كلام الله - الجانب الشفاهي من الظاهرة القرآنية
(0)    
المرتبة: 28,270
تاريخ النشر: 01/07/2002
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:والقرآن كلام الله، فهو وحي يتجدد في كل تلاوة، والتلاوة متابعة بالقرآن، فهي إحياء لصوت الوحي، وتكرار لكلام الله، ومن هنا كانت الحجة بالقرآن الكريم قائمة على كل زمان ومكان؛ لأنه كلام رب العالمين، وفيه القوة والفعل، كما لو كان يقرأ لأول مرة. فإذا استحضر صاحب القرآن علو شأنه، ...بكون صدره مصحفاً، انكفأت نفسه عن الرذائل، وأقبلت على العمل الصالح الهائل، وأكبر معين على ذلك حسن ترتيله وتلاوته.
سيكون القرآن ضمن هذا التصور، مرسلاً، باثاً للقرآن، ومن ثم توجّب عليه، لكي يكون باثاً حقيقياً مؤثراً، أن يرتّل، وكمال ترتيله تفخيم ألفاظه والإبانة عن حروفه، والإفصاح لجميعه، بالتدبر حتى يصل بكل شيء ما بعده، وأن يسكت بين النفَس والنفَس، أي أن هناك شروطاً، يجب الالتزام بها عند التلاوة (إحياء الوحي). أما المستمع (المرسَل إليه) فيجب علي استماع القرآن، والتفهم لمعانيه، فيُكره الانشغال عن القراءة، أثناء التلاوة، ليتم التأثير المطلوب. فإذا سمع (يا أيها الذين آمنوا) قال: لبيك وسعديك، وهذا منتهى التأثر بالقرآن، أي الاستجابة للقوة الموجودة فيه. صورة المرسل والمرسل إليه الآنفة الذكر، يمكن أن تتطور إلى صورة أخرى، يكون فيها الله نفسه متكلماً بالقرآن، وعندما تقدم عملية الاتصال "أوصاف المتكلم في كلامه، ومعرفة معاني خطابه، فينظر إليه من كلامه وتكلمه بخطابه لأن الكلام ينبئ بمعاني الأوصاف، ويدل على الموصوف، فقد قيل: لقد تجلى الله لخلقه بكلامه، ولكن لا يبصرون".
كما تقدم يتبين كيفية تكلم الله "من يشهد بقلبه كأنه-تعالى-يخاطبه، ويناجيه بألطافه"، وأخيراً تقدم رؤية الله ومناجاته بالذات "إنه يناجي ربه سبحانه.." وذلك "لأن الترتيل في القرآن والتدبر لمعاني الكلام.. سبب للاطلاع على المطلع من السر المكنون المستودع" إن الحرص على التلاوة، وهي إحياء الوحي، يجعل القرآن مسموعاً دائماً، مؤثراً دائماً، فيبقى صوت الوحي متصلاً في الزمان، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "تعاهدوا القرآن-أي جددوا عهداً بملازمة تلاوته لئلا تنسوه-فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقالها".
ضمن هذه المقاربة يأتي البحث في كلام الله؛ في الجانب الشفاهي من الظاهرة القرآنية في هذا الكتاب والباحث ينطلق في بحثه هذا من حقيقة علمية مفادها بأن الكلام الشفاهي آليات يُعمل من خلالها، أوضحها حضور المتكلم وحضور السامع معاً، وهو (= الكلام الشفاهي) يتشكل، من خلال قابلية الصوت والنطق والأداء على التأثير المباشر في السامع، كما أن للكلمة المنطوقة قوة خاصة، ليست للكلمة المكتوبة، تتجلى في استحواذها على إحساس السامع وإثارتها دلالات خاصة، ليست الدلالات المعهودة في مدلولاتها، بل من قوة الصوت، وهو يعبّر ويرمز ويشير، كما أن الكلمة المنطوقة، لها حضور وحياة، وسط كل العوالم الرائعة التي تتيحها الكتابة، وذلك لأن كل النصوص المكتوبة مضطرة إلى الارتباط بعالم الصوت، الموطن الطبيعي للغة. في توظيف هذه الأفكار، وقد حاول الباحث مقاربة الجانب الشفاهي من الظاهرة القرآنية، حيث كانت الشفاهية سمة الثقافة التي ظهر فيها القرآن، فشكل فنها مستويات ثقافية اجتماعية ما زالت، إلى الزمن الحاضر، حاضنة لأفكار وتوجهات فاعلة مؤثرة، في آليات التفكير، وفي منتجاته.نبذة الناشر:لقد جعل "الكلام" الناسَ يتخلّون عن معتقداتهم وتصوراتهم، ويبدِّلون بها معتقدات وتصوُّرات أخرى. فكيفَ تسنّى للكلام، وهو صوت سرعان ما يتلاشى في الهواء، أن يؤثِّر في عقيدة الناس، فيستحوذ عليها ويُنتجها بالشكل الذي يريد؟ وما هي المرتكزات الثقافية التي استند إليها الكلام، ليكون مقبولاً يسمعه أهل الأرض، وهم يتخيَّلون أنه نازل من السماء؟ وما علاقة الكلمة المنطوقة بفكر الأميين؟ أيكون لها وقع تأثير أشدّ ما للكلمة المكتوبة في فكر الكتابيين الذين أخذوا معارفهم بالقراءة؟
هذه الأسئلة وغيرها، تنطرح أمام الباحث، وهو يركّز تفكيره في كون القرآن، في الأصل، كلاماً سمعه النبي محمد وحياً، وتكلم به، فأبلغه إلى السامعين، على أنه كلام الله نفسه. إقرأ المزيد