قضية الصحراء ومفهوم الحكم الذاتي ؛ وجهة نظر مغربية
تاريخ النشر: 11/08/2008
الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
نبذة نيل وفرات:تعد مشكلة الصحراء إحدى أعقد مشكلات حق تقرير المصير، التي نالت قدراً من الاهتمام والجهد الدولي لحلها لا يتناسب وما أحرز من تقدم في هذا السبيل. وربما يعود هذا في الأساس في طبيعة التعقيدات المرتبطة بها، والتي جعلت جهود الأمم المتحدة والجهود الدبلوماسية الأخرى لا تثمر حلاً نهائياً لهذه ...المشكلة التي تجاوز عمرها الثلاثين عاماً.
وبالنسبة للمغرب، تشكل قضية الصحراء القضية الأكثر أهمية في السياسة الخارجية المغربية، وتستأثر باهتمام النخب والقوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني، وتستثير عاطفة عموم الشعب المغربي الذي يعدها قضية استكمال لوحدته الترابية.
ونظراً لأن المجتمع الدولي لم يتمكن من تطبيق المقترحات الأممية لحل نزاع الصحراء، وتشبث الأطراف الرئيسية بمواقفها، ما أوصل القضية إلى طريق مسدود في السنوات الأخيرة، وبهدف التوصل إلى حل سياسي للقضية، طرح المغرب "مبادرة للتفاوض بشأن الحكم الذاتي لجهة الصحراء"، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية الوطنية، وسعى أن يقنع مختلف الأطراف المعنية بهذه المبادرة، وقدم نص المبادرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 11 نيسان/إبريل 2007.
وتحاول هذه الدراسة مناقشة الحل السياسي لقضية الصحراء المتمثل في الحكم الذاتي، لعدة أسباب نوجزها فيما يلي: إدراك المجتمع الدولي أن أطروحة الاستفتاء مستحيلة التنفيذ، وأن الحل السياسي المستند إلى التفاوض بين الأطراف المعنية هو السبيل الوحيد لتسوية النزاع.
إن الحكم الذاتي يشكل إمكانية واقعية جاجة لتفويض الاختصاصات لسكان المنطقة في الإطار الضروري للسيادة والوحدة الترابية للمغرب.
إن من شأن هذا الحل تجنيب تحول المنطقة إلى فضاء للتوتر وتأهيلها ليس فقط لتحقيق اندماج الاتحاد المغاربي، بل تمكين هذا الاتحاد أيضاً من النهوض بدوره على الةجه الأكنل في محيطه المتوسطي، وعلاقاته بدول الساحل الأفريقي، لتحصين منطقة الشمال الأفريقي برمتها من مخاطر البلقنة.
إن هذا الحل بمنزلة إنقاذ للأطراف التي خندقت نفسها في نفق الأطروحة الانفصالية، فهذا الحل يصون الحقوق الثابتة، ويحفظ الخصوصيات الثقافية واللغوية لسكان الصحراء، ويفتح آفاقاً رحبة للبناء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، والتساكن المبني على التضامن الوطني.
إن خيار الحكم الذاتي يقوم على قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" فكلا الطرفين يربح.
توافق الحكم الذاتي مع التصور المغربي للجهوية التي أقرها النظام المغربي منذ بداية السبعينيات، ورسخ قواعدها في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، وأعاد تأكيدها في بداية القرن الحادي والعشرين.
وتسعى الدراسة لتحليل مفهوم الحكم الذاتي تحليلاً عميقاً، سواء في مجال القانون الدولي أو الداخلي، وإبراز أهمية الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء، وتوضيح مواقف الأطراف منه، سواء المعنية مباشرة به أو المواقف الدولية الأخرى.
وقد ارتأى تقسيم هذه الدراسة إلى أربعة مباحث: الأول مدخل يستعرض الجذور التاريخية للنزاع على الصحراء، بينما يدرس المبحث الثاني الأصول النظرية لمفهوم الحكم الذاتي، أما المبحث الثالث فيتناول الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء، ويستعرض المبحث الرابع مواقف الأطراف المختلفة إزاء خيار الحكم الذاتي. إقرأ المزيد