في التذوق الجمالي لقصيدة الأسود بن يعفر النهشلي
(0)    
المرتبة: 113,023
تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: دار عمار للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:قال الأسود بن يعفر النهشلي... "نام الخليُّ وما أحسن رقادي... والهمُّ مُحْتَضِرٌ لديَّ وسادي... من غير ما سقم ولكن شَفّني... همُّ أراه قد أصاب فؤادي... ومن الحوادث لا أبالك أنني... ضُرِبَتْ عليّ الأرض بالأسدادِ... لا أهتدي فيها لموضعِ تَلْعَةٍ... بين العراق وبين أرض مُوادِ... ولقد عَلِمْتُ سوى الذي نبَّاتني... ...أن السبيل سبيل ذي الأعوادِ... ماذا أؤقّلُ بعد آلِ مُحرَّقٍ... تركوا منازلهم وبعد إياد. [...].
إن التذوق الجمالي للنصوص الشعرية لهوَ في الوقفات الذاتية التي يستنطق من خلالها – المتذوق كوامن الأحاسيس التي فجرّت الشعر ورافقت عملية ولادته... وهو العبور الجماليّ الذي من خلاله تبين النصوص ذات نكهة وطعم، وشميم – إن جاز التعبير – خاصّةٍ، يستثمر حلاوتها من واقَفَها.
إنها الذاتية الفردية بكل ما للذاتية من تفرّد في التكوين الفكري والثقافي وطرائق التفكير ودرجة الإحساس بالجماليات والإستجابة لها، إنها أفق الشارح لهذه القصيدة في تغافله مع النصوص... فإذا كان هذا الأفق في الدرجات التي نصح أن تُعْبَرَ لتغدو حواراً وتعليلاً، فذلك في النداء المعِطاء الذي ينبغي أن يُحرص عليه، وأن تُكَثَّر منه الآفاق، كي تغدو أعمال التذوق الجمالي للشعر العربي – وللشعر العربي الذي وطَّأ لرسالة الإسلام – في المنافسة التي تُحَبِّبُ لكل من اتصل بهذه اللغة الشريفة بسبب أن يُعاودَ قراءة الشعر بعيون جديدة، وبنفسية متجددة، ووفق مناخات متعددة، فقصيدة الأسود بن يعفر النهشلي "نام الخليُّ" رائعة لاحقة بأجود الشعر وكانت واضحة في أذهان كثير من الخلفاء الراشدين والأموي 168ين والعباسيين.
إن مناخ هذه القصيدة ومثيلاتها من حياد القصائد الجاهلية كان المناخ الذي أبرز فحولة الشعر العربي في وقت كان توقيت الرسالة الإسلامية فيه قد رُتِّبَ له، وانعقدت منه المواقيت، وإذاً فهي جديرة بأن تكون مادة التدريس في كل الحلقات التي يعمرها كتاب الله تعالى، ويزينها الحديث النبوي الشريف بكل ما حملته من تضاعيفها ودلالاتها من قيم لغوية وفنية...
من هنا، تأتي أهمية هذا التذوق الجمالي لقصيدة الشاعر النهشلي "نام الخليُّ" الذي اعتمد فيه شرح العلاّمة أبي محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري (ت 305هـ) على ديوان المفصليات للمفضل بن محمد بن يعلي الضبيّ (ت 168)، وما جاء منها مثبوتاً في المظان الأدبية، حيث كان صاحب هذا التذوق الجمالي بقلب الأمر من وجوهه المتلفة، معطياً لكل صاحب فضل حقه، وكان يكون له الرأي الواحد في الفهم والتذوق، والربط، والإختيار، على تقديمه العلل والأسباب، وسوق الأدلة، والمسوّغات؛ مع تركه الباب مفتوحاً لمزيد من الوضوح، والإضافة، والإضاءة النقدية الكاشفة. إقرأ المزيد