كنائس ومساجد الهوية الوطنية للدولة
(0)    
المرتبة: 333,796
تاريخ النشر: 15/11/2022
الناشر: مؤسسة شمس للنشر والإعلام
نبذة الناشر:يبالغ العالم الإسلامي مبالغة كبيرة في فهم موقف الغرب العلماني من الإسلام، تتجاوز كثيرًا إلى حد إعادة إنتاج مفردات عصر الحروب الدينية، وإهدار طاقة العرب والمسلمين في استعداء العالم عليهم، فيما تستغل بعض النخب الدينية في العالم العربي هذا الوعي العاطفي استغلالاً يبلغ حد الحض على ارتكاب الجرائم باسم الإسلام.
والحقيقة ...التي لازالت غائبة عن الوعي العام، أن ثمة فارقًا كبيرًا بين منزلة الإسلام في ضمير الشرق الذي يدين به، وبين منزلة المسيحية في الوعي الجمعي الغربي.... فالإسلام في الشرق عقيدة، بينما المسيحية في الغرب هوية... الشرق المسلم لن يتنازل عن إسلامه لأنه دين، والغرب المسيحي لن يتخلى عن مسيحيته، صحيح أنها فقدت قداستها كدين، إلا أنها تحولت إلى هوية لا يمكن المساس بها لأنها مناط التميز الثقافي والحضاري عن الآخرين.
هذا الافتراض يحيلنا إلى السؤال الذي ما انفكَّ يُستخدم في تعزيز مشاعر الكراهية للغرب في العالم الإسلامي: لماذا تتشدد العواصم الغربية إزاء تنامي انتشار الإسلام الرمزي مثل: الحجاب والمساجد ؟!
الإجابة الكسولة والمتسرعة، ستقول على الفور إنه التعصب الديني المسيحي!.. فيما تظل أوروبا تمثِّل مركز الثقل العلماني في العالم، والتي من المفترض أن تكون فيها الدولة محايدة إزاء الأديان.
والحال أن الغرب ليس قلقًا على المسيحية من الإسلام، وإنما هو يكابد آلام قلق ثقافي من التمدد الإسلامي الرمزي، فالغرب تخلَّى عن المسيحية الدينية ولكنه شديد التمسك بالمسيحية الحضارية كهوية، أمام عالم جديد يتحول من الصدام العسكري إلى صدام الحضارات أو صدام الهويات.
الغرب يخشى من انتشار المساجد في مُدنه، خوفًا على هويته المعمارية التي تُستقى من الموروث الثقافي والحضاري المسيحي واليهودي. ويخشى من انتشار الحجاب وتفوقه على التبرج، ليس كراهيةً للعفة ودفاعًا عن الانحلال، ولكن يخشى تحول المجتمع من النصرنة إلى الأسلمة، فيفقد بالتدرج هويته الحضارية. إقرأ المزيد