تاريخ النشر: 01/05/2006
الناشر: دار الخليج العربي للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"وقف حسن أمام قاضي الاستنطاق متأهباً ولديه الاستعداد للمواجهة. بدأ القاضي يفتح الملف وطلب من كاتبه أن يدون كل سؤال وجواب. القاضي وقف في مكانه وانحنى قليلاً بعد أن اتكأ على الطاولة أرخى نظارته على أرنبة أنفه وقال: هل أنت الذي قمت بتزوير التأشيرة... أجب بنعم أو لا ولا ...تتعدى هاتين الكلمتين. المحامي وابنته جلسا في زاوية المكتب يستمعان إلى الأسئلة. لا لم أزوّرها. لقد قلت لك أجب بنعم أو لا ولا تتعداهما. من الذي زوّرها إذاً!. لقد حصلت على التأشيرة من مكتب لتخليص التأشيرات، وعنوانه مكتوب في ملف التحقيق. ولماذا قلت في التحقيق إنك أنت التي زوّرت. لقد قلت لهم أنني حصلت عليها من مكتب، فلم يقبلوا قولي. هل تعرضت للضرب.. وعلى هذا اعترفت بالتزوير. لا لم أتعرض للضرب... لكن خضعت لتحقيق سياسي مدة ثلاثة عشر يوماً وفي اليوم التالي أحالوني إلى مكتب آخر وقالوا: نريد منك أن تعترف بالتزوير ووجهت لي تهمة أن التنظيم هو الذي قام بتزوير التأشيرة. القاضي قاطع حسن وقال: كيف تثبت ذلك إذا كان كلامك صحيحاً. قام المحامي وقال نطلب استدعاء المحققين وبهذا نتأكد من الحكمة أن موكلي تعرض لتحقيق سياسي. القاضي استجاب لطلب المحامي ورفع مذكرة باستدعاء المحققين وعاد القاضي لاستنطاق حسن: إنك اعترفت أنك زوّرت التأشيرة بيدك فكيف تمّ ذلك مع أن التزوير بحاجة إلى أدواته. حسن: وهذا دليل على أني لم أقم بالتزوير، حدث العاقل بما لا يعقل. فإن صدّق فلا عقل له. القاضي قاطع حسن وقال: لا مجال هنا للفلسفة. أمور كهذه ليست فلسفة بل هي دليل على أني لم أرتكب ما وجه لي. إذاً لماذا أقدمت على الاعتراف بهذا النحو. التحقيق السياسي والترهيب الذي واجهته في الأمن العام هو الذي جعلني أعترف حتى أنتهي. إن هذا الاعتراف جعلني أنتهي من الأمن العام. أعرف أنني سأمتثل أمامك وقد تركت ثغرة في قولي لأنقضه من خلالها. وما هي؟ أنني قلت إن كان ولا بد من تلفيق التهمة بي وبالجهة التي أنتمي إليها حسب قولكم فأنا الذي قمت بتزوير التأشيرة وكيفية التزوير والرسم باليد. هذه هي الثغرة. وهل من المعقول أن تتم علمية تزوير التأشيرة بالرسم. ابتسم المحامي مع القاضي وقال: هل هذا معقول بأن يقوم بتزوير التأشيرة من خلال رسم بالقلم. وهل الخليجي يلجأ إلى مثل ذلك لا سيما وأن سفارتنا تقدم لهم عروض سياحية وهم ليس مثل غيرهم من الدول يلجئون إلى بلادنا للحصول على عمل.. بل إن قدوم الخليجي مكسب سياحي.. بحدّ ذاته".
تكشف أحداث هذه الرواية عن تلك المأساة التي يعيشها المواطن العربي الذي يحاول الانتقال من دولة عربية إلى أخرى مقنعاً نفسه بأنه ضمن دولته، لتتبدد أفكاره ومعتقداته تلك تحت وطأة شكليات تجعله رهين سجن سياسي دونما تهمة. إقرأ المزيد