تاريخ النشر: 01/08/2004
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:القرآن كتاب الله، كما هو كتاب للإنسان، كتاب السماء إلى الأرض التي يعيش عليها الإنسان. كتاب النور الإلهي القياض على خلقه، بالبرامج والرؤى والبصائر. ففيه ما يحقق كل آمال هذا المخلوق، وطموحاته في الحياة الدنيا، وفق فطرته التي فطره الله عليها. كتاب جاء لبناء الإنسان في عملية مبرمجة لتقنين ...حياته للتوجه إلى عبادة الله، وصرفه عن عبادة المخلوقين.
أراد القرآن بذلك أن يكون نهجاً ومنهجاً وطريقاً قويماً، لإعطاء صورة غير مادية بلغة مادية، وأشخاص ماديين *إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين*، إنه المصداق الوحيد في الحياة للإنسان، في مواقفه-أقواله وأفعاله-سكناته وحركاته.
فالعادات والتقاليد والأفكار التجارية التي يروجها سماسرة الأديان وسدنة المعابد، ما هي إلا من ضرب الخيال، ولا تمت إلى الواقع بصلة، فالقرآن هو الملجأ الوحيد لأنه النهج الصادق في بناء الإنسان. فهو ليس كتاب فلسفة أو كتاب معجزة أو كتاب أفكاره تبحث عن موضوع يختص بالسياسة أو الاقتصاد أو اجتماع أو التربية أو العسكرية، وإنما هو كتاب فوق هذا جميعاً.
فهو نهج لأنه دستور للحياة، وهو حضارة لأن له امتداد عبر الزمن، وعبر البشر ليس لبناء هذا الصرح الإنساني فقط، وإنما لبقائه خالداً بعمله وفق برامج السماء. فهو كتاب جاء ليصنع للإنسان برنامجاً عملياً لكل جانب من جوانب حياته، ويرسم له تصوراً خاصاً وشاملاً لغرض بقاء النوع الإنساني من أجل بناء المجتمع الإسلامي القويم، ووضع اللبنات الرصينة لقيام الحضارة ذات المجتمعات المتكاملة المنطلقة من خلال الرؤية القرآنية الواضحة، فكان شعاره في ذلك "ولتكن منكم أمة" تتجاوز كل العقبات عن طريق اتخاذ القرآن لهذه الأمة، فتكون انطلاقتها من نقطة مركزية ومحددة ذات أهداف مرسومة ومنهجية واضحة، تتلقى التوجيه من الله عبر كتابه المجيد وعلى ضوء قاعدة التوحيد.
إذا القرآن نهج وحضارة، نهج لأنه يريد بناء الإنسان القادر على إدارة الحياة وفق ما يمليه عليه. وحضارة لأنها تتشكل من ذلك الإنسان وتلك القيم فهي ليست حضارة المادة أو حضارة الشيء.
وهذا الكتاب الذي بين يدينا يتحدث عن أمرين: أولاً: عن القرآن المنهج المتمثل في البرامج والرؤى والبصائر التي يتخذها الإنسان نهجاً وطريقاً في الحياة. ثانياً: عن التطبيق العملي لهذا القرآن المنهج لبناء صرح الحضارة. إقرأ المزيد