لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0

المسؤولية عن مضار الجوار

(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 98,953

المسؤولية عن مضار الجوار
17.00$
20.00$
%15
الكمية:
المسؤولية عن مضار الجوار
تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
النوع: ورقي غلاف فني
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا يمكن إخضاع مفهوم الجوار، لتعريف ثابت ومحدد، بإعتبار أن فكرة الجوار بحد ذاتها، هي بالأساس، ذات مقياس مرن ومتغير، لا بل غير ممكن إخضاعها لمعيار ثابت ولا تتصف بأي صفة توحي بالثبات على نمط واحد، ولا تقبل التحديد، ما خلا ما يفيد معنى التجاور الجغرافي الدائم وغير المؤقت، ...فيما بين الأشخاص والأشياء حيث قد تنشأ النشاطات المختلفة، المتحركة والثابتة والتي قد تبعث أحياناً تناقضاً في الموقف على صعيد الواقع العملي.
وفي ضوء هذه النظرة العامة، وإنطلاقاً من بعض هذه النقاط والمعطيات التي اتيح لنا الإلمام بها، يتعين علينا إبراز طريقة البحث ومنهجية العمل وتصميم هذه الأطروحة...
يقتضي بنا بادئ ذي بدء، معرفة أننا بصدد معالجة موضوع مستمد، بالأصل، من قانون الملكية، مع العلم أن لهذا الموضوع أي المسؤولية عن مضار الجوار طبيعة مزدوجة، وفي تطور ثابت، إذ منذ ما يقارب القرن، أورد "Ripert" بما معناه: "أنه يجب معالجة هذا الموضوع ضمن إطار المسؤولية". ومهما يكن من أمر، بالنسبة لأساس المسؤولية عن مضار الجوار، فإنه لا بد من التركيز على عنصرين أساسيين هما: الطبيعة القانونية للمسؤولية عن مضار الجوار، والتعويض عن مضار الجوار، ذلك أنه يتعين علينا لإستكمال مراحل عملنا معالجة هذين العنصرين ضمن إطار قسمين كبيرين، إذ يكون القسم الأول مخصصاً للبحث في طبيعة المسؤولية عن مضار الجوار، ونعرض فيه بإيجاز الأسباب التي حملتنا على إختيار النظام التقليدي لمفهوم الخطأ وليس نظرية المخاطر، كأساس لهذه المسؤولية، ومن ثم نعمل على تحليل خطأ الجوار "La faute de voisinage" ونوضح بالمناسبة نوعاً ما، الوجه المزدوج الذي تتميز به المسؤولية عن مضار الجوار، مما يقتضي معه حصر المدى الذي يظهر من خلاله الخطأ المنتج للحق في إصلاح الإزعاجات فيما بين المتحاورين.
ويتفق الفقهاء بوجه عام، على أن الخطأ المنتج للمسؤولية، يظهر سواء بمخالفة القوانين أو الأنظمة أو بممارسة نشاط منافٍ للأخلاق أو نشاط مشين، سواء بالإهمال أو عدم القطنة أو بإغفال أخذ تدابير الحيطة والحذر...
ومن الواضح، أن التطور الذي رافق المسؤولية عن مضار الجوار، من جراء سيطرة الآلة والصناعة الكبرى، قد رافق أيضاً نظرية المسؤولية عن فعل الأشياء. والإجتهاد، بالنسبة لهذه المادة، قد حسم الموقف إعتباراً من صدور القرار التاريخي الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية في 16 حزيران 1896، هذا القرار الذي صدر تبعاً للتقدم الصناعي الملحوظ في نهاية الجيل التاسع عشر، والذي من شأنه الإفساح بالمجال أمام المتضررين، من حوادث السيارات، للمطالبة بتعويضاتهم، على الرغم من صعوبة لا بل من إستحالة الإثبات أحياناً بالنسبة لخطأ رب العمل؛ وقد جاء قانون 1898 فيما بعد يصب في مصلحة المتضررين من هذه الحوادث، ولكن الإجتهاد بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء، لم يلتزم الصمت إزاء هذا الوضع القانوني بحيث أن المحاكم إغتنمت الفرصة، مما حملها على إقرار تطبيقات عديدة، لا سيما فيما يتعلق بحوادث السيارات، بمعنى أن هذا الإجتهاد أخذ بالتوسع في ظلّ الضرورة التي فرضت عليه الإتجاه.
ومع ذلك، هل يمكن الإعتقاد أن المحاكم بالرغم من هذه القرارات، كانت تحرص على إحترام غاية واضعي القانون المدني في فرنسا؟ في الواقع أن الإجتهاد بالرغم من إستناده إلى المادة 1384، فمحكمة التمييز أعطت عبارة "فعل الأشياء"، تفسيراً واسعاً يتجاوز صراحة نطاق العبارة التي تتضمنه، وهذا التفسير الواسع للنص المذكور مستوحى من ضرورة حل الصعوبات الناتجة عن ظروف العمل التي فرضتها المستجدّات الإجتماعية.
والملفت للنظر في هذا الإجتهاد، أنه يسعى للتحرر من أية فكرة تتعلق بالخطأ، في حين أن ثمة فقهاء عديدين إستمروا على إعتبار أن المسؤولية تقوم على الخطأ، حتى في مادة المسؤولية عن مضار الجوار، ولكنهم، إعتبروا الخطأ مفترضاً في هذا المجال. ومن الملاحظ أنه حتى قبل سنة 1930 كانت فكرة الخطأ المفترض معتمدة لدى غالبية المحاكم على نحو مستمر، مع العلم أن هذا الإتجاه في الإجتهاد لم يكن إلاّ لتغطية التحول الحقيقي الذي بدأ يتكرس عملياً، وحتى أنه قبل بكثير من عام 1930، لم تكن فكرة الخطأ مستساغة إطلاقاً لدى الإجتهاد، بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء، وهذا ما قد أوضحه "جوسران"، إذ أورد بما معناه: "القول للحارس أنه مسؤول بإعتبار أن خطأه مفترض، كما أنه لا يحق له دفع هذه المسؤولية عنه ولو جاء ليقدم الإثبات على براءته، وهذا ما يؤكد تجريد مسؤوليته عن فكرة الخطأ...".
كما أن المحاكم قد إعتبرت أن الحارس مسؤول عن الشيء في الحالة التي يكون فيها العيب ملازماً للشيء، بالرغم من أن الحارس لم يرتكب خطأ بعدم التأكد من وجود هذا العيب، إضافة إلى أن الشيء المعيوب لم يكن الحارس هو الصانع له، وفي ضوء هذا الإعتبار، يمسي من الصعوبة بمكان، الأخذ في مثل هذه الحالة، بفكرة المسؤولية ضمن إطار الخطأ.
من هنا، يبدو أن ثمة مرحلة جديدة للأخذ بنظام المسؤولية الموضوعية، عن فعل الأشياء، إذ أن هذا النوع من المسؤولية أضحى مكرساً تبعاً للقرار المعروف بإسم Jeand'heur والصادر في 13 شباط 1930، وفي هذا القرار، يبدو أيضاً أن الغرف المجتمعة لمحكمة التمييز قد استبدلت عبارة، القرينة على توفر الخطأ بعبارة القرينة على وجود المسؤولية، ومنذ ذلك الحين، أضحت هذه الصيغة معتمدة لدى غالبية قرارات المحاكم...
ومن الصعب تحديد أسباب هذا التطور بمعزل عن إتجاه المحكمة العليا التي بذلت الجهد بغية تخفيف حدّة العلاقة القائمة بين المسؤولية عن فعل الأشياء والمسؤولية المبنية على الخطأ، بإعتمادها على قرينة المسؤولية، عندما يكون الإثبات متوفراً بالنسبة للسبب الواضح والأكيد في إحداث الضرر الناشئ عن عيب في الشيء، بحيث لا يمكن ربطه بخطأ الحارس، إلاّ أن الفقيه Esmain إعتبر أنه لمجرد أيراد عبارة قرينة المسؤولية، فهذا ينفي فكرة المخاطر ولا يمكن الإعتداد بها كأساس رئيسي للمسؤولية. وبنظرنا، من السهل، تفسير الغاية من الإحتفاظ بعبارة القرينة على المسؤولية بمعنى أنه يمكن مساءلة الحارس على الشيء ولو لم يرتكب خطأ، وذلك، في جميع الحالات، عندما يكون مصدر الضرر مرتبطاً بوجود هذا الشيء... ولكن يبقى أن ثمة إمكاناً لإثبات أن مصدر الضرر هو مستقل عن الشيء وقد يكون متأنياً عن حدث خارجي لا يمكن ربطه بوجود هذا الشيء. وفي هذه الحالة، يصبح الإعتقاد بوجهة نظر الإجتهاد من الوجهة الوضعية أكثر من الوجهة النظرية، حتى لو أن ثمة إتجاهاً للقول بوجود قرينة على توفر الخطأ، ولكن هذه القرينة تعتبر غير قابلة لإثبات عكسها، وهذا يعني أن القرينة على هذا النحو تعتبر مرادفاً لفكرة المسؤولية المفترضة. في الواقع بقدر ما يكون إثبات عكس القرينة صعباً، بقدر ما يظهر مبدأ المسؤولية الوضعية.
وتجدر الإشارة إلى أن الإجتهاد بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء قد أوجد مرتبة كبرى لفكرة المخاطرة "L'idée de risque"، مما يحمل على الإعتقاد أن موجب إصلاح الضرر يمسي عندئذ، على عاتق حارس الشيء وليس على عاتق المالك، مع العلم أن هذا الأخير يجني ربحاً من هذا الشيء، بالرغم من تسليمه لحراسة الغير.
وفي ضوء هذا الحل، يتبين أن المسؤولية عن فعل الأشياء لا يمكن إعتبارها مجرد تطبيق لنظرية المخاطر، وأن فكرة الخطأ، تتأثر بها في هذا المجال، قرارات المحاكم..
وبذلك يتضح أن ثمة أساساً مزدوجاً للمسؤولية، منه أساس مبني على الخطأ وضمن إطار المسؤولية الشخصية، ومنه الأساس القائم على مفهوم المسؤولية المشتقة والتي تقترب كثيراً من فكرة المسؤولية المبنية على أساس نظرية المخاطر، ولكن دون أن تتحد بها.
وضمن إطار هذا الوضع من طبيعة الأشياء، ينبغي تحديد المسؤولية الخاصة الناجمة عن مضار الجوار، وهي مسؤولية شخصية، ولكن من جهة تقنية هذا النوع من المسؤولية، فإنها لا تخضع لإثبات الخطأ مباشرة، وبذلك يتركز البحث هنا، بادئ ذي بدء، على أن اختيارنا لهذا الموضوع - المسؤولية عن مضار الجوار، ينبني على مقدار أهمية وأثر المسؤولية عن مضار الجوار، هذا الموضوع الذي على الرغم من كثرة الأبحاث والدراسات والمقالات القانونية والفقهية والقضائية، التي تناولته من جميع جوانبه وخلفياته وأبعاده؛ إلا أن هذا الموضوع لم يستوف حقه، ويبدو أنه بطبيعته قابل للتحول وخاضع لعوامل ومؤثرات عدة من التطور الإنساني والإجتماعي والعمراني والصحي والإقتصادي، على أن نخصص القسم الأول لبحث الطبيعة القانونية للمسؤولية عن مضار الجوار. والقسم الثاني مخصص لبحث التعويض عن مضار الجوار.

إقرأ المزيد
المسؤولية عن مضار الجوار
المسؤولية عن مضار الجوار
(0)    التعليقات: 0 المرتبة: 98,953

تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
النوع: ورقي غلاف فني
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا يمكن إخضاع مفهوم الجوار، لتعريف ثابت ومحدد، بإعتبار أن فكرة الجوار بحد ذاتها، هي بالأساس، ذات مقياس مرن ومتغير، لا بل غير ممكن إخضاعها لمعيار ثابت ولا تتصف بأي صفة توحي بالثبات على نمط واحد، ولا تقبل التحديد، ما خلا ما يفيد معنى التجاور الجغرافي الدائم وغير المؤقت، ...فيما بين الأشخاص والأشياء حيث قد تنشأ النشاطات المختلفة، المتحركة والثابتة والتي قد تبعث أحياناً تناقضاً في الموقف على صعيد الواقع العملي.
وفي ضوء هذه النظرة العامة، وإنطلاقاً من بعض هذه النقاط والمعطيات التي اتيح لنا الإلمام بها، يتعين علينا إبراز طريقة البحث ومنهجية العمل وتصميم هذه الأطروحة...
يقتضي بنا بادئ ذي بدء، معرفة أننا بصدد معالجة موضوع مستمد، بالأصل، من قانون الملكية، مع العلم أن لهذا الموضوع أي المسؤولية عن مضار الجوار طبيعة مزدوجة، وفي تطور ثابت، إذ منذ ما يقارب القرن، أورد "Ripert" بما معناه: "أنه يجب معالجة هذا الموضوع ضمن إطار المسؤولية". ومهما يكن من أمر، بالنسبة لأساس المسؤولية عن مضار الجوار، فإنه لا بد من التركيز على عنصرين أساسيين هما: الطبيعة القانونية للمسؤولية عن مضار الجوار، والتعويض عن مضار الجوار، ذلك أنه يتعين علينا لإستكمال مراحل عملنا معالجة هذين العنصرين ضمن إطار قسمين كبيرين، إذ يكون القسم الأول مخصصاً للبحث في طبيعة المسؤولية عن مضار الجوار، ونعرض فيه بإيجاز الأسباب التي حملتنا على إختيار النظام التقليدي لمفهوم الخطأ وليس نظرية المخاطر، كأساس لهذه المسؤولية، ومن ثم نعمل على تحليل خطأ الجوار "La faute de voisinage" ونوضح بالمناسبة نوعاً ما، الوجه المزدوج الذي تتميز به المسؤولية عن مضار الجوار، مما يقتضي معه حصر المدى الذي يظهر من خلاله الخطأ المنتج للحق في إصلاح الإزعاجات فيما بين المتحاورين.
ويتفق الفقهاء بوجه عام، على أن الخطأ المنتج للمسؤولية، يظهر سواء بمخالفة القوانين أو الأنظمة أو بممارسة نشاط منافٍ للأخلاق أو نشاط مشين، سواء بالإهمال أو عدم القطنة أو بإغفال أخذ تدابير الحيطة والحذر...
ومن الواضح، أن التطور الذي رافق المسؤولية عن مضار الجوار، من جراء سيطرة الآلة والصناعة الكبرى، قد رافق أيضاً نظرية المسؤولية عن فعل الأشياء. والإجتهاد، بالنسبة لهذه المادة، قد حسم الموقف إعتباراً من صدور القرار التاريخي الصادر عن محكمة التمييز الفرنسية في 16 حزيران 1896، هذا القرار الذي صدر تبعاً للتقدم الصناعي الملحوظ في نهاية الجيل التاسع عشر، والذي من شأنه الإفساح بالمجال أمام المتضررين، من حوادث السيارات، للمطالبة بتعويضاتهم، على الرغم من صعوبة لا بل من إستحالة الإثبات أحياناً بالنسبة لخطأ رب العمل؛ وقد جاء قانون 1898 فيما بعد يصب في مصلحة المتضررين من هذه الحوادث، ولكن الإجتهاد بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء، لم يلتزم الصمت إزاء هذا الوضع القانوني بحيث أن المحاكم إغتنمت الفرصة، مما حملها على إقرار تطبيقات عديدة، لا سيما فيما يتعلق بحوادث السيارات، بمعنى أن هذا الإجتهاد أخذ بالتوسع في ظلّ الضرورة التي فرضت عليه الإتجاه.
ومع ذلك، هل يمكن الإعتقاد أن المحاكم بالرغم من هذه القرارات، كانت تحرص على إحترام غاية واضعي القانون المدني في فرنسا؟ في الواقع أن الإجتهاد بالرغم من إستناده إلى المادة 1384، فمحكمة التمييز أعطت عبارة "فعل الأشياء"، تفسيراً واسعاً يتجاوز صراحة نطاق العبارة التي تتضمنه، وهذا التفسير الواسع للنص المذكور مستوحى من ضرورة حل الصعوبات الناتجة عن ظروف العمل التي فرضتها المستجدّات الإجتماعية.
والملفت للنظر في هذا الإجتهاد، أنه يسعى للتحرر من أية فكرة تتعلق بالخطأ، في حين أن ثمة فقهاء عديدين إستمروا على إعتبار أن المسؤولية تقوم على الخطأ، حتى في مادة المسؤولية عن مضار الجوار، ولكنهم، إعتبروا الخطأ مفترضاً في هذا المجال. ومن الملاحظ أنه حتى قبل سنة 1930 كانت فكرة الخطأ المفترض معتمدة لدى غالبية المحاكم على نحو مستمر، مع العلم أن هذا الإتجاه في الإجتهاد لم يكن إلاّ لتغطية التحول الحقيقي الذي بدأ يتكرس عملياً، وحتى أنه قبل بكثير من عام 1930، لم تكن فكرة الخطأ مستساغة إطلاقاً لدى الإجتهاد، بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء، وهذا ما قد أوضحه "جوسران"، إذ أورد بما معناه: "القول للحارس أنه مسؤول بإعتبار أن خطأه مفترض، كما أنه لا يحق له دفع هذه المسؤولية عنه ولو جاء ليقدم الإثبات على براءته، وهذا ما يؤكد تجريد مسؤوليته عن فكرة الخطأ...".
كما أن المحاكم قد إعتبرت أن الحارس مسؤول عن الشيء في الحالة التي يكون فيها العيب ملازماً للشيء، بالرغم من أن الحارس لم يرتكب خطأ بعدم التأكد من وجود هذا العيب، إضافة إلى أن الشيء المعيوب لم يكن الحارس هو الصانع له، وفي ضوء هذا الإعتبار، يمسي من الصعوبة بمكان، الأخذ في مثل هذه الحالة، بفكرة المسؤولية ضمن إطار الخطأ.
من هنا، يبدو أن ثمة مرحلة جديدة للأخذ بنظام المسؤولية الموضوعية، عن فعل الأشياء، إذ أن هذا النوع من المسؤولية أضحى مكرساً تبعاً للقرار المعروف بإسم Jeand'heur والصادر في 13 شباط 1930، وفي هذا القرار، يبدو أيضاً أن الغرف المجتمعة لمحكمة التمييز قد استبدلت عبارة، القرينة على توفر الخطأ بعبارة القرينة على وجود المسؤولية، ومنذ ذلك الحين، أضحت هذه الصيغة معتمدة لدى غالبية قرارات المحاكم...
ومن الصعب تحديد أسباب هذا التطور بمعزل عن إتجاه المحكمة العليا التي بذلت الجهد بغية تخفيف حدّة العلاقة القائمة بين المسؤولية عن فعل الأشياء والمسؤولية المبنية على الخطأ، بإعتمادها على قرينة المسؤولية، عندما يكون الإثبات متوفراً بالنسبة للسبب الواضح والأكيد في إحداث الضرر الناشئ عن عيب في الشيء، بحيث لا يمكن ربطه بخطأ الحارس، إلاّ أن الفقيه Esmain إعتبر أنه لمجرد أيراد عبارة قرينة المسؤولية، فهذا ينفي فكرة المخاطر ولا يمكن الإعتداد بها كأساس رئيسي للمسؤولية. وبنظرنا، من السهل، تفسير الغاية من الإحتفاظ بعبارة القرينة على المسؤولية بمعنى أنه يمكن مساءلة الحارس على الشيء ولو لم يرتكب خطأ، وذلك، في جميع الحالات، عندما يكون مصدر الضرر مرتبطاً بوجود هذا الشيء... ولكن يبقى أن ثمة إمكاناً لإثبات أن مصدر الضرر هو مستقل عن الشيء وقد يكون متأنياً عن حدث خارجي لا يمكن ربطه بوجود هذا الشيء. وفي هذه الحالة، يصبح الإعتقاد بوجهة نظر الإجتهاد من الوجهة الوضعية أكثر من الوجهة النظرية، حتى لو أن ثمة إتجاهاً للقول بوجود قرينة على توفر الخطأ، ولكن هذه القرينة تعتبر غير قابلة لإثبات عكسها، وهذا يعني أن القرينة على هذا النحو تعتبر مرادفاً لفكرة المسؤولية المفترضة. في الواقع بقدر ما يكون إثبات عكس القرينة صعباً، بقدر ما يظهر مبدأ المسؤولية الوضعية.
وتجدر الإشارة إلى أن الإجتهاد بالنسبة للمسؤولية عن فعل الأشياء قد أوجد مرتبة كبرى لفكرة المخاطرة "L'idée de risque"، مما يحمل على الإعتقاد أن موجب إصلاح الضرر يمسي عندئذ، على عاتق حارس الشيء وليس على عاتق المالك، مع العلم أن هذا الأخير يجني ربحاً من هذا الشيء، بالرغم من تسليمه لحراسة الغير.
وفي ضوء هذا الحل، يتبين أن المسؤولية عن فعل الأشياء لا يمكن إعتبارها مجرد تطبيق لنظرية المخاطر، وأن فكرة الخطأ، تتأثر بها في هذا المجال، قرارات المحاكم..
وبذلك يتضح أن ثمة أساساً مزدوجاً للمسؤولية، منه أساس مبني على الخطأ وضمن إطار المسؤولية الشخصية، ومنه الأساس القائم على مفهوم المسؤولية المشتقة والتي تقترب كثيراً من فكرة المسؤولية المبنية على أساس نظرية المخاطر، ولكن دون أن تتحد بها.
وضمن إطار هذا الوضع من طبيعة الأشياء، ينبغي تحديد المسؤولية الخاصة الناجمة عن مضار الجوار، وهي مسؤولية شخصية، ولكن من جهة تقنية هذا النوع من المسؤولية، فإنها لا تخضع لإثبات الخطأ مباشرة، وبذلك يتركز البحث هنا، بادئ ذي بدء، على أن اختيارنا لهذا الموضوع - المسؤولية عن مضار الجوار، ينبني على مقدار أهمية وأثر المسؤولية عن مضار الجوار، هذا الموضوع الذي على الرغم من كثرة الأبحاث والدراسات والمقالات القانونية والفقهية والقضائية، التي تناولته من جميع جوانبه وخلفياته وأبعاده؛ إلا أن هذا الموضوع لم يستوف حقه، ويبدو أنه بطبيعته قابل للتحول وخاضع لعوامل ومؤثرات عدة من التطور الإنساني والإجتماعي والعمراني والصحي والإقتصادي، على أن نخصص القسم الأول لبحث الطبيعة القانونية للمسؤولية عن مضار الجوار. والقسم الثاني مخصص لبحث التعويض عن مضار الجوار.

إقرأ المزيد
17.00$
20.00$
%15
الكمية:
المسؤولية عن مضار الجوار

  • الزبائن الذين اشتروا هذا البند اشتروا أيضاً
  • الزبائن الذين شاهدوا هذا البند شاهدوا أيضاً

معلومات إضافية عن الكتاب

لغة: عربي
طبعة: 1
حجم: 24×17
عدد الصفحات: 497
مجلدات: 1

أبرز التعليقات
أكتب تعليقاتك وشارك أراءك مع الأخرين