كتاب الجامع في العسل الموسوم بكتاب ترقيق الأسل لتصفيق العسل
تاريخ النشر: 01/07/2006
الناشر: دار الغرب الإسلامي
نبذة نيل وفرات:مؤلِّف هذا الكتاب هو القاضي مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب بن علي ابن يوسف الفيروزأبادي الشيرازي الشافعي، وقد ذكر من ترجموا له أنه وُلِد بمدينة كازَرون من أعمال شيراز. والمتتبع لحياة الفيروزأبادي في حلِّه وترحاله طلباً للعلم، يتبين ما تمتع به من تنوع في العلوم التي تلقّاها ...عن شيوخه في مرحلة لطلب، وما تبع هذا التنوع من تعدد مَشارِب شيوخه، ومناهجهم المتباينة في تلقين العالم تبعاً لاختلاف أماكنهم، فقد كانت ثقافتهم في الجملة عربية دينية، أخذها عنهم وأضافها إلى ثقافة فارسية موروثة، فضلاً عن ثقافة طبية معاصرة، فتكوًّن له منها جميعاً لونٌ ثقافيُّ فريد. وتلقَّى الفيروزأبادي العلم على طائفة من علماء كل من كازَرون وشيراز ومصر.
كن الفيروزأبازي كغيره من علماء عصره وما قبله، ذا ثقافة موسوعية، تجمع كل ما يقع تحت اسم الأدب واللغة، بمعنيهما العام عند أسلافنا من العلماء المسملين، فقد جمع بين التفسير والفقه والحديث، والأخبار والنوادر والأمثال والنحو واللغة والمعاجم، والشعر والطب، وغيرها من علوم العرب، وهو ما جعل منه فقيهاً لغوياً كاتباً.
وكتابه "الجامع في العسل المرسوم بترقيق الأسل لتصفيق العسل" خير دليل على ما أسلفنا ذكره حيث أفرده الفيروزأبادي لذكر منافع العسل وأسمائه وشرحها، وأنواع النحل وطبقاته، وألوان العسل وأنواعه واختلافه باختلاف ما يسقط عليه النحل من أشجار، وغرائب النحل وعجائبه وإلهام النحل وحدوث العسل منه، وزكاته والاختلاف حولها، وكذا بيوته وخلاياه. والمتصفح للكتاب يدرك ما حشده من آراء العلماء السابقين عليه في مختلف فروع العلوم، وترتيبها وتنسيقها في تسلسلٍ بشكلٍ وافٍ، ومحاولته-على الرغم من صغر حجم الكتاب نسبياً-أن يكون كتابه جامعاً لكل ما ورد في شأن العَسَل، ولا غرابة، فقد حاول ذلك في كتابه الشهير القاموس المحيط، فالمتتبع لما ورد من معلومات غزيرة عن العَسَل ومنافعه، وما يبرؤه من أمراض، وما ورد فيه عن طوائف العلماء والأطباء والحكماء، يدرك إلمامه بما كان قبله من كتب أُلِّفت في الشأن ذاته.
ومن يقرأ الفصول الخمسة التي اشتمل عليها كتاب تَرْقيقُ الأَسَل، يستطيع تَبين الثقافة العربية الدينية، التي أخذها الفيروزأبادي عن شيوخه، في الفصول الثلاثة الأولى بجلاء، فضلاً عما أضيف إليها من ثقافة فارسية موروثة، وثقافة طبية معاصرة، في الفصل الرابع الذي خصصه لأقوال الحكماء والأطباء في منافع العسل وصفاته وحجم وأمثال وطُرَف وأشار، نستطيع أن نقرر أنه كان ملتقى لآراء العلماء، وكتبه التي كان يصطحبها في حِله وترحاله، ولثقافات البلاد التي طاف بها، والامصار التي أقام فيها، حيث كانت واضحة الأثر في الكتاب.
ونستطيع الزعم أن الفيروزأبادي وُفِّق-إلى حد بعيد-في حشد هذا الكمّ الهائل من المعلومات والمعارف، والاتجاهات المختلفة في التأليف، في مُؤلَّف واحد، يلفها بالإطار اللغوي الذي اشتهر به.
إلا أننا لا نستطيع أن نعده في كتابه هذا طبيباً أو عشّاباً، أو حتى من الطبقة الثالثة من طبقات العلماء في الطب من المقلِّدين الناقلين، إذ إن ما أورده في الفصل الرابع من الكتاب لا يعدو، على مستوى المضمون، أن يكون تلفيقاً جيداً بين آراء بعض الاطباء والحكماء من العجم أو العرب على السواء، في عدة مجالات طبية، مثل الطب النبوي والأدوية المُفرّدة والصيدلة.
كما راعى الفيروزأبادي في "ترقيق الأسل" الترتيب التاريخي المعرفي، ووحدة مساره منذ الحضارات القديمة وحتى عصرهن وبخاصة في سرده لآراء الأطباء والحكماء في شأن العسل، منذ أرسطوطاليس حتى العلماء المعاصرين له. وخلاصة القول، أن الفيروزأبادي في ترقيق الأسل جمع بين التفكير العلمي على المستوى النظري، في الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب، وكذا الفصل الأخير، والتفكير العلمي في الميدان التطبيقي، في الفصل الرابع الخاص بأقوال الأطباء والحكماء في العسل.
لكل ما سبق صح عزم المحققان عصام الشنطي وأحمد سليم غانم على تحقيق الكتاب تحقيقاً علمياً، وإخراجه إخراجاً يليق ومنزلة لغة الوحي الكريمة، وكذا منزلة المؤلِّف والمؤلَّف على السواء. وكان عملهما في الكتاب على عدة أقسام، اختص القسم الأول بالمتن، تحريراُ وتدقيقاً، وكان ذلك على النحو الآتي: أ) مقابلة النسخة، التي اتخذاها أصلاً للتحقيق على النسخة، التي اتخذاها نسخة مساعدة، وإثبات الفروق والسقط بينهما في الحواشي، بالإضافة إلى مقابلة نصوص الكتاب على كتب الفيروزأبادي الأخرى المطبوعة. ب) ضبط ما أشكل من المتن كالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، والشواهد الشعرية، والمشتبه من الأعلام، والغريب من الألفاظ، وما قد يلتبس أو يغمض من المصطلحات والتراكيب. وكان مدار الجهد التحقيقي في القسم الثاني على الحواشي الخاصة بالمتن، وعني ثبت الحواشي بالاضطلاع بعدة أمور، هي على النحو الآتي: أ) وضعا تفسيراً وافياً للمفردات اللغوية التي قد تحتاج إلى تفسير. ب) إثباتا اختلافات النسختين، وكذا الروايات المتعددة للنصوص والشواهد الشعرية، مع الترجيح أحياناً بينها.
ج) تعريف الأعلام، من أسماء الأقوام والأشخاص والشعراء، وكذا البلدان والأماكن وغيرها مما يحتاج إلى تعريف. د) تعريف النباتات والحيوانات التي ذكرت في النص من خلال المعاجم والقواميس القديمة والحديثة والمعاصرة على السواء، حتى تتم الفائدة. هـ) تخريج الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وكذا الأمثال والحكم والمأثورات. و) تخريج الشعر. والإشارة إلى نقول الفيروزأبادي عن المعاجم الغوية وخاصة كتب اللغة السابقة عليه بشكلٍ خاص. وقد عُني الجهد التحقيقي في قسمه الثالث بوضع الأثبات الفنية التي تعد ركناً رئيساً من أركان التحقيق العلمي، حيث تسهل الإفادة من الكتاب، وتوفر للباحثين أداة لا غنى عنها، للوقوف على المادة المطلوبة فيه بأيسر سبيل، فكتاب بلا أثبات ككنز بلا مفتاح كما قالوا.
ودعا موضوع الكتاب إلى إفراد الثبت الأول لأسماء العسل، وتم إيرادها طبقاً للترتيب الألفبائي، وخُصِصَ الثبت الثاني لأسماء الأمراض التي يبرؤها العسل، كما خصص الثبت الثالث لفوائد العسل ومنافعه، وكان مدار الثبت الرابع على أسماء النباتات والزروع والأشجار.
أما الثبت الخامس فقد تم تخصيصه للآيات القرآنية، واعتمد فيه ترتيب السور في القرآن الكريم، واختص الثبت السادس بأطراف الحديث النبوي الشريف، وخصص الثبت السابع لشواهد الشعر. وكان الثبت الثامن مخصصاً للشعراء. وعني الثبت التاسع بالأعلام من أسماء العلماء والأشخاص والأقوام، في حين اختص الثبت العاشر بأسماء الأماكن والبلدان والجبال والأنهار التي وردت في الكتاب، وعني الثبت الحادي عشر بأسماء الكتب التي أوردها الفيروزأبادي في الكتاب، اما الثبت الثاني عشر فقد عُني بأسماء الحيوانات والحشرات التي وردت في الكتاب، وكلها مرتبة ألفبائياً. إقرأ المزيد