تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: مؤسسة النور للمطبوعات
نبذة نيل وفرات:حب الشعر والأدب عميق في النفس العربية، فهو حديث جلساتها وسمر لياليها ورواية أيامها وأخبارها. لكن الجلسات يطول فهيا الحديث ويتشعب ويتنقل بين الأحاديث الدينية وأخبار الفرسان والفروسية وشعراء القبائل ونقائضهم، وروايات العشاق وغزلهم وتشببهم، إلى أخبار الأسفار والملح والنوادر المسلية إلى الألغاز الشعرية فالأهاجي والمدائح... وينطلق من التاريخ ...والسير وأخبار الأولين شعراً ونثراً إلى حديث الأسفار وغرائب الأحداث المتداخلة بين علم الرحلة وعالم الأسطورة.
وكانت مجالس الأمراء والوزراء في العصور المتأخرة تعتمد على هذا السمر والمنادمة وليس على الأخبار الرصينة والكتب العلمية المتخصصة ولذلك كثرت الكتب التي تجمع من كل واد أغنية ومن كل فن طرف فكان الكشكول وثمرات الأوراق في المحاضرات والعقد الفريد وما شابه ذلك.
وكان كذلك هذا الكتاب "المستطرف في كل فن مستظرف" نسجاً على هذا المنوال وحرثاً في هذا الحقل الجامع لكل لطيف وأنيس وجميل وغريب من الملح والنوادر والأخبار والكلمات والأشعار والألغاز والأفكار والأعلام والأسفار فهو مرجع في عادات عصره وأخبار أيامه. وهو صورة عن حياة الترف التي عاشها حكام تلك الأيام واهتماماتهم. وهو أيضاً كتاب مؤنس مسل وممتع لمن يفتش عن الغريب والممتع.
في عصرنا قامت الموسوعات تجمع شتات العلوم والفنون، أما في العصر الذي عاش فيه شهاب الدين الأبشيهي فقد كان الاهتمام الموسوعي منصباً على الشعر والأدب والعادات والتقاليد الجميل والمقبول منها والمنفر المرذول أيضاً فلذا رأينا فيه أربع وثمانين باباً وفي كل باب أكثر من فصل.
ولقد بدأت أبوابه بالأحاديث الدينية والعظات الإرشادية من الإخلاص لله وفضل الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من الأركان والفضائل لينتقل منها إلى الحديث عن العقل فالقرآن وفضله ومحكم آياته. فإذا استوفى كل ذلك، انتقل إلى الحديث عن فضل العلماء والعلم والمتعلمين، ثم استطرد إلى الأداب والأمثال السائرة وحكاياتها وأول من قالها ولماذا قيلت وما دخل في هذا الباب من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ثم وردت الأمثال العربية من نصيحة وعامية ودخيلة من المولدين.
وبينا وهو في ذلك ينتقل إلى البيان والبلاغة والفصاحة وهو في كل ذلك يأتي بالأمثلة والشواهد الغربية والمليحة من أخبار الرجال والنساء وحكايتهم ونوادرهم. ولا ينسى أن يحدثنا عن الشعر والشعراء والسرقات الشعرية والنحل والانتحال. ثم ينتقل بنا للحديث عن الأخلاق العامة والفضائل والرذائل، فهو يتحدث في التوكل على الله وعن القناعة والرضا والحرص والطمع وطول الأمة. ولا ينسى المشورة والنصيحة والتجارب والنظر في العواقب والوصايا، وفضل الصمت وتحريم الغيبة والنميمة.
وينقلنا معه بعد هذا كله إلى أولي الأمر من ملوك وسلاطين وما يجب على من يصحبهم أن يعمل وبما يجب أن يحلى من الصفات والأخلاق ومن العلوم والمعارف ولا يترك في ذلك حتى القضاة والمتصوفة. والأخلاق حسنها وسيئها والعلاقات الإنسانية في الأسرة والمجتمع والبلد وعجائب المخلوقات والمعالم الجغرافية. ويستطرد بعدها إلى الأغاني والمغنيات والقيان وأنواع الشعر المغنى من فصيح وعامي. ولا ينسى أن يتحفنا بأنواع مختلفة من النوادر عن كل فئة من فئات المجتمع من أعلاه إلى أدناه ويعود بعد هذا كله إلى الدعاء والأدعية والقضاء والقدر والموت والأمراض والعلل فكأننا انتقلنا إلى كتاب طبي.
ويختمها بالحديث عن زهد وفضله وأهله وفي فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. إنه في الحقيقة أوسع الكتب انتشاراً في نوعه وأشملها مضموناً وأجملها حديثاً وهو ضرورة لكل مكتبة ففيه من العلم للمتعلمين ومن التسلية لطالبيها ومن الواعظ لمريديه ما يجعل منه كتاباً في كتاب ومراجع في مرجع واحد تحويه المكتبة فكأنها حوت أسفاراً كثيرة وكتباً لا تعد. إقرأ المزيد