جدلية الواقع والمتخيل قراءة في ديوان 'قناديل الريح' للشاعر عبد الله محمد باشراحيل
(0)    
المرتبة: 326,567
تاريخ النشر: 01/10/2002
الناشر: دار الكتاب الحديث
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:للشعراء مواقف نحو ما يشتهون من الشعر، وما ينتجونه منه، فقد يكون هناك حراك داخل النفس الشاعرة، بين ما تشتهي من الشعر، وما تنتجه منه من حيث فقدان التوافق. فقد كان أبو تمام، مثلاً يشتهي من الشعر ذلك الشعر المطبوع بطابع الحس، أكثر من ذلك المطبوع بطابع الذهن. لكنه ...كان ينتج شعراً مطبوعاً في الأغلب الأعم فيما يألفه الفهم، أكثر من ذلك الشعر الذي ترغب فيه النفس، والقارئ يلمس من خلال قراءته لديوان "قناديل الريح" الذي هو موضع القراءة النقدية في هذا الكتاب.
إن الدكتور عبد الله باشراحيل يشتهي من الشعر ما تحققت فيه السمات والخصائص التي بثها في آراء نقدية له، وينتج من الشعر ما توافرت فيه تلك السمات والخصائص، فاتفقت رؤيته لما ينبغي أن يكون عليه الشعر من حيث المضامين واللغة مع منتجه منه، وقدم في ديوانه هذا مادة شعرية وفيرة وواسعة تجد فيها المناجاة الروحية المنتمية إلى الخطاب الإلهي، فهو كثير اللجوء إلى الذات الإلهية كلما تأزم موقفه الذاتي، أو الجمعي من الحياة.
يجد في مناجاته انفراجاً لتوتراته النفسية، وأملاً في مستقبل أحسن حالاً مما عليه الحال، وقد جاءت مناجاته في قصائد مستقلة، وجاءت كذلك في كثير من قصائد الديوان وفي كثير من موضوعات شعره المتنوعة، وتجد في شعره موضوعات المديح، والرثاء، والشكوى من الزمان، والغناء للوطن، وللذات الخالصة، ولمجتمعه، وأمته، وتجد فيه تأملات في الحياة، والكون.
وقد تنوعت قوافيه تنوعاً ملفتاً للنظر، من حيث وفرة تنوع حروفها وتعددت بحوره الشعرية، فقد استعمل بحور البسيط، والكامل، والمتدارك، كما استعمل الطريقة الإيقاعية المتحررة في بعض قصائد الديوان، وقد طبع هذه المادة الشعرية مضموناً وتشكيلاً بثقافته العربية الخالصة. فمادة المخزون المعرفي والأدبي عنده هي المعرفة الشرعية، والتاريخ، والأدب، وثقافة العصر الحاضر، فقد جمع إلى هذه الثقافة المعاصرة تراث الأمة الثقافي، تلمس ذلك في وعيه بحركة التاريخ، والتحولات الاجتماعية وهضمه مشكلات عصره.
فقد أتاحت له هذه الثقافة الواسعة أن يقف على أسباب التطور الحضاري الذي مرت به أمته، ويعرف مكامن المعوقات التي كانت وما تزال تحد من توسيع دائرة ذلك التطور، تلمس هذا كله في شعر هذا الديوان الذي اكتنز مادة معرفية واسعة، استثمرها الشاعر في موقفه من مشكلات عصره، وظهرت واضحة جلية في التعبير عن حاجاته القائمة في نفسه. لذلك لا تخطئ الحقيقة القارئ، ولا يند عنها إذا اعتبره من الشعراء المنتمين إلى قضايا أمته، وتاريخها، ومعرفتها، ومشكلاتها، وآمالها، وآلامها، ومنجزاتها، وتطلعاتها. وهذا ما سيلمسه القارئ فيما يورده الناقد في قراءته هذه، من إشارات، تناول فيها شيئاً من سمات شعره وخصائصه الموضوعية والأدبية التي يستنطق شعره عنها.
ففي شعر المناجاة الإلهية، تلحظ النفس الصافية المشبعة بالإيمان والرضى بما يقدر الله ويشاء، فهو المتصرف في حركة الكون والناس، وهو الملاذ عند الشدائد والملمات، وهو الذي يعز من ولاه، ويذل من عاداه، ولا توفيق للعبد في هذه الحياة إلا بتوفيق الله له. فالشاعر لا ينفك عن قربه من خالقه سبحانه وتعالى، والاتكال عليه في كل الأمور، يلاحظ القارئ ذلك من تأملاته الشعرية، وفي بعض خواتيم قصائده كما هي الحال مثلاً في قصيدة (عصر التيه) وقصيدة (كوكب العلم) وقصيدة (سوء النقم). إقرأ المزيد