تاريخ النشر: 01/01/1990
الناشر: منشورات مركز الإنماء القومي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يعتبر هذا الكتاب من أهم ما ألف في تاريخ علم الحياة الخاصة، وفي تاريخ العلوم الحديثة والمعاصرة عامة. بل عده البعض أبرز ما كتب في هذا المجال حتى الآن، إن لم يكن على الإطلاق. ولا تكمن أهميته فقط فيما يتضمنه من حقائق علمية، ولا فيما يعرض فيه من كشوفات ...بيولوجية راهنة، وإنما تكمن بالدرجة الأولى في طريقة المؤلف بالتأريخ لعلم الحياة، وفي مفهومه لهذا العلم، وللعلم والفكر عامة، كما تكمن في محاولته تفسير النتائج التي أقرها العلماء بشأن الظاهرات الحية، وفي نظرته إلى العالم الحي جملة.
وفيما يختص بطريقة تناول تاريخ العلوم يلاحظ قارئ هذا الكتاب أن جاكوب لا ينهج في بحثه النهج التقليدي المعروف، ونعني به المنهج النشوئي التطوري الذي يهتم أصحابه بالتفتيش عن أصول الأفكار والنظريات، أو بالبحث عن كيفية تعاقب المفاهيم وتطورها، أو بتبيان كيفية تراكم المعارف وتصحيحها، بل هو ينهج نهجاً آخر قوامه استكشاف الحقل الذي يجعل ممكناً، في عصر من العصور، تحليل الموضوعات، وتفسير المشاهدات، واستغلال التقنيات والأدوات. إنه يهتم بالبحث عن الشكل المهيمن الذي ينتظم المعارف والخطابات، وينقب عن النظام المعرفي الذي يتيح للمنطق أن يفعل وينتج، وللمفاهيم أن تتبلور وتتضح، وللميادين العلمية أن تتكون وتتميز. ومعلوم أن هذا المنهج يختلف اختلافاً كلياً عن المنهج السابق.
إنه منهج حفري إذا صح التعبير، وهو المنهج الذي ابتدعه الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو وامتاز به، وكان هذا الأخير قد أثنى على كتاب "منطق العالم الحي، حين صدوره، أعظم الثناء، إذ قال عنه بأنه يمثل محاولة كبرى تدعونا إلى "تعلم التفكير من جديد". والحال، فإن هذا الكتاب يحملنا على اختبار مناهجنا في البحث، وعلى مراجعة مفهومنا لتاريخ العلوم والأفكار، بل هو يحضنا على تغيير طريقتنا في التفكير، من هنا أهميته المنهجية.
هذا، من حيث المنهج، أما من حيث الرؤية، فإن جاكوب يتعدى في كتابه هذا النشاط العلمي الصرف إلى ما وراءه. إذ هو يحاول أن يفسر ما كشف لنا عنه العلم اليوم في دراسة الكائنات الحية. ومن يقرأ الكتاب يقف، فعلاً على قراءة للنتائج التي أوصل إليها البحث العلمي الاختباري، وتطالعه، حقاً، نظرة معينة إلى العالم الحي، كما يتجلى ذلك، بشكل خاص، من خلال مفهومين مركزيين، يشكل الأول منهما موضوع مقدمة الكتاب، والثاني موضوع خلاصته، ألا وهما "البرنامج" و"الأكمولة".نبذة الناشر:لقد فقد علم الحياة، اليوم، عدداً من أوهامه، شأنه بذلك شأن سائر علوم الطبيعة. فهو لم يعد يبحث عن الحقيقة، بل يقوم ببناء حقيقته الخاصة. من هنا يبدو الواقع عبارة عن توازن لا يستقر أبداً. ففي دراسة الكائنات يكشف لنا التاريخ، بجلاء، عن ذبذبات تتتالى، عن حركة تتردد بين المتصل والمنفصل، بين البنية والوظيفة، بين تماثل الظواهر وتنوع الكائنات. وهندسة الحي إنما تنبثق، شيئاً فشيئاً، عن هذا التأرجح. وهي تنكشف دوماً في طبقات مطمورة بصورة أكثر فأكثر عمقاً. ولهذا، فالمطلوب في العالم الحي، كما في غيره، يتمثل دائماً في "شرح المرئي المعقد باللامرئي البسيط"، على حد قول جان بيران. ولكن اللامرئي في الكائنات هو، كاللامرئي في الأشياء، ذو أدراج. فالحي لا يملك تنظيماً واحداً وحسب، بل سلسلة تنظيمات يغلف بعضها بعضاً، تماماً كالدمى الروسية. وراء كل تنظيم يختبئ تنظيم آخر. وبعد كل بنية يبلغها التحليل تنكشف بنية جديدة، ذات رتبة أعلى تقف وراء تكامل الأولى وتمنحها خصائصها. ولا نبلغ هذه إلآ بقلب تلك وتفكيك حيز الجسم الحي من أجل إعادة تركيبه وفقاً لقوانين جديدة. وكل مستوى من مستويات التنظيم ينكشف على هذا النحو يقتضي طريقة جديدة في النظر إلى تكوين الكائنات الحية". إقرأ المزيد