غزة، خمسة آلاف عام حضور وحضارة
تاريخ النشر: 01/09/2003
الناشر: دار العلوم العربية للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:يواصل الدكتور جمعه أحمد قاجة المسعى الذي افتتحه في كتاباته الأولى التي أراد من خلالها تأكيد الحضور العربي في كل الإنجازات الحضارية التي شهدها العالم وإلى فضل هذه المنطقة في إرساء أسس الكثير مما اعتبره الغربيون نتاجاً خالصا لحضارتهم، في حين تؤكد الإشارات واللقي التاريخية إلى أن العرب كان ...لهم نصيب وافر من الجهد فيما آلت إليه الحضارة الغربية وكباحث يؤمن بأمته وبدورها الحضاري سعى إلى تعميق هذه النظرة العروبية الخالصة والتي لا تغفل دور الآخرين ولا تنتقص منهم. واليوم إذ يؤكد الدكتور قاجة في عمله الموسوعي هذا نهجه الذي ابتدأه في الأعمال الموسوعية الأخرى فإنه يلج موضوعاً بالغ الصعوبة شديد التعقيد.
فغزة هي ركن فلسطين وخاصرتها يمتد تاريخها إلى اقدم العصور إذ قيل أن تاريخها يعود إلى الألف الرابع قبل ميلاد المسيح، وقيل أنها رابع مدينة بنيت على وجه الأرض، وقد وردت إشارات كثيرة لغزة في الآثار المصرية القديمة باسم (غازاتو) و(غاداتو)، وكانت غزة تحظى على الدوام بمكانة هامة إذ تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي على أهم الطرق التجارية في العالم القديم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وكانت حلقة اتصال بين بلاد الشام وبلاد مصر وقد استمرت هذه الأهمية حتى القرن العشرين.
واليوم لم تغب غزة عن مسرح الأحداث، فهي حاضرة في عنفوان الثورة المسلحة، تنتظر قيمتها التاريخية، كي تنفض عن كاهلها أدران الاحتلال، وشهداؤها عناوين فداء وتضحية تتمجد فيهم البطولة وما إليها ينتسب فارس عودة ومنها ينحدر محمد جمال الدرة وإليها تشخص عيون الأمة لتطل منها على مستقبل مفعم بالأمل والطريق يبدأ منها وإليها.
إن الحديث عن الجهد الذي بذله المؤلف في هذا العمل الموسوعي الضخم لن يكون منصفاً ما لم يلم القارئ بالأعمال التي صدرت للمؤلف والتي اتخذت منهجاً يتسم بالشمولية والدقة والوضوح. وفي عمل كهذا تمتد عناصره في عمق التاريخ البشري، وتضرب في أعماق الحضارة فهو إذ يضع دراسة متكاملة عن غزة لا يغيب عنه أن يؤكد حقيقة أن الصراع ضد المحتل الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود، وإن قضية فلسطين ذات بعد عالمي وهي قضية قومية وإنسانية.
وأخيراً جاءت الموسوعة عملاً متكاملاً يعرض لتاريخ غزة موثقاً بالصور والشهادات الحية وفي الصفحات الأولى يعرف المؤلف بموقع غزة ومكانتها معرفاً بسكانها وثرواتها. وكان موقعها الجغرافي أحد الأسباب التي أدت إلى القول أن من يسيطر على غزة يمكنه أن يسيطر على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وأفريقيا. ثم يعرج المؤلف إلى الحديث عن غزة في التاريخ عزة الكنعانية، التي مرت عليها حضارات متعاقبة قبل أن يفتحها المسلمون عام 13 للهجرة، ويقف عند محطات أساسية في تاريخ المدينة قبل أن يحتلها الصهاينة ولا ينسى أن يفرد فصولاً لذكر أهم العائلات التي تقطن غزة، آخذ بين الاعتبار الحديث عن عوائد أهل غزة وتقاليدهم.
ثم يسلط الضوء على واقع عزة في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية والآفاق المستقبلية التي تعد بالكثير لهذه المدينة. ويأتي على ذكر أهم المؤسسات والنوادي والجامعات والمراكز الثقافية فيها، ويبحث في الواقع الاقتصادي والاجتماعي لسكانها. ولأن غزة كانت ملاذاً للكثيرين الذي هجروا من أراضيهم التي احتلها الصهاينة فإن المؤلف يتطرف إلى واقع اللاجئين الفلسطينيين في غزة وحجم المعاناة التي يكابدونها في ظل سياسة الاستيطان الإسرائيلية وسياسة بناء المستوطنات في غزة والتي تشكل تهديداً لعروبة المدينة. وأخيراً لا ينسى المؤلف أن يشير إلى موقع غزة في خارطة النضال الفلسطيني وأن يبني حقيقة الواقع الثقافي السائد في المدينة على مستوى المسرح والسينما والشعر. إقرأ المزيد