تاريخ النشر: 01/01/1991
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:"في الساعة السابعة من مساء الخميس 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989، أعلنت حكومة ألمانيا الشرقية فتح الحدود مع ألمانيا الغربية، وكل البوابات في جدار برلين، لمواطنيها الراغبين في الهجرة أو السفر، وكان ذلك للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
بعد نحو ساعتين (الساعة 9.25 تماماً) كانت الثغرة الأولى في ...الجدار فتحت، عند نقطة العبور "بورنهولمر ستراس" و... عبر زوجان شابان إلى الغرب، واندفعت في أثرهما عاصفة بشرية تتزاحم للعبور.
"زال الجدار! زال الجدار!"
...صيحات انطلقت في شطري عاصمة الرايخ الثالث، وتجمع الألوف عند سور الإسمنت الرمادي، وتحديداً عند بوابه براندنبرغ الشهيرة، حيث أقيم أكبر احتفال شعبي عرفته ألمانيا منذ خسارتها الحرب".
من المفارقات أن صحيفة "الحياة كانت أنهت لتوها في تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 إعادة نشر رحلة "بيروت-برلين-بيروت" التي كان كامل مروة كتب الجزء الأول منها عام 1946. وكانت المناسبة التي دعت إدارة الصحيفة إلى إعادة نشر هذه المذكرات، الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب العالمية الثانية. ولكن من كان يدري يومذاك أن الذكرى ستتحول ثورة، فينهار جدار برلين، وتكتمل الحلقة، وتعود ألمانيا واحدة، وتعود معها أوروبا إلى النظام السياسي-الجغرافي الذي كان يسودها في السابق؟
"بيروت-برلين-بيروت" هي خريطة لذلك النظام الدولي القديم الجديد ووثيقة للقوانين السياسية التي حكمت المنطقة الممتدة بين بيروت وبرلين، بدءاً بالمشرق العربي الممزق، ومروراً بتركيا القلقة والبلقان المتفجر، ووصلاً إلى الدولة الألمانية العظمى.
وهي إلى ذلك مرجع قيم للتفكير السياسي الذي طبع ما يسمى "الرعيل العربي الأول"، الذي تأثر بـ"المعجزة" الألمانية، وتحالف مع أسيادها لمحاربة الانتدابات الفرنسية والبريطانية في المنطقة، ثم هاجر إلى دول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية، ليعود بانطباعات عميقة أثرت في نظرته إلى طبيعة العالم العربي، وجعلته أشد قلقاً وتوتراً مما تخبئة الأيام له، وتبيته العلاقات الدولية لمستقبله.
ثم أن "بيروت-برلين-بيروت" هي في جزئها الثاني جولة فريدة في برلين الخمسينات، المتجلدة برياح الحرب الباردة، والمنقسمة شطرين، والهاجسة على رغم كل الاحباطات بإعادة التوحيد. واللافت أن كامل مروة ختم الفصل الأخير من رحلته عام 1959 بالقول: "إن هذه التجزئة) تصلح لفترة قصيرة، ولكنها لا يمكن أن تخلد. وما دامت ألمانيا ممزقة، فلن يعرف العالم أية راحة" وقد صحت "نبوءة" الوحدة، ويبقى أن يعرف العالم الاستقرار. إقرأ المزيد