النظرية العامة للقضاء الجنائي
تاريخ النشر: 01/01/1992
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة المؤلف:القصد الجنائي ظاهرة نفسية، ولهذه الظاهرة عناصرها ومقوماتها ودراسة هذه العناصر هي موضوع البحث في النظرية العامة للقصد الجنائي. وأهمية هذه الدراسة كبيرة، فهي تحليل لفكرة القصد الجنائي وتحديد لطبيعتها، وهي على هذا النحو أساس لكل الأحكام التي تخضع لها نظرية القصد الجنائي. ومن ناحية أخرى، فهذه الدراسة تحدد المعيار ...واضحة، فهو الذي يحسم المشاكل التي تثيرها في العمل فكرة القصد الجنائي، وهو الذي يرسم الحد الفاصل بين نطاق القصد الجنائي ونطاق الخطأ غير العمدي، ويفصل في المشاكل التي تثيرها نظرية القصد الاحتمالي ويحدد منزلة هذا النوع من القصد بين العمد وغير العمد.
والقصد الجنائي فكرة جوهرها الإرادة التي اتجهت إلى مخالفة القانون، وقد كان تحديد اتجاه الإرادة وتعيين الوقائع التي يتعين انصرافها عليها محلاً لآراء عديدة ومناقشات فقهية كثيرة. وإرادة مخالفة القانون تتطلب علماً بخطورة الفعل وبما يترتب عليه من آراء، وبغير هذا العلم لا يتصور أن نتجه الإرادة إلى الخروج على القانون، والعلم الذي تتطلبه فكرة القصد الجنائي هو العلم الفعلي، وتأبى طبيعة القصد الجنائي أن يفترض العلم كما تأبى أن يحل إمكان العلم محل العلم الفعلي. غير أن فكرة القصد الجنائي لا تكتفي بالعلم بالفعل وآثاره كوقائع مادية، بل تتطلب العلم بأن هذه الآثار ذات دلالة قانونية معينة لأن إرادة مخالفة القانون لا تتوافر إلا لدى من علم أن آثار فعله تتضمن إخلالاً بأحكام القانون، و من ثم كان للعلم بالقانون دوره في تحديد أحكام القصد الجنائي، ولكن تطلب هذا النوع من العلم أثار جدلاً في الفقه كبيراً وجعل التحديد الصحيح لفكرة القصد الجنائي محاطاً بأشد الصعاب.
ويتضح من التمهيد السابق أن فكرة القصد الجنائي تتطلب علماً وإرادة، فلكل منهما دوره في بناء هذه الفكرة، ولكل منهما الأحكام التي يخضع لها والتي تحدد أهميته. ولكن هل يتساوى العلم والإرادة في الأهمية القانونية، وهل يرقى بهما دورهما إلى الحد الذي يعد به كل منهما عنصراً حقيقياً في القصد الجنائي، إن تحديد أهمية كل من العلم والإرادة بالنسبة للآخر والقول بما إذا كانا يتساويان في الأهمية أم أن أحدهما يرجح على الآخر أهمية هو موضوع الخلاف في الآراء شديد ولمناقشات فقهية خصيبة تناولت صميم فكرة القصد الجنائي وتعمقت في البحث حتى مست أصولها الأولى.
ونحن لا نستطيع أن نحدد الدور الحقيقي للعلم والإرادة ولا نستطيع تبعاً لذلك أن نحدد عناصر القصد الجنائي التحديد الدقيق إلا إذا استعرضنا هذا الخلاف الفقهي ثم استخلصنا الرأي الصحيح في الموضوع. وعلى هذا النحو، فإن دراسة هذا الخلاف أساس لا غنى عنه كي يكون البحث في عناصر القصد الجنائي مستنداً إلى أفكار واضحة محددة. ولذلك نرى أن تفتتح الدراسة ببحث الخلاف الفقهي حول تحديد عناصر القصد الجنائي، ثم نتناول بالبحث "العلم" بعد أن نكون قد حددنا أهميته القانونية، فنفصل الأحكام التي يخضع لها، ونتناول بعد ذلك بالدراسة "الإرادة" فنحدد اتجاها ونبين القواعد التي تحكمها.
ويضم هذا المؤلف بذلك أبواباً ثلاثة: الباب الأول يتناول بالدراسة الخلاف الفقهي حول تحديد عناصر القصد الجنائي، والباب الثاني موضوعه العلم ويدور البحث في الباب الثالث حول الإرادة. إقرأ المزيد