تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:مما لا شك فيه أن الصحابة الكرام هم صفوة رجال الأمة، وخلاصة أبنائها، وزبدة حقبها، تمثلت في أخلاقهم كل معاني الخير، وتجسدت في أفعالهم مبادئ الدين وأخلاق القرآن، حملوا الإسلام بين جوانحهم، لا يصدهم عن الذود عنه أذى وابتلاء أو وعيد واعتداء، هاجروا الهجرتين، وشهدوا المشاهد مع رسول الله ...صلى الله عليه وسلم، وخاضوا المعارك يُرهبون عدو الله وعدوهم، حتى فتحت مكة، ودانت الجزيرة العربية، وترددت في آفاقها كلمة التوحيد، ثم حملوا الرسالة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إلى أصقاع الأرض، فأشرقت بنور ربِّها، وسعد الناس بهذا الدين.
هذا وقد أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثناءً عطراً، ولكن حتى الآن لا يعلم على وجه الدقة واليقين عددهم، وذلك على الرغم مما بذله علماء المسلمين من جهد لحصرهم، فيذكر بعضهم أنهم ستون ألفاً، ويجتهد بعضهم فيصل بهم إلى نحو مائة ألف أو يزيدون، ولكن أعدادهم في المصنفات تصل بهم إلى عشرة آلاف. وقد عني العلماء بوضع الكتب التي تتناول حياتهم وفضائلهم ومروياتهم منذ وقت مبكر، بدأ في القرن الثاني الهجري مع "وكيع بن الجراح"، ثم توالت بعد ذلك المؤلفات التي عنيت عناية خاصة بهذا الفن، وتعددت طرائقها ومناهجها، فاختص بعضها بأسماء الصحابة وأنسابهم وكناهم، أو بمن نزل منهم ببلد معين كالمدينة ومصر والكوفة والشام والهند، وعني بعضها الآخر بفريق معين من الصحابة كالمهاجرين والأنصار والشام والهند،.. ولم يقتصر الاهتمام بهذا الفن على تلك الكتب التي أفردت للترجمة للصحابة بل امتد إلى كتب السنة...
ويأتي كتاب "حياة الصحابة" للكاندهلوي نسيج وحدة بين تلك الكتب والمصنفات التي أفردت للصحابة. حيث جمع بين طياته من أخبار الصحابة رضوان الله عليهم وسيرهم وقصصهم وحكاياتهم ما يندر وجوده في كتاب واحدٍ، لأنه اقتبس من كتب كثيرة، ككتب الحديث والمسانيد وكتب التاريخ وكتب الطبقات، لذلك كله جاء هذا الكتاب يصوِّرُ ذلك العصر ويمثل حياة الصحابة رضي الله عنهم وخصائصهم وأخلاقهم وخواطرهم، وقد أسبغت هذه الدقة وهذا الاستقصاء والإكثار من الروايات والقصص على الكتاب تأثيراً لا يكون للكتب التي بُنيت على الإجمال والاختصار ومغزى القصة، ويعيش القارئ لأجله في محيط الإيمان والدعوة والبطولة والفضيلة، والإخلاص والزهد.
ويرى من قصص هؤلاء الصحابة صوراً حية لهم، تنبض بالحياة، وتمتلئ بالحركة، فترى الأخلاق والمكارم ملامح واضحة المعالم والقسمات، تحسّ بانفعالاتها، وتشعر بأنفاسها. وجعل المؤلف من أبواب الكتاب التسعة عشر معرضاً لحياة الصحابة في مواقفهم المختلفة، في إيمانهم بالله ورسوله في بذلهم وعطائهم وسخاء أنفسهم، في شجاعتهم وجهادهم، في سبيل ذلك استخرج المؤلف آلاف النصوص من بطون كتب السنة والتفسير والتاريخ التي تخدم فكرته، وتحقق هدفه، ثم أحسن تنسيقها وترتيبها في موضعها من الأبواب، فاستحالت خلقاً آخر، وازدادت إشراقاً ووضوحاً.
وعلى الرغم من كثرة الجهود التي بذلت في إخراج الكتاب، فإن الحاجة كانت تدعو إلى إعادة تحقيقه، ومراجعة نصوصه على الأصول التي نقلت عنها المصادر الوسيطة التي اعتمد المؤلف على كثير منها. وبالرجوع إلى الخطوات التي قام بها المحقق نجد أنها تتجلى بـ: أولاً: ضبط الآيات القرآنية الكريمة ووضع نصها برسم المصحف الشريف مطبوعة بالكامل مع عزوها إلى أماكنها من السور والآيات، ثانياً: ضبط الأحاديث الشريفة وبيّن مواضعها من مصادرها بذكر الجزء والصفحة، ثالثاً: شرح الغريب من الألفاظ وهي كثيرة، وذلك عبر الاستعانة بكتب شروح الحديث الشريف، رابعاً: ترجم لبعض الأعلام وعرّف بالأماكن والمواقع والبلدان بالاعتماد على كتاب "معجم البلدان" لياقوت الحموي، و"معجم ما استعجم". إقرأ المزيد