حكايات من بغداد القديمة - أنا وجدتي
(0)    
المرتبة: 4,966
تاريخ النشر: 01/04/2006
الناشر: دار الحكمة
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"طرق سعد باب البيت بأناة من المطرقة البرنجية القديمة، كرر الطرق بصوت أعلى وعزيمة أقوى. أسرعت لأجيب عليه وكنت في طريقي إلى المدرسة الثانوية حيث تعينت مدرساً فيها. لم تصدق حسنة عينيها وقد رأتني قد كبرت وأصبح لي شارب كثيف على النمط الستاليني، ولم أعد ذلك الطفل الذي كان ...يجلس في حضنها. فركت عينيها لتزيل الدموع منها قبل أن تلقي بنفسي علي، احتضنتني بين ذراعيها وغمرتني بالقبل لعدة ثوان، كنت أسمع تنهدها وضربات قلبها. حسنة الحبيبة الرؤوفة! فكّني عنها سعد ليأخذ دوره في احتضاني وتبادل القبلات معي. رأيت عينيه تلتمعان ببريق عجيب من المحبة والحنين. "حبيبنا حمودي الطفل! أستاذ ومكمل وشاب! خليني اشمك". وبتقاليد العهد القديم احتضني ثانية هذه المرة ليتشمم روائحي. رائحة معجون البريلكريم اللماع على شعري أبو البكلات. بقيت كدمية كبيرة بين الثلاثة يتشممونني ويعاينونني ويملأون أعينهم بي. بدت حسنة رائعة بسمرتها وكحلتها ووجهها المؤطر بالجرغد المنقوش. لم تزدها الأعوام والمصاعب إلا جمالاً وفتنة، أكثر نضوجاً ووعياً، مثلما شممتني، شممت عطرها من ماء الورد الشعبي الذي كرهته طيلة حياتي لارتباطه بالجنائز في طريقها إلى مقابر الشيخ معروف، ولكنه بدا رقيقاً أليفاً عليها، مليئاً بالحياة والذكريات وأنسام الربيع في بساتين الجاورية والدورة".
بين لقاء حسنة بهذا الشاب ومفارقتها له إذ كان طفلاً في حضن جدته مرحلة من العمر تحمل من الأحداث ما تجعل القارئ يعيش المناخات العراقية بعاداتها وبتأكيدها وأجوائه السياسية في فترة قديمة من تاريخ العراق السياسي، العهد الملكي. وفي هذا يشير الكاتب بأن روايته هذه وحكايات الجدة التي أوردها سماعاً عن جدته وحكاية طفولته من جدته بكل تفاصيلها الحقيقية وخطوطها الرئيسية إنما هي كلها خليط من وقائع جرت ووقائع انصرف إليها خياله واستظرفها.
ينسج خالد القشطيني بكل سلاسة وسهولة حكاياته المتداخلة ويشد القارئ بعين الوقت بشخصياته ويفرض عليها تتبع مصير أحداثها التي تملأ ذهنه. وشخصيات الروائي هذه مليئة بالحياة والحيوية وتراه يلتقط حوارهم بسمع مرهف حاشد بالمعنى وعلامات التعجب والسخرية اللطيفة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرواية قد صدرت في لندن عام 1997 باللغة الإنكليزية: "Tales From Old Baghdad… Grandma and I" والروائي قام بترجمتها هذا العام دون تقيده بالأصل الإنكليزي وهدفه أن يحيا القارئ، مهما كان انتماؤه، جو الحياة البغدادية في تلك الأيام من طفولة الكاتب وشبابه في العهد الملكي. إقرأ المزيد