تاريخ النشر: 01/01/2017
الناشر: مكتبة المطبوعات الإسلامية
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:للزمن قيمة عند الفلاسفة غير قيمته عند التجار، وغيرها عند الزراع، وغيرها عند الصنّاع، وغيرها عند العسكريين، وغيرها عند السياسيين، وغيرها عند الشباب، وغيرها عند الشيوخ، وغيرها عند طلبة العلم وأهل العلم.
وإنما ما يدور حوله البحث في هذا الكتاب وخصه المؤلف في حديثه هو قيمة الزمن عند طلبة العلم ...وأهل العلم فحسب، والغاية من ذلك التعريف بقيمة هذه النعمة العظيمة التي هي ميدان الحياة، في محيط العلم وأهله، وكيف يمكن أن تأتي بالعجائب المدهشات، إذا أحسن المرء الإستفادة منها، ونظم حياته وأوقاته بنظام، وبَعُدَ عن الوقوع في الفضول في الكلام والطعام والمجالس والإجتماعات واللقاءات... فتكون له أوفر الآثار الزاكيات، وأطيب الحسنات الباقيات، ويخلد ذكره - بنفعه ومآثره - مع الخالدين المحسنين.
هذا وقد أرشد الله تعالى المسلمين في كتابه الكريم، وعلى لسان نبيه العظيم إلى أهمية الوقت والتوقيت في حياتهم وأعمالهم، فرسم لها الأحكام الشرعية، وحدّد لهم أوقاتها ومواعيد أدائها، وحذّرهم من التساهل والتجاوز بها عن توقيتها.
وفي ذلك منه سبحانه تعليمٌ وتربيةٌ للمسلمين على تنظيم الأعمال والقيام بها في مواقيتها المحددة، قال عزّ وجلّ (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيّ الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها"...
وإن الصلاة تتكرر من المسلم والمسلمة في اليوم والليلة خمس مرات، فإذا أدّاها المسلم في أول وقتها كما طُلبَتْ منه، غرست في سلوكه خُلقَ الحفاظ على الوقت، والدّقة في المواعيد، والإنتباه لتوقيت كل عمل بوقته المناسب له، الموصل إلى الغاية منه على الوجه الأتم الأكمل.
ومن هنا، تبدو الحكمة البالغة: لماذا خصّ الله تعالى ثم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالذكر من بين سائر التكاليف الكثيرة الموقّتة؛ لأنها تتكرر كل يوم خمس مرات، ففي زمن يسير ينطبع سلوك فاعلها بخُلُق ضبط الوقت، ودّقه الوعد، وأداء كل عمل في ميقاته المخصص له على الوجه الأمثال، ويصير ذلك عادة وطبيعة متّبعة في سلوكه وحياته.
وقد رسم الشرع الحنيف التوقيت في تكاليف كثيرةٍ غير الصلاة، فوقّت في أحكام الحجّ، والزكاة، والصوم، وزكاة الفطر، والأضحية، والسفرن والتيمم... وغيرها وما ذلك إلاّ لمعنىً هامّ، رتّب الشرع التوقيت عليه، وتخطُّ المصلحة والنفع به؛ هذا وقد غفل كثير من المسلمين اليوم عن هذا التوجيه الإسلامي الدقيق لهم من جانب الشرع فجعلوا يأخذون ويتعلمون أهمية ربط الأعمال بالتوقيت المناسب، من غيرهم!.
وكأنهم لم يُمَرّنوا أو يُرَبَّوْا على ذلك من أول يوم كُلّفوا فيه بأحكام الشريعة الغرّاء وفي أوّلها الصلاة، فالوقت، وإلى هذا، من حيث هو معيار زمني من أغلى ما وهب الله تعالى للإنسان، وهو في حياة العالم وطالب العلم رأس المال والربح جميعاً، فلا يسوغ للعاقل أن يضيعه سوَّى، ويعيشه فيه هَمَلاً، فيجب على المسلم أن يتنبه إلى الوقت في حياته، وإلى تنفيذ كل عمل من أعماله في توقيته المناسب.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي دوّنه المؤلف ليكون في محتواه بما فيه من أخبار الآباء والسلف حافزاً لهم أصحاب العزائم، من الشباب وطلاب العلم، وفي هذه الفترة التي فَتَرت فيها هم الطالبين، وتقاعست غايات المجدّدين، ونَدَر فيها وجود الطلبة المحترقين بالعلم، فمات النبوغ وساد الكسل والخمول، وبرز جرّاء ذلك الضعف والتأخر في صفوف العلم وآثارهم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطبعة هي الطبعة المزيدة المستوفية لهذا الكتاب الثمين يهديها نجل العالم عبد الفتاح أبو غدة مؤلف الكتاب، إلى طلبة العلم وأهله، بعد أن اجتهد في خدمته، وأثبت فيه ما أثبته المؤلف، مضيفاً نُتَفاً من النصوص والأشعار، ومُلَماً من القصص والأخبار، مما وقف عليها المؤلف في مطالعاته ورأس أنها تعلقاً بالموضوع، أو أن فيها تمام أو إتمام الفائدة، مميزاً ما وضعه بختمه لها بأول حرف من اسمه (س)، أو سلمان، أو بوضعها بين معقوفين، أو بالتنضيص على أنها من إضافته، مع حرصه على عزو الفضل لأهله، وأحاله العلم إلى صاحب نظمه أو نقله. إقرأ المزيد