحشود. وخيل إليه وهو يبصر الجنود والدبابات والشاحنات العسكرية، ينتشرون في الأحياء والشوارع والزوايا، أن المدينة واقعة تحت الاحتلال.
كان يمكن لأي موظف في مبنى الخطوط اليمنية، في حي الحصبة البعيد، أن يصل من إحدى نوافذ البناء الشاهق، ويرى تطاول أعمدة الدخان، بسبب الحرائق التي أشعلها المتظاهرون، في إطارات ا لسيارات، ومواد أخرى قابلة للاشتعال، وأن يسمع ولو بشكل مشوش، حناجر المئات تهتف هادرة.
حين راحت الحشود تخضه، ترفعه تارة وتنزله مرة أخرى، لم يدر عارف لماذا انشغل بتلك اللوحات الأنيقة، التي تعكس رجالاً ونساء يرشون عطوراً فارهة على أجسادهم، ويقتحمون العالم بروائحهم الجميلة، وفكر في ذلك الجسد الرجولي شبه العاري، بالصدر الفسيح والبطن المشدود، بالقرب منه زجاجة عطر أنيقة، فيما كتب أسفل الإعلان اسم الوكيل الشهير للعطورات العالمية في دول الخليج.
عساكر وفرق مكافحة الشغب، بتروسهم البلاسيكية وهراواتهم، طوقوا المكان وأحاطوا بالحشود الهادرة. وأخذ يرقب الهراوات، تنهال على الرؤوس والأجساد بقسوة ووحشية، سقط وداسته الأقدام، وهي تهرب من بطش العساكر. نهض يجر نفسه جراً، وجد نفسه قريباً من مبنى دائرة حكومية، دخله ووجد درجاً صعده إلى السطح، ومن فوق رأى عسكرياً يطلق من فوهة بندقيته شيئاً معدنياً، باتجاه الحشد الممزق الذي خفت صياحه، وراحت بعض الأيادي تبحث، وتنزع المطالب والأماني والاحتجاجات، من تحت الأقدام، سقطت الأعلام واللافتات من القماش العريض.
صدمه الدخان، ينطلق كثيفاً بزرقة باهتة، وكانت الجموع تنفرط لتعود وتلتئم مرة أخرى، شعر بنار حارقة تجتاح عيونه وجسده كله. لم يعرف إذاً كان يركض أن يتدحرج باتجاه حمام مسجد مجاور، لكن وجده مغلقاً، لمس وجهه بأطراف أصابعه، خاله تحول إلى كتلة من عجين رخو أحمر ألماً.نبذة الناشر:في مجتمع حيث تضيق الهوامش يعيش بطل رواية أحمد زين في أحلامه التي تصدمها الوقائع دائماً، إنه يعيش في الحلم، في حلم بعيد عن الأحداث الفعلية التي تحدد سيرورة حياته.
كل التوقعات التي يبني عليها آمالها تتبخر وتذوب، وهو يركض لاهثاً من أجل أن يكون له "تاريخ شخصي" يمنحه معنى في عالم فقد معناه.
إنه مجتمع ضيق، تعصف به أحداث يعيشها خارج الزمن المعاصر، مجتمع قبائل وصراعات، وبحث عن إقامة نصاب لهذا المجتمع يعرف فيه المرء مدى الحرية المتاحة له.
"قهوة أميركية" رواية معاصرة تبحث عن حياة معاصرة. هي أيضاً رواية الجيل الجديد في اليمن، الذي لم يجد أجوبة شافية في تاريخ يمتد إلى قرون، ولقي نفسه تائها في عهود "التشطير"، وما يزال يفتش عن هوية ما في حقبة "الوحدة". إقرأ المزيد