تاريخ النشر: 01/01/1984
الناشر: دار العلم للملايين
نبذة نيل وفرات:ليست السيكلوجيا أو علم النفس علماً جديداً، فقد كان معروفاً كفرع من الفلسفة، قبل عهد المسيح، وكان من أقدم المشتغلين بها الفيلسوف اليوناني أرسطو، صحيح أن الاهتمام بعلم النفس يمكن أن يكون قد ورد بشكل محدود في بعض الكتابات الراقية فيما أبعد من عصر أرسطو، ولكن هذا الفيلسوف كان ...أول معلم حاول أن يفهم كيف يفكر الإنسان وكيف يؤمن، بصورة نظامية.
لقد عني أرسطو بمشكلات الحسّ، فدرس كيف يلمس الإنسان، وكيف يسمع وكيف يتذوق، وكيف يرعى؛ كما عني بمشكلات الخيال والذاكرة والتفكير، ولكنه لم يكن يعلم شيئاً عن الجهاز العصبي، وقد أخذ على العموم بنظرية عصره الطبية القائلة بأن الحياة رهنٌ بوجود الهواء في الأوعية الدموية.
وبعد أرسطو جاء الفلاسفة الرواقيون الذين ذهبوا إلى أبعد مما ذهب إليه أرسطو، فنصّوا على أن القدرة على التفكير غرزيّة إلى حدٍّ ما، في جميع المخلوقات، ولكن الإنسان هو وحده القادر على التفكير في الخير والشرّ...
وهكذا تطور هذا العلم عبر عقبات زمنية متتابعة، وكان لكل نظرتها التي أضافت أبعاداً جديدة لعلم النفس، ففي العصر الهيليني، تميز الاهتمام بمختلف الحركات الدينية لذلك العهد، تلك الحركات التي عرفت إلى أن تقيم فاصلاً بين العناصر الطبيعية والعناصر الغيبية في الإنسان، ويبدو أن القديس بولس تأثر بتعاليم هذه الحقبة عندما تتكلم عن صفات الجسد بوصفها شيئاً مختلفاً عن صفات الروح.
ولكن أفلوطين عُني في القرن الثالث للميلاد بدراسة نشاط الروح على اختلاف ضروبه، هذا النشاط الذي بدا مستقلاً عن العمليات الجسمانية، وكانت الطريقة التي اصطنعها هي ما يُعرف اليوم بالطريقة الإستبطانية / Introspective وقوامها مراقبة عقد لنا لنكتشف كيف نفكر ونتخيل.
ثم جاء اللاهوتي الكبير أوغسطين، المتوفي سنة ٤٣٠ بعد الميلاد، فتابع هذه الدراسة وساعد بتعاليمه على إحلال هذا النوع من التفكير الإستبطاني محلاً بارزاً في علم النفس.
ومما يلفت النظر في تطور الفلسفة القديمة في عهد أرسطو إلى عهد أوغسطين، تلك المحاولة إلى فصل العمليات الجسمانية عن العمليات العقلية ودراسة كلِّ منها وكأنما توجد وحدها، ولم يشهد علم النفس تطوراً في الفترة الممتدة بين القرن الخامس إلى القرن الثاني عشر، سوى القليل.
وبعد ذلك تم التطور والتقدم في هذا العلم ضمن مجريين: الاهتمام بتكوين الجهاز العصبي ووظائفه، والثاني الاهتمام بالسلوك الإنساني على الصعيدين الفردي والإجتماعي.
وفي عهد النهضة الأوروبية "الرنيسانس" وُلد علم إنساني جديد وجّه عنايته إلى وظائف الإنسان الطبيعية بوصفها وظائف مستقلة عن نشاط الروح في إطار الغيبيات.
ومن هنا، شرع علم النفس بالإنفصال عن الدين وخطا خطوات متسارعة نحو الإستقلالية بالنظر على تطور التجارب والإكتشافات الفسيولوجية.
والخطوة الأكثر تطوراً ما يشهده هذا العلم في القرن العشرين حتى لم يعد في الإمكان اعتباره شعبة من الفلسفة، بل هو علم مستقل قائم بذاته.
من هذا المنطلق، تأتي هذه الدراسة التي تبعث في علم النفس وتطوره عبر القرون، والسمات والمسميات التي تميزت بها كل حقبة على طريق هذا التطور وأهم العلماء الذين خاضوا غماره وصولاً إلى تفاصيله كعلم قائم بذاته، والعلوم التجريبية التي ساهمت في تحديد أبعاد هذا العلم.
وقد شملت هذه الدراسة البحث في المواضيع الآتية: ١- كيفية نشوء علم النفس، ٢- علم النفس ومدارسه المختلفة، ٣- العقل والدماغ، ٤- الغرائز (التعبير، الكبت، الإعلام)، ٥- تكوين العقل، ٦- الإنفعالات الأولية والفرعية، ٧- العواطف والميول والعقد النفسية، ٨- الأعلام وأغراضها. إقرأ المزيد