اللغة العربية ؛ أسئلة التطور الذاتي والمستقبل
(0)    
المرتبة: 61,848
تاريخ النشر: 01/11/2005
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:لقد كثر الحديث في هذه السنوات عن تعميم استخدام اللغة العربية في مؤسسات التعليم والإدارة العربية، والتخلص من التبعية للثقافات، واللغات الأجنبية التي أصبحت عبارة عن أداة لإبقاء الهيمنة الأوروبية والأمريكية على الوطن العربي. فهناك من يقاوم استخدام اللغة العربية في الوقت الراهن، بدعوى أن اللغة العربية متخلفة عن ...العصر، موغلة في القدم، لا تؤدي بصفة كاملة غير المضامين القديمة التي تجاوزها الزمن، فهي أعجز من أن تعبر عن مستجدات الحضارة ومقتضيات التطور العصري الذي يعتمد بصفة أساسية على العلوم والتقنية. وهناك أيضاً من يناصب لغته الوطنية العداء، على أساس أنه يخاف على المستوى العلمي الذي بلغه، لأن تعريب التعليم واستعمال اللغة العربية يسيئان إلى مستوى بعض الأساتذة الجامعيين، ويبعدانهم عن ثقافة الغرب العلمية التي هي أساس مستواهم ومرجعهم الثابت.
وبالمقابل، هناك من لا يأبه لهذه الحجج الواهية، ويرى أن تعميم استخدام اللغة العربية ما هو إلا وجه من وجوه التحرر الوطني، والتخلص من الرواسب الاستعمارية الباقية في عقليات بعض العناصر المشكوك في انتمائها الوطني. فاللغة الوطنية، في الواقع، تعتبر مطلباً شعبياً؛ وفي تحقيق هذا المطلب تأكيد لجانب من السيادة الوطنية وتخلص من تبعية مفروضة.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي الغيارى على عروبتهم وإسلامهم أن اللغة أياً كانت، أهم وأخطر بكثير من أن تكون مجرد أصوات وأدوات للتفاهم أو تبليغ فكرة معينة، فهي على مستوى الماضي، الذاكرة الجماعية للأمة المحافظة على خلاصة تجربتها في التاريخ، وحصيلة ما أسست لنفسها من أساليب النظر والفكر والتقويم والاكتشاف. وهي على مستوى الحاضر خير بعيد عن الهوية القومية للأمة، وما انتهت إليه من درجات النضج والنمو. وهي على مستوى المستقبل طريق وحيدة لكل ثمن داخلي عضوي، يمكن أن يستفيد من جميع التجارب الإنسانية، من دون أن يركن إلى التواكل، والبحث عن الحلول الجاهزة أو الملفقة، أو يجنح إلى الاتباع، فيقبل الاستلاب ويفقد القدرة على الإبداع، ويستقيل من كل مهمة في صناعة التاريخ والمساهمة في إثراء الثقافة الإنسانية. وإلى هذا يمكن القول بأن التفكير باللغة العربية لا ينصرف حصراً إلى بيان اتصالها ببناء هوية الأمة وشخصيتها الثقافية والحضارية وامتداد تأثيرها في محيطها، أي لا ينصرف إلى تناولها وصفاً وعرضاً بأفعال الماضي، وإنما هو ينصرف إلى بيان صلتها بناء مشروع نهضوي في المستقبل، لا يمكن بناؤه بلسان الآخرين.
من هنا تبرز أهمية هذا الكتاب الذي يطرح موضوع التحريات التي تواجه اللغة العربية في عصرنا هذا والذي يلفت انتباهاً إلى الأهمية الحاسمة للمسألة اللغوية في الوطن العربي، ولمسألة اللغة العربية ومستقبلها على نحو خاص. هذا وإن مادة هذا الكتاب إنما هي مقالات تمّ نشرها في فترات متباعدة في العقدين المنصرمين وذلك في مجلة "المستقبل العربي". إقرأ المزيد