قهوجيات 1 - أركيلة الحلم العربي
(4)    
المرتبة: 30,498
تاريخ النشر: 01/10/2003
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:ما من إنسان إلا وفيه شيء يثير الضحك، حتى ولو كان تمثال موسى. وَضَعَ غازي قهوجي يده على قفل باب هذا السرّ، وأدار فيه القلم. فكان فضحه للمضحك في الشعبي لطيفاً، دافئاً، وحنوناً. أما فضحه للمضحك من القوم، فقد كان مؤلم الحبر، عاصف القسوة.
وأنت تقرأ غازي قهوجي، تدخل مباشرة ...في فضاء الفن المشهدي. اللقطة وزواياها، الأشياء وأخفى دقائقها، الإضاءة على المهمش، والمهمل، والمتروك، والعابر. التوسع في لا نهائية الحركة، الكشف عن كل ما هو مخبأ في الملامح، والحواس، والداخل، سرعة المشهد مع قدرة رائعة على تكثيف حتى الخطوط اللامرئية لكل عناصره ومكوناته.
ولعل غازي قهوجي، من أبرع كُتّاب السيناريو للجزئيات التي لا تمر ببال أحد، والممحوة في التنقيح. والمحذوفة في المراجعة. ولعل ما حداه إلى الإلمام بالجزئيات تلك، هو الشخصية موضوع النص. فغالبية شخصيات غازي قهوجي، نماذج اجتماعية محلية، لا تُنتج إلا إخفاء تخلفها وغبائها بما تستهلكه من كل ما هو عصري وجديد. فإذا ما رَفعت عنها هذا الغطاء، هالك ما هي عليه من تفكك، وتشوّه وتصنع، ورجعية، وجهل كامل بهذا النموذج العصري المتطور الذي تحاوله، ويمنعها عنه داخلها المفرغ من كل أسباب التقدم.
وهنا، باختصار، قيمة غازي قهوجي، إذ يأتي ليعريها من كل مظاهرها، ويفضح ما فيها من كذب، ورياء، وحيل، وبساطة، وسذاجة، وتقليد، وبله، وادعاء فارغ وتشاوف، وكلها، لا تثير فيك إلا الضحك الممزوج إن لم يكن باليأس، فبالقرف، أو الحزن، أو الخجل.
ولا نعتقد أن أسلوباً غير أسلوب السخرية المقرونة بالمعرفة العميقة للواقع، يستطيع اكتشاف ما في المجتمع اللبناني من فضائح، تصل بنتيجتها، للتأكد أن حريته، وديموقراطيته، وتطوره، وعصريته، ليست إلا كذباً بكذب، خصوصاً وإذا علمنا أن لا مقومات للوطن في المجتمع اللبناني المتفسخ الاستهلاكي، إلا السوق القائمة على بائع مستورد، ومشترٍ مستهلك، من غير أية معرفة بدائية بأي إنتاج. إقرأ المزيد