تاريخ النشر: 01/01/2000
الناشر: دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:"تعلمت أن الإنسان لا يمكنه أن يكذب حين يبكي وحيداً بصمت وأن الإنسان لا يمكنه أن يأمن الآخرين حين يبتسم وحيداً بصمت... وتعلمت كيف يصيب النحس إنساناً محظوظاً سعيداً مثلي، وكيف تصيب السعادة إنساناً منحوساً مثلي، وأنني حين أكون واثقاً من نفسي وأتكلم لا يستمع إلي أحد... ورأيت كيف ...يتحدث التلميذ -بكل تهذيب- عند اللوح، ممسكاً بالمسدس باليد الأخرى، وكيف يتحدث الزعيم -بكل صفاقة- عبر التلفون، ممسكاً بدفتر الشيكات باليد الأخرى... وتعلمت أن المعطف الصوفي في فصل الصيب قد يكون ألطف ملمساً من قميص الحرير في فصل العواصف والأمطار والثلوج... ورأيت أن أشجار الغابات التي تسكنها السحالي والدبابير تضحك في عبها من الشقق الفخمة التي تسكنها الفئران والصراصير... وأن القطة البرية أكثر لهوا وعنفواناً من القطة البيتية. وتعلمت أيضاً أن النقاش الفلسفي مع فتيات البار أجدى أحياناً من الذهاب إلى حلقات العلماء والمتخصصين... وأن إحراق الكتب المذهبة النفسية -كتب الأثرياء التي لا يفتحونها- والاصطلاء بها، أجدى أحياناً من دفء الشوفاج.
وفهمت أيضاً أنه لا فرق إن نمت في تخشيبة في مخيم أو في غرفة نوم ذهبية من طراز لوي كانز (الخامس عشر)، خصوصاً إذا جاء الحلم بنفسجياً بلون الشفق أو لون الغسق. ولأنه لا فرق بين دوران الأرض حول نفسها ودوران النفس حول أرضها... أو بين دورة المياه النوربيتية ودورة الألعاب الأولمبية خصوصاً إذا كانت المغاسل من نفس الطراز... وتعلمت أيضاً أن المبارزة بين عاشقين اثنين بالمسدسات، فوق رمال بحر نوربيتيا، أشد مدعاة للاعتزاز في نفس المعشوقة، من مبارزة بالكؤوس في الديسكو بين أنغام الملاعق والصحون... وإن تحطيم الصحون أمام الزوجة، أقل خسارة من تحطيم الوردة أمام الخطيبة!". إقرأ المزيد