تاريخ النشر: 01/12/2002
الناشر: دار نلسن
نبذة الناشر:في هذا الكتاب لا يخرج فؤاد رفقة على خطِّه الشعري، وأقول "دربه". بل أقول إنه يعبِّدها بشغف الغنائيين ورثاء الرومانسيين الحالمين والودعاء القلوب، شأنه شأن الغارقين في التأمل الطقوسي والفلسفي في أحوال الذات والكون، على تعبيراتٍ تقترب من أولئك الذين يصلُّون ويرفعون الأدعية، أو الذين يرسلون الأبخرة، فتتصاعد نظراتُها بلطف ...روحاني متخلِّص من الصوت المجلجل. ففؤاد رفقة يُخلِص لمكانه وللغته، ويزداد ولعًا بطبيعة العوالم الحميمة والذكريات والطفولة التي تتألف منها حياتُه الشعرية. عوالم ذات معجم لغوي وشعري أليف، يتشكَّل، في غالبيته، من دلالات الأرض والطبيعة والتأمل والصلاة والغناء، على سلاسة لا تتحمَّل أوزارًا تُعمي الرؤية أو تعتِّم السبيل.
وإذ يمعن المغنِّي في السير صيَّادًا في البراري والقفار، حاملاً وتره ونشيده، فإنه يروي حكاية (أو يرثي) الرماد والجسد والأرض والطفولة والحبَّ والحلم والرجوع والشعر. وإذا كان ينزل إلى "وادي الطقوس" فلا بدَّ أنه حاملٌ معه في نزوله العُدَّة التي تُشعِر القارئ بالأزمنة المتقادمة، حيث معبدٌ وكاهنات وطقوس جنائزية ودخان محرقات وأصوات وصدًى يعبر الليل حتى تخوم الراحلين. حتى لكأنَّ فضاء النشيد يصير مسرحًا يتداوله المنشدون بألبستهم الأثيرية وأجسادهم المتفلِّتة من قيود الأعمار.
أكثر ما يبرق في هذا الكتاب الشعورُ بانقضاء الوقت والرحيل وعدم العودة. فثمة الذين خرجوا بالقوس والنشَّاب، وبالمجاذيف والأشرعة، وبالمناجل والحراب، وبالقناديل والشموع – هؤلاء جميعًا سافروا إلى الصيد في القفار والأنواء والكهوف والأغوار – ولم يعودوا. هؤلاء هم الرفاق الذين خرجوا بالأناشيد والأوتار إلى الصيد، إلى معابر الأنهار – وهاجروا. هم الأنسام والآلهة القديمة، وقد تناثروا كالمرايا، كنفخة ريح بين الجبال. فهل من لغة لهذا سوى المراثي لتعداد السنابل التي كانها الرفاق، خفَّاقةً بين السماء والأرض، فكانوا اللغات وكانوا الجسور. إقرأ المزيد