تاريخ النشر: 01/01/2012
الناشر: خاص- طاهر تونسي
نبذة نيل وفرات:الحارة إسم مألوف جداً لدرجة أنه يستغني كثيراً عن التعريف .. فالحارة وحدة إجتماعية تشكل أساس ذلك النسيج المترابط في المجتمع . وقد كانت لهذه الكلمة - الحارة ، في الماضي القريب مكانة خاصة في النفوس نظراً لحميمية العلاقة بين الناس في ذلك الكيان العجيب . وقد عاش صاحب ...هذه المذكرات عهد الحارة ، وباستطاعته وصف العلاقة بين أفرادها بأنها نفس العلاقة التي تربط أفراد الأسرة الواحدة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان رائعة وصور خلاّبة وذكريات حلوة . فالحارة المكية التي عاش فيها الكاتب ، وكما يذكر ، شكّلت أجمل أيام الماضي بالنسبة له ، مشيراً بأن أحداً لم يلتفته إلى تدوين ملامح الحياة فيها ، وإن كان يلمح بعض الورود الجميلة في وصف الحارة المكية من خلال مجموعة أحمد السباعي القصصية " خالتي كدرجان " مروراً بروائعه " أبو زامل " و " فكرة " كما وجد إشارات لا بأس بها في قصص حامد دمنهوري وخاصة " ومرت الأيام " ، ولقمان يونس في قصصه القصيرة . يرخي الكاتب شغف القارىء من غير أبناء مكة لمعرفة أسماء هذه الحارات المكية ، فيورد أسماء بعضها ، من مثل : حارة الشبكة وحارة القرارة ، وحارة أجياد ، وحارة جرول وغيرها .... وكل حارة تحتفي بذكر أعلامها ، وفي مقدمة هؤلاء الأعلام تأتي طبقة العلماء ، فكانت كل حارة تذكر بتوقير العالم الجليل الذي يملك أسماع الناس وأبصارهم بعد صلاة المغرب في المسجد الحرام ، فكان أستاذه السيد محمد أمين كتبي يسكن بحارة أجياد ، كما يسكن محمد نور سيف حارة الباب ، مشيراً إلى أنه حق لحارة القيبية أن تفخر بموقع منزل الشيخ الجليل محمد العربي الثاني . ومما يورده صاحب هذه المذكرات بعض العادات السائدة في تلك الحارات ، فيقول بأن كل حارة تذكر بصناديدها الذين يحمون المارة ممن يعتدي عليها من جيرانها ، والذين تزدهي بهم ساحة المزمار أثناء لعبته المكاشفة الشهيرة . آنذاك ، كما يذكر أن لكل حارة كان هناك عقدة كل مشكلاتها ونقيب يساعده في أداء عمله ، وخاصة في إيصال رسائله الشفهية لأبناء الحارة ، مضيفاً أن أزهى أيام الحارة تلك التي كانت تشهد قيام حفلات الزواج ، حيث تظهر روح الحارة المكية ، حيث يوجد ما يسمى بأهل المواجب ، ففلان يتبرع بداره لإقامة الزواج ، والعم فلان يرسل الأثاث ، وأسرة فلان وفلان تذهب لمساعدة أهل الزواج في الكنس والترتيب والتنظيم .. هذه كلمات أوحت بها الحارة لصاحب هذه المذكرات .. ليسترسل مع ذكرياته في استرجاع ماضي هذه الحارة المكية ... حارته التي دائماً في وحداته .. حارته الأولى التي شهدت ولادته ونشأته ، والتي بقي لها في قلبه هذا الحب الكبير يسطر في هذا الكتاب أخبارها .. أخبار أهلها .. وذكرياته بين جنباتها . وتجدر الإشارة إلى أن الكاتب وبعد أن نال الشهادة الثانوية ترك حارته ليتوجه إلى عاصمة نجد الرياض ، وعاد بعدها بعيداً في جامعة الملك عبد العزيز ، ومع امتداد حركة العمران بدأت مسمى الحارة في الإختفاء ، فالمساكن الجديدية بنيت فيها مسمى الحي وليس الحارة ، وفي مرحلة لاحقة أصبح الكاتب أستاذاً بجامعة الملك عبد العزيز ، كما تم تعيينه في محلة الحج والعمرة ليكتب بانتظام مقالة احتلت الصفحة الأخيرة من هذه المجلة . ونظراً للطلبات المتكررة لمن أعجبوا بهذه المقالات التي خصصها للكتابة عن ذكريات الحارة المكية ، عمد إلى جمعها في هذا الكتاب الذي اختار له عنواناً " من الحارة مع التحية " ، على أمل أن يكون هنا كتب أخرى ، يجمع فيها ما تبقى من إنتاجه ، وما تناثر في المجلات والصحف ، في هذا الموضوع . إقرأ المزيد