تاريخ النشر: 01/12/2012
الناشر: دار إحياء التراث العربي
نبذة نيل وفرات:الكتاب الذي نقدمه للقراء هو "شرح الأصول الخمسة": التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي الأصول التي اتفق عليها المعتزلة واختلفوا في غيرها ، وقد أوصل الشهرستاني عدد فرقهم إلى اثنتى عشرة فرقة، يبدأ "شرح الأصول" بمقدمة عن النظر ووجوبه على المكلف، وذلك ...لأن معرفة الله ليس من المعارف الضرورية ولا تكون إلا بالاستدلال ومن هنا كان النظر في الطرق المؤدية إلى معروف الله واجباً.
ويبدأ هذا الطريق بمعرفة الأجسام والأعراض لأنه سيؤدي بنا إلى أنها حادثة، وما دامت كذلك فهي تحتاج إلى محدث هو خالق الكائنات كلها وهو الله، والطريقة التي يعتمدها القاضي لمعرفة حدوث الأجسام هي الدعاوى الأربع التي بدأها أبو الهذيل وتابعه فيها رجال الاعتزال وعلماء الكلام عموماً، وتتخلص فيما يلي: 1-إما في الأجسام معاني لا ينفك عنها كالاجتماع والافتراق والحركة والسكون، 2-هذه المعاني محدثة، 3-الجسم لا ينفك عنها ولا يتقدمها، 4-ولذلك وجب حيث حدوث الجسم أيضاً. ثم ينتقل البحث إلى ما يجب على المكلف معرفته من أصول الدين، وذلك لأن معرفة الأصول عند القاضي إما إجمالية أو تفصيلية وكثير من المسائل يكفي فيها النظرة الإجمالية، وخاصة بالنسبة لعامة المكلفين.
وهكذا يميز القاضي في بحوث العقائديين نوعين من الناس: العامة وهؤلاء لا يكلفون إلا بالمعرفة الإجمالية من أصول، والعلماء وهؤلاء وحدهم الذين يحق لهم البحث التفصيلي فيها فالمعرفة الإجمالية إذن كافية لترتيب التكليف على المكلفين، أو بعبارة أخرى إن المكلف لا يجب عليه أكثر من المعرفة الإجمالية. ثم يعرض للأصول الخمسة عرضاً سريعاً يتناسب مع هذه الفكرة مبيناً ما يجب على المكلف معرفته من كل أصول من الأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويعود بعد ذلك إلى تفصيل ما أجمله من أصول ويختم الكتاب بفصل في التوبة تيمناً وتبركاً وتفاؤلاً بالكثير والقبول , وتمتاز عبارة هذا الكتاب بالوضوح والسهولة، على عكس عبارة "المغني" ولعل ذلك لأنه أملاه بعد بدئه في "المغني"، وكان يلقيه في دروس يحضرها العامة والخاصة، فأراد أن يبسط قواعد الاعتزال وييسر تناولها ونشرها. وتبدو قيمة هذا الشرح في أنه يحيط بأغلب المسائل الاعتقادية التي كانت مدار البحث بين الكلاميين على اختلاف مشاربهم من معتزلة وأشعرية وكرامية ومجبرة إلى غيرهم.
وهو ينصف خصومه حينما يعرض آراءهم بكل دقة ووضوح ثم يبدأ بالرد عليهم بهدوء وقلما نجد كلمة نابية في مناقشته لأفكار الغير والقارئ لهذا الكتاب يستطيع أن يأخذ فكرة شاملة عن تطور بحوث الكلام وأصول الدين عند المسلمين في بداية القرن الخامس الهجري، لأن القاضي عبد الجبار بسبب إطلاعه على شتى المذاهب، وبفضل حياته المديدة المليئة بالمناقشات والمحاورات كان أقدر الناس على أن يقدن لنا هذه الصور الكاملة. إقرأ المزيد