القاضي عياض وجهوده في علمي الحديث ؛ رواية ودراية
(0)    
المرتبة: 94,865
تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: دار ابن حزم
نبذة نيل وفرات:تعتبر الرحلة بالنسبة لأهل المغرب والأندلس أمراً محتوماً خاصة إلى مهبط الوحي . مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى مدن المشرق بصفة عامة . لذا فقد ضربوا في باب الإرتحال بسهم وافر وكان الواحد منهم يسمع عند أهل بلده أولاً ، ثم بعد ذلك يرحل إلى الشرق ليستزيد ...من السماع . ولأن موطأ الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه ، كان أول كتاب يصل إلى المغرب والأندلس ، فقد تمذهب القوم على مذهب الإمام مالك ، وقد عنوا بالموطأ دراسة وسماعاً ثم شرحاً واختصاراً ، على أن عنايتهم بالموطأ لم تكن لتصرفهم عن غيره من المصنفات في الحديث ، وعن الرحلة في طلب الحديث في كل مكان . فنبغ منهم الحفّاظ الذين تتلمذوا على مشايخهم في الشرق وصنفوا المؤلفات الجياد ، كما صنّفوا في المساند ، وخير مثال لهذا النوع من التصنيف هو مسند الإمام بقي بن مخلد . كما صنفوا في أحادث الأحكام ، والأحاديث القدسية ، والمسلسلات والموضوعات ، والعلل والزوائد ، وغريب الحديث ، وفي آداب السماع ، وطريقة السماع ، وتخريج الأحاديث . وقد أحصى لهم صاحب مدرسة الحديث في الأندلس ما يقارب سبعمائة مصنف في مختلف العلوم . وقد ملأ بقي بن مخلد الأندلس حديثاً ، وأرسى للحديث مكانة بقرطة . وقد جاء بعد طبقته سعيد بن عثمان النجيبي الأعناقي الذي كان عالماً فذاً في الحديث وعلله ، ومحدث الأندلس أبو عبد الله محمد بن فطيس بن واصل النافقي ، وأبو الحزم بن مسرة الذي كان عالماً باللغة والحديث ، وأبو القاسم بن أصبغ الذي رحل وسمع .. ثم جاء عبد الله بن ابراهيم بن محمد الأصيلي من كبار أهل الحديث والفقه ، وكانت له رحلة .. ثم جاء الكثيرون ممن برعوا في العلوم وحديثه لتأتي من ثم طبقة الحافظ ابو علي الصرفي المعروف بإبن سكرة والذي كان بحراً من بحور العلم ... والعلاّمة إبن رشد ، وأبو بكر إبن العربي ، والحسين بن محمد الغساني شيوخ القاضي عياض ثم .. جاء القاضي عياض .. وهو الإمام الحافظ القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصبي السني . وقد أجمع المترجمون للقاضي عياض على أن مولده كان في سنة 476 ه في مدينة سبنة . ونشأ في بيت علم ودين ، وتلقى العلم ، أول ما تلقاه - عن شيوخها . فبدأ يحفظ كتاب الله حتى أتقنه ، ثم طلب الحديث والفقه وتتلمذ على أعلام سبنة في وقته ، فكانت سبنة مفش كثير من العلماء الذين يجتازون بها ، سواء الوارد من الأندلس للمغرب ، أو القادم من المشرق إلى المغرب . وقد تتلمذ القاضي عياض على كثير من هؤلاء أيضاً . وقد حباه الله تعالى بملكة ذهنية نادرة ، قوامها الذكاء الحاد وسرعة الإستيعاب لما يقرأ ، الأمر الذي جعل سمة الذكاء ملازمة له ، ولذلك تعاور في وصفه بها المرجمون له . فقد وصفه بها معاصروه إبن بشكوال فقال في ترجمته ( ... من أهل التفنن في العلم والذكاء ، واليقظة ، والفهم ) . أخذ القاضي العلم من أشياخه بقرطبة ، وحقق عليهم العلم ، ثم رحل رحلته إلى شيخه الصدفي التي كملت بها شخصيته كحافظ ، فقد سمع من الصدفي الكثير من أمد يسير وعارض على أصوله محققاً لسماعه ، وما عاد إلى بلده حتى أجازه الأعلام إجازات علمية جعلته مكان الصدارة في العلم في سبنه ، بل في المغرب العربي كله . ثم رحل القاضي للقضاء في غرناطة ، وكانت مدته فيها على قصرها بين درس وسماع . هذا ويعتبر القاضي عياض من مشاهير علماء المسلمين في المشرق والمغرب على السواء . وقد اتفق المؤرخون لحياة القاضي عياض والمترجمون له على أنه توفي في عام 544 ه في مراكش ، مخلّفاً مؤلفات كثيرة ، فقد كان موسوعة في المعارف الإسلامية كلها . فقد كانت مؤلفاته في : الحديث وعلومه ، في الفقه والأحكام ، في التاريخ ، وفي مواضيع متنوعة أخرى ، من مثل كتاب ديوان خطبه ، وفي أدب الرسائل والمخاطبات ، وفي العقيدة ، كما كان له ديوان شعره . من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتضمن دراسة ، جاءت حول القاضي عياض وعن جهوده في علمي الحديث : رواية ودراية . وأما النهج الذي اتبعه الباحث ، فقد عمد إلى تقسيم هذه الدراسة إلى تمهيد وثلاثة أبواب ثم خاتمة . جاء التمهيد حول جهود العلماء سلفاً وخلفاً في حفظ السنة ونشرها ليتبع ذلك الباب الأول الذي دار الحديث فيه عن شخصية القاضي عياض وحياته ، وليتم تخصيص الباب الثاني للحديث عن جهود القاضي عياض في علم الرواية ، أما جهود القاضي عياض في علم الدراية فقد تم الحديث عنه في الباب الثالث من هذه الدراسة التي تم تذييلها بنماذج من مخطوطات كتب القاضي عياض في الحديث . إقرأ المزيد