تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: منشورات الجمل
نبذة نيل وفرات:أنجبت أوروبا، وألمانيا بدرجة خاصة الكثيرين المصلحين المتنورين والفلاسفة والفنانين والأدباء الذين لا تخلو إبداعاتهم من الهموم والطموحات الإنسانية الراقية والشعور بالانتماء إلى عالم إنساني مشترك، ومن هؤلاء الأدباء برز الروائي "بورن" الذي عرف إلى جانب نشاطه الإبداعي الأدبي، بمواقفه الرافضة للاستعمار الحديث وللحرب وللتسلح النووي وبناء المفاعل الذرية ...وتخريب البيئة ومكننة الإنسان، وهذا ما حدى به إلى تدوين العديد من الروايات التي ركز فيها جل اهتمامه على دراسة وتحليل المجتمع الألماني، وهو في هذه الرواية "التزوير" ينظر إلى ابعد من ألمانيا ليدون مأساة ومهزلة الحرب في لبنان، مختاراً زاوية مثالية لمراقبة الحدث الخارجي وتفحصه وتحليله، فهو ينظر ومن خلال "جورج لاشن" الشخصية المركزية في الرواية إلى أبعد من مجريات الحرب إلى أبعادها وأطرافها المتنازعون من المسلمين والمسيحيين والدروز والفلسطينيين باعتبارهم مشتركين في جريمة واحدة، ولطالما حملوا السلاح ضد بعضهم البعض.
وبعض النظر عمّا يدعونه من انتماء إلى أصول وأعراق مختلفة، إنهم يبقون، حسب تصوره، عرباً يقتلون عرباً دون دوافع وأسباب عملية يمكن على الأقل الاستناد إليها منطقياً، فتتحول الحرب كلها إلى سجال بائس وغبيّ بين قوى وشخصيات فاسدة روحياً ومتعطشة للدماء.
"جورج لاشن" الشخصية المركزية في الرواية مراسل صحفي، بعثته إحدى الصحف الصادرة في هامبورغ إلى بيروت لتغطية أحداث الحرب، وشيئاً فشيئاً تتحول مهمة لاشن إلى نوع غريب من قراءة وإعادة اكتشاف الإنسان من الداخل والخارج عبر تداعيات الحرب الأهلية. فتنشأ على ضوء ذلك علاقة طردية عجيبة مع الأحزاب والقوى والمنظمات المتحاربة من ناحية ومع المصالح السياسية والاقتصادية والدينية للجهات الخارجية من ناحية أخرى.
وبين هذه وتلك تتأرجح المصائر البشرية الصغيرة للناس الأبرياء والمخدوعين أولئك الذين انخرطوا في أعمال القتل والبطش والانتقام وحرق الناس الأحياء عن وعي تام. لكن ما يثير الاهتمام في الرواية هو ليس أحداث الحرب ذاتها، على أهميتها، إنما المغامرة الروحية العميقة التي يعيشها البطل والاتهامات الكبيرة الموجهة للماضي والتاريخ والدين والسياسة والمشاعر الإنسانية التي تصل إلى الشك بالإنسان نفسه وبإرادته وبقدراته العقلية، إنها فعلاً رواية لكشف الزيف والخداع في النفس البشرية وفي حرقة الحرب وفي الأخلاق والمبادئ المدعاة وفي مهنة الصحافة التزويرية الكاذبة... تستعرض الرواية وقائع ملموسة مروعة، تتحدث عن نفسها بالأسماء والأماكن والتواريخ الصريحة.نبذة الناشر:لقد تمّ الإحتفاء بهذه الرواية حال صدورها في العام 1979، بوصفها رواية ألمانية صرفة، وقد يكون هذا الرأي صحيحاً إلى حد ما، لأن منظورها وأسلوبها وبناءها والعقلية التي وقفت وراء أفكارها كلها ألمانية، لكن الرسالة، إن كانت هناك رسالة عامة للأدب الحديث، لم تكن موجهة إلى العرب بدرجة أساسية، إذ أنهم هم المعنيون بموضوعة الحرب، لتتوفر لهم فرصة جيدة للنظر إلى أنفسهم بمنظار الآخرين. ولا أعتقد أن الرواية تحمل بهذا المعنى موعظة أو حكمة، إنما إعادة صياغة وتركيب لأحداث حاسمة عشناها نحن بأنفسنا وقتلت منّا الكثير وحطمت أجمل مدينة عرفها العرب في تاريخهم الحديث. إقرأ المزيد