الأدب بإفريقية في العهد الفاطمي
(0)    
المرتبة: 187,444
تاريخ النشر: 01/01/1986
الناشر: دار الغرب الإسلامي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:متى تعرب المغرب الإسلامي؟ متى استوعب أهله الثقافة العربية وتغلغلت العروبة في قلوبهم حتى صاروا ينشئون الخطب والرسائل، وينظمون القصائد، ويقيمون المناظرات، في لغة عربية فصيحة، مستثمرين المخزون الثقافي العربي، لا فرق بينهم وبين أمثالهم من أبناء الحجاز والعراق والشام؟ ويقول المؤلف بأنه لا يتسنى الجواب عن هذا السؤال ...إلا بعد جمع الآثار المكتوبة التي أنشأها أهل المغرب منذ الفتح الإسلامي، وتبويبها ثم نشرها وتوزيعها على الفترات التاريخية التي تعاقبت بهذا الجانب الغربي من دار الإسلام، وهو وأن وقف على بعض هذه الآثار أو جلّها ابتداء من العصر الصنهاجي، أي من القرن الخامس الهجري، بفضل ما نشر من مصنفات أعلام معروفين ودواوين شعراء مشهورين أمثال ابن رشيق وابن شرف والنهشلي والحصري، وبفضل ما خصص لهم من دراسات، فإنه ليس معروف من العصور السابقة إلا ديوان محمد بن هانئ المغربي الأندلسي وبعض المصنفات الفقهية السنية، وجملة من التراجم المثبوتة في كتب الطبقات ورسائل المناقب، وهذه المصنفات على أهميتها لا تنتسب إلى الأدب بالمعنى المتعارف.
وبعد رجوعه إلى هذه المراجع جميعها رأى بأن هذا التعرب، أي امتلاك اللغة العربية، واستيعاب آدابها وعلومها من لسانية وقرآنية وحكميّة وتاريخية، وحفظ أيام العرب وأمجادهم ومفاخرهم، كما يتجلى من القصيدة الفزارية، هذا التعرب قد سبق القرن الخامس وتمّ، أو على الأقل، أعطى بواكيره منذ أواخر القرن الثالث. بله القرن الرابع. وقد اعتمد المؤلف في دراسته هذه للأدب بأفريقية على ديوان ابن هانئ وهو يزعم بأن طور الاختزان قد تم منذ بداية العهد الفاطمي فصار سكان الغرب الإسلامي إلى العطاء والإنتاج. بالإضافة إلى ديوان ابن هانئ اعتمد المؤلف أيضاً على جملة من القصائد والمقطوعات كان قد نشرها في عددين من مجلة "حوليات الجامعة التونسية" وهي لطائفة من الشعراء من مجهولين ومعروفين، ممن عاصروا الخلفاء الفاطميين الأربعة الأول، فاستخرج أشعارهم من مصادر سنية وشيعية، فضمنها دراسته هذه معرفاً بأصحابها وبأغراضها، متخذاً منها حجة إلى جابن ديوان ابن هانئ للتدليل على أن أبناء أفريقية والمغرب قد فرغوا آنذاك من طور الأخذ وشرعوا في العطاء.
ولم يكتف المؤلف بهذه الاستدلالات بل هو عمد إلى كتاب إدريس عماد الدين "عيون الأخبار" وإلى مخطوط "المقفى" للمقديزي مستخرجاً منها ومن القسم المتعلق بالخلافة الفاطمية بالتجريد مجموعة من الخطب البليغة منسوبة إلى الخلفاء أنفسهم، لا سيما المتصور، وطائفة من القصائد والمقطوعات الشعرية لهم أيضاً أو لمن كان يعيش في رحابهم، مع البعض من رسائل الخلفاء ونماذج من المناظرات الكلامية المذهبية بين الشيعة والسنة بالقروان، مضيفاً ذلك كله إلى ما كان قد حصل عليه قبلاً لتتشكل في النهاية هذه الدراسة أو ما سماها المدوّنة العبيدية الأولية للأدب الأفريقي المتصل بالأئمة الفاطميين سلباً أو إيجاباً، أي مدحاً لهم أو ذماً، ومناصرة لخلتهم أو معارضته. والأعلام الذين تم جمعهم في هذه المدونة العبيدية، واستعمل المؤلف كلمة عبيدية كتابة وأشعاراً بأن فيها من ناهض الفاطميين وقاوم مذهبهم، هؤلاء الأعلام يتفاوتون في القيمة والبروز فمنهم الشعراء الكبار كابن هانئ، ومنهم من تشهد له النماذج القليلة التي وصلت من شعره بالتفوق وأحكام الصنعة كالإبادي وسهل الورّاق والفزاري والسمرقندي وخصوصاً المقداد بن الحسن. وقد تم ترتيبهم بحسب الفترات الخلافية، وجعل كل واحد من الخلفاء الأربعة محوراً لقسم من الكتاب، وحوله الأعلام الذين عاصروه واتصلوا به أو برجال دولته، وتصدير كل قسم بالإنتاج المنسوب إلى هذه الخليفة. أما منهج المؤلف في التخريج والتحقيق، فقد تمثل في محاولته التعريف بهؤلاء الأعلام بالقدر الذي تدعو إليه الحاجة أو تسمح به ضآلة المعلومات، والتعريف بظروف القصيدة أو الخطبة إذ ذكرت لها ظروف، ثم نقل النص محققاً بقدر المستطاع، مع التنبيه على المواطن التي لم يتم التوصل إلى فهمها، ومحاولة التخريج والتأويل، ومن ثم ذكر المظان التي تم استخراج النص منها، مع تعليق في الآخر للمؤلف بما سمح به له فهمه للنص ووقوفه على مقاصده. إقرأ المزيد