تاريخ النشر: 01/01/2010
الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات
نبذة نيل وفرات:يعد تاريخ اليعقوبي من أهم المصادر التاريخية الإسلامية، فقد تناول المؤرخ فيه فترة مهمة جداً من تاريخ الأمة العربية الإسلامية الحافلة بمآثر والبطولات الخالدة، ومما يزيد في أهمية الكتاب معاصرة المؤرخ للأحداث التي أرخ لها، فقد عاش اليعقوبي في القرن الثالث الهجري وفي ظل الأحداث وقريباً منها. وكان أسلوبه ...من سرد الأحداث وفي توثيقها واقعياً وموضوعياً وفي ربط زمان الحادث بمكان وقوعه.
في تأريخه لما قبل الإسلام (الجزء الأول) اتخذ اليعقوبي الموضوعات أساساً في تنظيم موضوعات تاريخه، لكنه اتبع ترتيب هذه الموضوعات ترتيباً زمنياً، أي على أساس التعاقب الزمني للشخصيات كالأنبياء والملوك وغيرهم، ثم يتلو ذلك الكلام عن عيسى بن مريم والأناجيل الأربعة، ثم يتناول تاريخ الأمم القديمة كملوك الرومان وملوك الموصل ونينوى وملوك بابل، وملوك الهند، ثم يتناول اليونانيين وإنجازاتهم العلمية، ويتناول بعد ذلك ملوك اليونانيين وملوك الرومان والوثنية، ثم ملوك الرومان المنتصرة. ثم ملوك الفرس، ثم ممالك الجربى ثم ملوك الصين.
ثم نراه يتناول الممالك التي قامت في أفريقيا كمملكة مصر في شمال شرق إفريقيا وممالك البربر والأفارقة في الشمال والشمال الغربي من أفريقيا، ثم تناول ممالك الحبشة والسودان. وهنا نلاحظ اليعقوبي قد ابتع تنظيماً إقليمياً فريداً. حيث ابتدأ من شمال شرق أفريقيا مبتدئاً بمصر ثم غرب مصر وشمال أفريقيا، ثم نراه يعود ليأخذ الممالك التي في جنوب مصر كممالك الحبشة والسودان ثم مملكة البجة.
إن اليعقوبي بإتباعه هذا التنظيم يعود إلى طبيعته الجغرافية إذ إن اليعقوبي لم يكن مؤرخاً فحسب بل كان جغرافياً أيضاً.
وبعد أن انتهى اليعقوبي من تاريخ الأمم القديمة نراه يدخل في تاريخ العرب القديم مبتدئاً بتاريخ اليمن القديم متناولاً ملوكها، ثم ملوك الشام ثم ملوك الحيرة في العراق، وبعد ذلك يتطرق إلى حرب كندة ثم يستعرض أولاد إسماعيل بن إبراهيم، وبعد ذلك يدخل في أديان العرب القديمة، ثم يتناول موضوعات أخرى متفرقة كحكام العرب وأزلام العرب، وأخيراً شعراء العرب.
من خلال خذا الاستعراض نلاحظ أولاً أن اليعقوبي قد اتبع في كتابه لتاريخه التسلسل التاريخي للفترات، وبتناوله لهذه الموضوعات كان قد طبق فكرته عن التاريخ العالمي بصورة شاملة. وثانياً نراه قد كتب تاريخه بموجب خطة وضعها لنفسه مقدماً وسار عليها. فالتاريخ القديم إذاً كتبه كمقدمة وكتمهيد للتاريخ الإسلامي، لذلك كانت موضوعاته متسلسلة متناسقة الترتيب ومتوازنة متساوية في الاهتمام لم يفرق بين موضوع وآخر عكس الدينوري في كتابه الأخبار الطوال.
وفي تأريخه للحقبة الإسلامية نراه انتهج المنهج السابق نفسه وهو الذي يقوم على أساس الموضوعات في فترة الرسالة ثم يشق طريقاً جديداً في كتابته حين يتناول تاريخ الخلفاء إذ يتناولهم خليفة خليفة إلى أن ينتهي إلى آخر خليفة كان يعاصره.
وقد بدأ تاريخه بمقدمة وضح فيها الأهداف من وراء إنجاز هذا الكتاب والأسباب التي دفعته إلى كتابته، ثم ذكر فيها طريقته في الحصول على الروايات والأخبار، كما حدد فيها مصادره التي استقى منها تلك الروايات والأخبار.
إن اليعقوبي بعمله هذا يكون قد قام بعمل مشابه لما يقوم به المؤلفون المعاصرون حيث لا يخلو أي كتاب من كتبهم من مقدمة. ثم بعد ذلك يتناول موضوعات كتابه مبتدئاً بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: مولده وحياته حتى وفاته.
وقد تناول خلال ذلك حوادث تاريخية عاصرها الرسول صلى الله عليه وسلم كحرب الفجار وحلف الفضول، وبناء الكعبة، وتزويجه لخديجة بنت خويلد. بعد ذلك تناول فترة الرسالة إلى تاريخ هجرته إلى المدينة وتطرق خلالها إلى موضوعات عدة كالمبعث ثم الإسراء والنذارة والهجرة إلى الحبشة ثم حصار قريش للرسول وخبر الصحيفة، ثم وفاة القاسم ابن الرسول، ثم ما نزل من القرآن بمكة، ثم وفاة خديجة زوجته، وأبي طالب عمه، وخروج الرسول إلى الطائف ثم قدوم الأنصار إلى مكة، ثم خروجه من مكة قاصداً المدينة.
ثم تناول اليعقوبي حياة الرسول في المدينة وتضمنت عدة موضوعات كقدوم الرسول إلى المدينة وافتراض الصوم والصلاة، وما نزل من القرآن من آيات. ثم تناول غزواته كغزوة بدر الكبرى وغزوة أحد. وتطرق إلى الوقعات الحربية الأخرى كوقعة بني النضير ووقعة الخندق ووقعة بني المصطلق وغزوة الحديبية ووقعة خبير، ثم فتح مكة ووقعة حنين ثم غزاة مؤتة ثم ذكر غزوات الحديبية ووقعة خيبر، ثم فتح مكة ووقعة حنين ثم غزاة مؤتة ثم ذكر غزوات الرسول التي لم يكن فيها قتال وذكر الأمراء على السرايا والجيوش.
ثم نراه يذكر موضوعات أخرى متفرقة كوفود العرب الذين قدموا على رسول الله، ثم خطب الرسول ومواعظه وحجة الوداع ثم الوفاة، وأتبع ذلك ببعض الموضوعات الخاصة بالرسول كصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشبهين به ثم نسبه صلى الله عليه وسلم وأمهاته إلى إبراهيم والعواتك والفواطم اللاتي ولدنه.
والملاحظ في هذا التنظيم أنه اتبع فيه الترتيب الزمني ما أمكنه ذلك.
أما الموضوعات التي لا يمكنه ترتيبها كأسماء زوجات النبي، أو الفرائض الإسلامية فنراه قد وضعها بعد كلامه عن تاريخ النبوة وقبل كلامه عن حجة الوداع ووفاة الرسول. أي أنه وضعها وضعاً لا يتنافى مع سياق الموضوعات ونستطيع أن نقول إنه رتبها ترتيباً منطقياً.
أما بقية الكتاب فقد سار فيه على أساس العهود، أي عهد كل خليفة إلا أنه مع ذلك راعى خطة تسلسل الحوادث على السنين.
فاليعقوبي إذاً اتخذ عهد كل خليفة منذ توليته حتى نهاية عهده منهجاً رئيسياً في إكمال بقية كتابه، فابتدأ تطبيق هذا المنهج من بداية العهد الراشدي حتى العصر العباسي.
فابتدأ العصر الراشدي بخبر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر، وذكر فيها كل التطورات التي رافقت ذلك الاجتماع، ثم بعد ذلك يتناول عهد أبي بكر، وقد ابتدأ الكلام عند بذكر تاريخ بيعته، وعادة اليعقوبي أن يذكر الطوالع، إلا أنه هنا لم يذكرها نظراً لأن توليته الخلافة كانت في اليوم نفسه الذي مات فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حدّدت الطوالع في وفاة الرسول، لذلك لم يكررها لأنها معروفة. ثم كلمة موجزة عن حياته ثم يستعرض الحوادث التي استجدت في خلافته، ويختم كلامه عن أبي بكر وتاريخ وفاته وذكر قائمة بأسماء عماله وأسماء من كان يعتمد عليهم من الفقهاء. وقد اتبع الخطة نفسها مع عمر. إلا أنه زاد عما ذكره عن أبي بكر بذكر صفاته.
أما بقية الخلفاء حتى نهاية كتابه فقد ذكرهم بالأسلوب نفسه الذي طبقه مع عمر، أي ذكر تاريخ التولية والطوالع التي كانت عند توليه، ثم يختمها بصفات الخليفة وبقائمة بأسماء ولاته وموظفيه كالفقهاء وأمراء الحج والحملات الحربية وأمرائها. إقرأ المزيد