تاريخ النشر: 01/03/2004
الناشر: بيسان للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:إن أول ما يسترعي الانتباه في الإنجيل الشريف، حسب يوحنا، هو كونه لا يقتصر على سرد أعمال سيدنا عيسى عليه السلام وتعاليمه كما يقول يوحنّا نفسه. ولكنّه خلافاً لباقي روايات الإنجيل الأخرى يتعدى ذلك إلى التأمل في هذه الأعمال والتعاليم، وذلك في محاولة لاستخلاص النماذج التي تؤطر هذه الأخيرة.
فالكتابة ...في الإنجيل الشريف حسب يوحنا ليست تدويناً للتاريخ نفسه من زاوية الروح. إنها تفكير رصين وعميق في الخلق والكتب والأنبياء، وفي الحاضر والماضي والمستقبل، بناءً على خبرة الكاتب الروحية الغنية التي كانت ثمرة عشرته الحميمة والفريدة للسيد المسيح. وهي عشرة تبدو جلية في الإشارات المتكررة إلى كون الكاتب (يوحنا) هو المريد الذي كان سيدنا عيسى يحبه، وقد اعتبره عند صلبه ابناً لأمه مريم كما اعتبر مريم أماً له. بذلك يمكن القول أيضاً وبحقّ إن "الإنجيل الشريف حسب يوحنا ليس مجرد سردٍ لبشرى الحياة، بل هو قراءة وتأمل وتفكير في هذه الأخبار.
من هنا اختلفت مقاربة أصحاب هذه القراءة الصوفية التي احتواها هذا الكتاب للإنجيل، كما رواه يوحنا، عن مقاربته للإنجيل كما رواه الآخرون. لكون هذه المقاربة لا تكتفي بالوقوف عن ظاهر النص، بل تتعدى ذلك إلى استقراء الرموز التي تؤثث فضاءه. وقد يقول قائل أن أصحاب هذه القراءة ربما تعسفوا على النص بمثل هذه القراءة. لكن على سبيل الرد يقولوا أن القراءة المتأنية للإنجيل حسب يوحنّا تبين أن هذا الكتاب (إنجيل يوحنا) يستدعي مثل هذه المقاربة. وهي مقاربة باطنية روحانية مبنية على منهاج السلف من الصوفية، من حيث استكناه روح اللغة، وفك مغاليق الرموز والإشارات.
وأما بالنسبة لطبيعة العلاقة بين يوحنا وهذا المنهاج الصوفي في القراءة والتفسير؛ فإن المنهاج الصوفي يستضيء في جوهره بروح سيدنا المسيح وتعاليمه. وهي حقيقة ظل الصوفية يتداولونها خفية ورمزاً بينهم إلى أن باح بها الحسين بن منصور الحلاج فكلفته حياته.
ويمكن القول هي ذي فحوى هذه القراءة الجديدة، والجادة للقديس الجليل صاحب "إنجيل يوحنا" الحواري الذي أحبه الجليلي الأول عيسى المسيح، وهي قراءة شرقية-إنسانية، وفيّة لروح صاحب الإنجيل الرابع الذي أراد أن يتميّز-كما يلاحظ أصحاب القراءة، بمنهج تاريخي ثاقب-بانفتاح المسيحية الأمميّ على "الإنسان" بمنأى وبمعزل عن أية قسمة غير عادلة، بدفقة روحيّة جديدة تؤكّد على الاختلاف، والاعتراف في علاقة الذات الإنسانية بالذوات الأخرى، في وحدة، الوجود، ووحدة الأديان، ووحدة الإنسان. إقرأ المزيد