تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. وهي الغاية المحبوبة لله والمرضية له، التي خلق الخلق لها. والدين كله داخل في العبادة وهو يتضمن من الخضوع والذل، ندين الله عبادته وطاعته والخضوع له والعبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن ...غاية الذل لله بغاية المحبة له، فإن آخر مراتب الحب هو التتيم، وأوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب، ثم الصبابة لانصباب القلب إليه، ثم القوام وهو الحب اللازم للقلب، ثم العشق، وآخرها التتيم يقال "يتيم الله" أي عبد الله، فالمتيم المعبد لمحبوبه، ومن خضع لإنسان مع بغضه له فلا يكون عابداً، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له كما قد يجب ولده وصديقه ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله. بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عقده أعظم من كل شيء، بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا لله، فكل ما أحب لغير الله فحجته فاسدة وما عظم بغير تعظيم الله كان تعظيمه باطلاً.
وأما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا يكون إلا لله وحده. فإذا عرف العبد أن الله ربه وخالقه وأنه مفتقر إليه ومحتاج إليه عرف عبوديته المتعلقة بربوبية الله، وهذا العبد يسأل ربه وخالقه وأنه مفتقر إليه ومحتاج إليه عرف عبوديته المتعلقة بربوبية الله، وهذا العبد يسأل ربه ويتصرع إليه ويتوكل عليه لكنه قد يطيع أمره وقد يعصيه، وقد يعيده مع ذلك وقد يعبد الشيطان والأصنام، ومثل هذه العبودية لا تفرق بين أهل الجنة وأهل النار ولا يصيد بها الرجل مؤمناً.
فالمشركين كانوا يقرون أن الله خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره. وهكذا يمضي شيخ الإسلام ابن تيمية في موضوعه في تعريف العبودية ومناقشة مسائلها على ضوء آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وسير الصحابة، مدعماً الدليل بالحجة والبرهان، وذلك كله ضمن أسلوب عقلاني ونفحات روحانية. وقد كان منطلقة في بحثه هذا سؤال سئل عنه شيخ الإسلام عن قوله عز وجل (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) فعمد ابن تيمية أولاً إلى ذكر ماهية العبودية وفروعها، ذاكراً من ثم التواصل المحتم بين الدين والعبادة، مبيناً حقيقة لعبودية وترتيبها في المقامات الروحانية. إقرأ المزيد