دقائق العربية جامع أسرار اللغة وخصائصها
(0)    
المرتبة: 203,449
تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يعلم أولو الأبصار أن لكل صناعة لوازم لا بد منها لمن يزاول تلك الصناعة إذا أراد أن يُعَدَّ فيها من المبرزين، وإلا كان كالذي يحاول أن يبني باذخات القصور ويده خِلوٌّ من المال ويتشوف إلى سنيّ المراتب ولا مساغ له إليها سوى الخيال. ويعلمون أيضاً أن الإنشاء العربي لا ...تضارعه في دقته صناعة، وأن له لوازم إذا أغفلها المنشء عداه أن يكون محيداً بارع الأسلوب وإن كان حرّ السليقة، باهر الذكاء غمر البديهة، ذلك بأن، الصناعة إذا لم تستكمل لوازمها عجز صاحبها أن يعطيها حقها عن الإحكام، فيستهجنها ذوو النظر الصحيح وأهل التمييز، ويرفضها ألو الذوق السليم، فمن أجل ذلك أجمع أقطاب اللغة والبيان وجهابذة النقد على أن الفصاحة والخطأ اللغوي لا يجتمعان، وأن من قلّ نصيبه في النحو واللغة الصحيحة كان أقل نصيباً من الإنشاء العالي.
لا جدال إذاً في أن التضلع من اللغة وفنونها، والاطلاع على أسرارها ودقائقها، هما في مقدمة لوازم الإنشاء، وإلا فكيف يفرق المنشئ بين الفصيح والعامي، وبين الجزل المبتذل، وبين المقيس والشاذ، وكيف يجتنب الخطأ ويراعي الأصول والقواعد، ويلبس كل غرض من أغراض الإنشاء ما يناسبه من الألفاظ، ويضع كل جملة في الموضع اللائق بها، ويتخير الأساليب الرائعة في منظومه ومنشوره.
هذا وإن النظر يقع كلّ يوم على نظم أو نثر لو سلم من هجنة الخطأ ومن وضع الكثير من الألفاظ في غير موضعه، ومن سخافة الأسلوب وضعف التركيب، لكان سائقاً لا ينبو عنه الذوق، ولكنك لو عرضته على محك النقد لم تجد ذهباً ولا فضة. فمن فعل لازم جعلوه متعدياً، إلى مصدر من الثلاثي جعلوه من الرباعي، إلى جمع مكسر منحوه السلامة، إلى لفظة مؤنثة منوا عليها بالتذكير، وأخرى مذكرة أكرموها بالتأنيث، إلى اسم مُنع من الصرف جعلوه مصروفاً وآخر منصرف أبو إلا أن يجعلوه ممنوعاً إلى الآخر ما هنالك. وهذا يدل على أن هؤلاء الذين ظنوا أنهم خدموا العربية هم في الحقيقة لم يدركوا من العربية إلا بعض جزئياتها فهم ينتهزون كل فرصة لتقبيحها والهبوط بها إلى دركة العامية.
من هنا كان لا بد من تأليف هذا الكتاب، الذي يحاول المؤلف أن يكون هدى لمن ضلوا سبيل الفصحى، وذلك من خلال ما أورده من الدقائق والفوائد الموجودة في كتب اللغة، ليقف الذين يخبطون خبط عشواء في إنشائهم على أخطائهم اللغوية فيتحاشوها في ما يكتبون. فيكون المؤلف بذلك قد حاول تقديم الإنشاء وتخليصه من شوائب الفساد، مجنباً الكاتب مزالق الخطأ اللغوي، ودالاً الناثر والشاعر على سنن الفصحى، بيانه قواعد اللغة العربية، ومسهلاً للمستشرقين الوقوف على فلسفة اللغة العربية. إقرأ المزيد