تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: ديوان الكتاب للثقافة والنشر
نبذة نيل وفرات:"وقفت السيدة (أ) أمام الباب لتقرع الجرس وذلك بعد يوم حافل بالتعب والإرهاق، لقد انتقلت إلى هذه المحلة من بيتها الكائن في زقاق قديم، لتعيش في بيت جميل مبنيّ على الطريقة الحديثة، يتميز بالفخامة حيث الحديقة متسقة بالزهور وتحيطها الأشجار المثمرة والممشى الخارجي مرصوف (وفناء البيت فكلاهما مرصوف بالرخام، ...الإنارة جيدة فالسقوف تتدلى منها الثريات الحديثة)، أما المرافق الصحية فيه من البورسلين الجيد، والجدران مزينة بالمرايا المضادة. أطفال السيدة (أ) في البيت القديم كانوا محشورين في غرفة واحدة، دولاب الملابس مشترك والأسرّة تكاد لا تستوعبهم جميعاً، فالفائض منهم يكون على الأرض. في هذا البيت الجديد سوف يكون لكل طفل من أطفالها غرفة مستقلة تستوعب كل لعبه وحاجاته. عاشت السيدة (أ) في منطقة قديمة، تتكئ جدران بيوتها الواحد على الآخر، كما يعتمد أفرادها الواحد على الآخر في صيانة هذه الدور وكثيراً ما تداخلت حجيرات هذا البيت مع حجيرات البيت الآخر لتتداخل بالتالي همومهم ومتاعبهم. إن بيتها القديم المبني بالطراز الشرقي ذو فناء مكشوف تحيطه مرافق البيت من غرف وحمام ومطبخ لا يدخلها النور إلا بما تجود به أشعة الشمس المشرقة على الفناء المكشوف، ولذلك تعرض قاطنيه لتقلبات الجو المستمرة من برد، ومطر، وغبار، وحرارة ملتهبة، ولذا فهم يتمتعون بالفصول الأربعة... قررت السيدة (أ) أن تكسر الطوق وتترك البيت والزقاق الذي شهد طفولتها، ومراهقتها، وزواجها لتنتقل إلى المحلة الجديدة حاملة معها آمالها، وأحلامها العريضة، وذكرياتها الحلوة والمرة، وشخصيتها التي اعتقدت أن الزمن قد شذّب وهذّب وأضاف إليها الكثير من الخبرة ومن التجارب، فهي لا تقبل أن ينصرم عمرها وهي قابعة في المنزل تقتات على ذكرى الآباء والأجداد مشدودة إلى الحاضر الذي هو انعكاس الماضي وصورته...".
انفتح هذا الكتاب على ذاك المشهد الذي يجعل التساؤلات تقفز في ذهن القارئ ملحة في البحث عن إجابات عنها، كما يجعل الخيالات تتقاطر وهو يرى ذاك الحاضر ويلمح ذاك الماضي، ومع أنها استعملت الأسلوب الرمزي، إلا أن ذاك يشير إلى تجربتها القاسية المريرة التي لم يكن لديها الرغبة للتعرض إلى تفاصيلها، إلا أن ما ذكرته الكاتبة هو يقترب من الواقع إذ لم يكن لديها مفرّ من معاناتها سوى من خلال القلم والورقة اللتان اعتبرتهما القوة التي تقاوم ضعفها الذي كانت فيه. إن ما روته الكاتبة في هذا "الوحل النهائي" إنما هي قصة الإنسان عندما يفرض عليه أن يكون كما يريده الآخرون، إلا أنها تعلن بصدق وصراحة بأنها كانت دائماً تملك قراراً بإرادة لا تلين في أن تكون، هي، لا كما يريد الآخرون. وقد يكون هذا خطأ أو صواباً، ولكن هذا نابع من إيمانها بأن الفرد يملك طاقة خلاقة تستطيع أن تتجاوز وتذلل العقبات. وما على القارئ سوى القراءة في هذه التجربة ليعرف مدى قساوتها، ومدى صدق الكاتبة صاحبتها مع ذاتها.نبذة المؤلف:إنها الحقيقة التي تكمن وراء كل ما هو زائف ولم يعد الإنسان البسيط وسط هذه التغيرات السريعة المتلاحقة والإيديولوجيات المتناحرة، وأنماط الثقافة المتعددة يستطيع أن يتغير الوحل وفي البهو الضخم هما يعيشان هذه الحقيقة المرعبة بوجهها الثنائي كالمرآة بوجهها المعتم والصقيل الذي لا ينفصل أحدهما عن الآخر والإنسان وسط هذه الرؤى ينزع نحو المطلق والثابت. إقرأ المزيد