تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: الشركة المتحدة للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لقد اجتمعت في عبد الله بن الزبعري شاعر قريش في الجاهلية والإسلام خصال وتعاورت عليه ظروف لم يصدف أن اجتمعت في شاعر آخر، فهو في الجاهلية شاعر قبلي يحب قريشاً ويفضلها، ويتعصب لقومه ويفتى في سبيلهم، وإن لم تبرأ نفسه من نزعات التمرد والثورة على بطون من قريش، فينتقد ...سلوكها ويهجوها، وينال في سبيل ذلك الأذى والعنت.
وهو في أول ظهور الإسلام يبزغ شاعراً محامياً عن دينه الموروث، مقاتلاً في سبيله، هاجياً شعراء المسلمين، وقد كان ابن الزبعري أبرز من هاجى حسان بن ثابت في التسع سنوات الأولى من ظهور الإسلام.
وحين تنتصر راية الإسلام، وتفتح جيوش المسلمين مكة، وتخضع زعماء قريش، فيدينون بالإسلام، يعز على ابن الزبعري أن يسلم طائعاً كما أسلم قومه، فيولي هارباً نحو نجران وتضيق به الأرض الواسعة، ويبلغه في مهربه أنه مطارد مهدور الدم، وتصله أهاجي خصمه الألد حسان بن ثابت، وتسلم الجزيرة أو تكاد، ولا بد للطريد المنهزم أن يعود، فحزم أمره وعاد إلى مكة، ودخل فيما دخل فيه الناس، فأسلم.
وعندها يسكت خصمه حسان عنه، فقد صار واحداً من المسلمين، أما ابن الزبعري فيعيش أزمة جديدة، من الشعور بالذنب وتكبيت الضمير، فينظم قصائده الإسلامية في الإعتذار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتكفير عما اجترح لسانه، في هجائه، وهجاء المسلمين.
لقد وجدت في شعر ابن الزبعري صورة صادقة لنفس الشاعر ولأحداث عصره، مثّلها شعره الذي كان أميناً في نقل عواطف الشاعر، كما كان أميناً في نقل صورة العمر، وكنت قد نشرت هذا الشعر في مجلة معهد المخطوطات العربية، في الجزء الأول من المجلد الرابع والعشرين أيار (مايو) سنة 1978، ولم يكتب لهذا الجزء من المجلة أن يذيع، بسبب ما جرى على المعهد والجامعة العربية من أحداث، فرأيت أن أعيد نشر شعر ابن الزبعرى، إذ ليس من العدل أن يلحق الطمس والضياع شعره في القديم، ونسكت على النحس الذي لحق شعره ولازمه حتى العصر الحديث. إقرأ المزيد